رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أردوغان «يتمسح» بتاريخ أتاتورك

سيد عبد المجيد
أردوغان وخلفه صورة لأتاتورك

 الأتاتوركية ، مصطلح كاد يندثر أو كان يراد له الفناء والعدم، لكنه عاد بقوة ، والنخبة لاحديث لها الآن إلا عن صاحبه مصطفى كمال أتاتورك ، والفضل يعود للآلاف من كل الأعمار، الذين زحفوا على قبره وهياكله المنصوبة بكل ميادين البلاد فى ذكرى وفاته التاسعة السبعين، لا يكتفون بوضع الورد وإنما ليؤكدوا له أنه باق رمزا خالدا لأمتهم، طال الزمن أو قصر، وأيضا ليدحضوا كيد الحاقدين الذين سعوا وبإصرار لمحوه، أو على الأقل التقليل من شأنه ، يقودهم الذى شاءت له الأقدار أن يتبوأ ذات المنصب الذى كان أول من شغله هو مؤسس الجمهورية التركية.المثير أنه هو نفسه يعود إليه بخفى حنين بعد أن فشل فى هدمه، متمسحا به مستنجدا ومستغيثا ، معلنا أمامه وعلى الملأ معينك لن ينضب قائلا « فالعمل يتواصل ليلا ونهارا لإيصال تركيا إلى مصاف الحضارة المعاصرة التى نعتبرها واحدة من أهم الموروثات التى تركها لنا أتاتورك» وعلى الفور جاءه الرد حاسما من خصومه ـ وكم هم كثرا ـ، منذ متى هذا التعظيم والتقدير ؟ ثم راحوا يذكرونه بأفعاله ونياته الحقيقية. لقد تم اختياره انطلاقا من معايير الديمقراطية ومبادئ فصل الدين عن الدولة التى لم ينتقدها قط فى مستهل صعوده ، وما إن استقر معتليا سدة الحكم قبل خمسة عشرة عاما شرع بتطبيق ما جاهد على إخفائه وبصورة ممنهجة ومتدرجة ظهر نزوعه الانتقامى ، لطمس الأسس التى بفضلها دخل معترك السياسة وجنبته العزل والإقصاء ودفعته دفعا كى يتولى رئاسة الوزراء، وهو المنصب الذى حفظه له رفيق دربه عبد الله جول . ولم يكن رجب طيب أردوغان وحده، بيد أنه شاركه عدد من الشخصيات التى تسير على نفس قناعاته الايديولوجية وأسست معه حزب العدالة وهؤلاء بدورهم انتظروا طويلا وعلى أحر من الجمر الفرصة التى باتت مواتية للانقضاض على «العلمنة الكافرة» و«وبث الحياة من جديد في» الإمبراطورية العثمانية» المنقضية وغير المأسوف عليها. وعلى صعيد فسيفساء الأعراق والإثنيات التى تموج بها هضبة الأناضول لم يفلحوا فى اختراق العلويين ، فبدأوا يوغرون فى صدور الأكراد يملؤها غلا ضد الكمالية باعتبارها وبالا عليهم وعلى قضيتهم. وفى البداية وبحجج واهية تم استبدال وجه من العملات الورقية التى تسيدها مؤسس الجمهورية وبانى نهضتها الحديثة ، بوضع أخرى لا يتذكرها أحد. وفى التعليم الأساسى والثانوى ألغت الوزارة المسئولة جميع المواضيع المتعلقة ببطل الاستقلال، حتى الجامعى لم يسلم من سمومهم الرجعية البغيضة التى راحت تعبث بقيم الاستنارة التى تم إرساؤها بعد القضاء على رجل أوروبا الظلامى المريض، ولم يكن هناك تفسير سوى أن الهدف كما قالت المعارضة آنذاك « هو قتل الروح النقدية وإعمال العقل لتحل محلها أجيال تابعة منساقة لأولى الأمر» . أتاتورك إذن كان هو الهدف الأكبر للمتأسلمين الجدد الذين صارو يجهرون بمرجعياتهم الدينية، وجل أهتمامهم تمحور حول الكيفية التى بمقتضاها يتخلصون من كاريزمته الطاغية والأهم ميراثه «التغريبى الدخيل» .وأمام أجهزة الأمن التى صدرت التعليمات لها بغض الطرف والوقوف بعيدا اعتقادا أنه الحياد المطلوب فى حال نشب شجار بين الفرقاء، فمباركة من منابر الأسلمة التى انتشرت كالنار فى الهشيم بعموم البلاد ، وأغدق عليها الأموال الطائلة من الخزانة العامة للدولة ، تحركت عناصر بإيعاز من ميليشيات تابعة للحزب الحاكم ، صوب تماثيل « رمز الحداثة « لتحطيمها لأنها أصنام نهى عنها الشرع الحنيف وتم انتقاء الأماكن بعناية، خصوصا تلك البعيدة عن المدن الكبرى وفيها تتوارى أعين الميديا التى لم يكن قد تمت السيطرة الاردوغانية الكاملة عليها بعد.فى المقابل أعتقد كثيرون أن تلك الاعتداءات ما هى إلا محاولات فردية لا تشكل ظاهرة ، لكن مع مرور الوقت وتكرارها ، اكتشفوا أن وراءها رجال دين مدعومين من ساسة نافذين دلل على ذلك أن المعتدين لا أحد يسألهم رغم أن ما اقترفوه من جريمة يعاقب عليها القانون. وهنا بدا الانتباه ، وفى آخر واقعة والتى كان مسرحها مدينة سكاريا المطلة على البحر الأسود وتبعد 120 كيلومترا عن اسطنبول هبت جموع غفيرة من المواطنين ليحيطوا بمهاجمين كانا يحملان مناجل قبل أن يتمكنا من تحطيم الهيكل البرونزى لأتاتورك الذى يتوسط الميدان ، وتلك كانت ضربة لم يتوقعها المحرضون الذين كانوا يراقبون المشهد عن كثب ، وطبيعى تجنب الإعلام الموالى ( وهو الغالب ) مرئيا ومقروءا ومسموعا، تسليط الضوء على الحدث ليس حبا فى أتاتورك ، فقط كى لا تظهر اللقطات التى عسكت رد فعل البسطاء العفوى والغاضب الذين هالهم أن يحدث ذلك لفخر جمهوريتهم. صحيح سيسب أحد من مشاركين فى برنامج حوارى بث على التليفزيون الحكومى ، أتاتورك وكما هى العادة لن يجازى على فعلته، إلا أن الأمر لم يمر مرور الكرام فانهالت تعليقات المشاهدين شاجبة ومنددة متهمة القائمين على الشبكة الفضائية بالتواطؤ وها هو أردوغان وزمرته يصطدمون بإرادة الجماهير التى تجلت أولا فى العيد الرابع والتسعين لميلاد الجمهورية وثانيا بهذا المشهد الأسطورى فى العاشر من نوفمبر. ومحاولة أردوغان أن يكون فى قلب الأخير، اعتبرتها المعارضة خطوة متأخرة، يغلب عليها النفاق والتزلف، وهو الذى كان يتعمد الوجود خارج الوطن فى تلك الذكري، والتغير الحاصل تفسيره بسيط ألا وهو التشبث بأهداب السلطة التى تتآكل وتنسحب من تحت قدميه شيئا فشيئا، يؤكد ذلك استطلاعات الرأى التى تجريها مراكز أبحاث تابعة لحزبه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 2
    محمود يوسف محمد عليِ
    2017/11/16 09:23
    3-
    0+

    هذا هو أتاتورك الحقيقي
    في تسعينات القرن الماضي قام د.يونان لبيب رزق بكتابة سلسلة "ديوان الحياه المعاصره" في الأهرام ومن ضمن ماكتبه هو ماذكره سفير بريطانيا في تركيا عن مقابلته لأتاتورك في مرض الموت.قال السفير البريطاني أن أتاتورك كان يرغب في أن يواي السفير البريطاني حكم تركيا خلفاً له!!!هذا هو أتاتورك الحقيقي يا ا/سيد,أتاتورك الذي منع الآذان بالعربيه وجعله بالتركيه!!!
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 1
    ابو العز
    2017/11/16 08:41
    0-
    2+

    الشعب التركي ادرى بطريقه وبعيدا عن الاردوغانية السياسية .
    سماع صوت مؤذن من على مئذنة امر يبعث البهجة والسرور بالنفس هناك في تركيا . وإذا كان البعض يناصر المنهج الاتاتوركي , فلا اقله من ان يبقى اصحاب القلوب المؤمنة ماضون في طريق الحفاظ على هذا البلد تحت مظلة الاسلام العظيم و بعيدا عن من يختبؤون تحت مظلات العولمة والتحضر واقفال الجوامع .
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق