-
تأخرنا كثيرا فى تطبيق نظام تأمينى صحى متكامل.. والتأجيل ليس فى مصلحة المواطن
-
سنبدأ بالمحافظات الأكثر جاهزية .. وتحصيل الاشتراكات مع بدء الحصول على الخدمة
-
قاعدة بيانات متكاملة عن غير القادرين لتحديد المستفيدين
-
النظام الجديد له ذمة مالية مستقلة عن الدولة وأمواله ملك المؤمن عليهم
-
نضع فى اعتبارنا تحديات التطبيق وهناك برامج لمواجهتها
-
لن يكون هناك خصخصة للمستشفيات
مرحلة جديدة ستشهدها منظومة الصحة فى مصر، وذلك بعد انطلاق مناقشات مشروع قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل الجديد، الذى تشمل مظلته لأول مرة جميع فئات المجتمع، بغض النظر عن وجود نظم تأمينية خاصة لفئات بعينها من عدمه.
وهناك الكثير من التساؤلات التى طرحها مشروع القانون عند الإعلان عنه، من بينها من هم المستفيدون، ومن أين ستأتى الاموال الخاصة بتغطية تكلفة المشروع، وكيف ستتعامل الدولة مع النظم التأمينية القائمة، وهل سيتم خصخصة المستشفيات، وما هو دور العيادات الخاصة فى المنظومة الجديدة، وهل سيتحمل المواطن اعباء اضافية مع بدء التطبيق، ولماذا تم اختيار محافظات بعينها لبدء تطبيق المشروع تدريجيا، والتحديات التى ستواجه الدولة مع بدء التطبيق، والمدة الزمنية اللازمة لاستكمال المنظومة وتغطية جميع محافظات الجمهورية.
والعديد من التساؤلات التى حرصنا على طرحها على المسئول عن ملف التأمين الصحى الشامل، وهو الدكتور محمد معيط نائب وزير المالية، للتعرف منه على مزايا القانون ودوافع الحكومة لسرعة بدء العمل به.
فى بداية الحوار، اكد الدكتور معيط أن تكلفة النظام الجديد تقدر بنحو 600 مليار جنيه، ستتحمل الدولة منها 200 مليار جنيه عن غير القادرين، مشددا على أنه لن يضيف أى أعباء جديدة على المواطنين.
كما أكد ضرورة التعرف اولا على مشكلات النظام الصحى الحالى حتى نتعرف على اهم مزايا المشروع المقترح. فالنظام القائم حاليا يضم نحو 54 مليون مواطن مسجلين فى التأمين الصحي، وتقدر الميزانية المخصصة لهم فى العام المالى الحالى نحو 6٫5 مليار جنيه، ويقدر متوسط استفادة المشترك فى النظام القائم بنحو 110 جنيهات سنويا، مقابل تمتع المستفيد فى النظام الجديد بخدمات تقدر قيمتها بنحو 1300 جنيه سنويا فى السنة الاولى للتطبيق قابلة للزيادة سنويا، وهى تمثل زيادة بنحو 12٫5 ضعف قيمة ما يقدم من خدمات، وطبيعى ان تشهد مستوى الخدمة المقدمة تميزا عما هو قائم حاليا.
يتساءل المواطن.. لماذا لم يتم تطوير النظام القائم بدلا من الاتجاه الى نظم جديدة قد تستغرق بعض الوقت؟
الوضع الحالى فشل فى تأدية دوره وتقديم خدمة جيدة للمواطن فهو يرجع لعام 1964، أى منذ اكثر من 53 عاما، ولم ينجح فى تقديم الخدمة الصحية الملائمة لجميع المواطنين، وهناك تضارب كبير فى النظم المعمول بها حيث تختلف من جهة الى اخرى فى نظم الاشتراكات او مستوى تقديم الخدمة، لذلك كان من الضرورى لضمان تحقيق عدالة الخدمة لجميع المواطنين، ان يتم توحيد النظم التأمينية، فالنظام الحالى يتضمن 4 قوانين تأمينات اجتماعية، منها قانون واحد فقط يتضمن تأمينا صحيا.
وايضا فى ظل النظام الحالى تعد مصر من اعلى دول العالم فى تغطية تكاليف الرعاية الطبية من جيوب المواطنين مباشرة، والتى تزيد على 60% من اجمالى الإنفاق على الصحة فى مصر، ومن المتوقع مع النظام الجديد ان تنخفض هذه النسبة الى اقل من 25%.
ومن عيوب النظام الحالى ايضا انه ادى الى تخارج اكثر من مليونى مواطن من نظام التأمين الصحي. كما ان اكثر من 65% من الانفاق الحكومى على الصحة يذهب الى اجور ومرتبات العاملين، وطبقا للمعايير العالمية فالمفترض ان تتراوح بين 35 و40% على اقصى تقدير، فى حين ان الانفاق على المستلزمات الطبية فى النظام الحالى لايتعدى 15%، بينما فى النظم العالمية تصل هذه النسبة الى 40%، وهذا هو السبب الرئيسى فى تراجع جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
ولكن الناس تتساءل عن طول مدة التطبيق والتى قد تصل الى 10 سنوات؟
التشكيك فى طول المدة ظاهرة غير صحية، فنحن تأخرنا كثيرا فى تطبيق نظام تأمينى صحى متكامل، فلو كان قد تم تطبيقه منذ سنوات ماضية، لكان الامر افضل كثيرا، كما ان التأجيل لن يكون فى صالح المواطن، وان قرار بدء التطبيق يعد من القرارات الاصلاحية المهمة، ولايقل اهمية عن الكثير من القرارات التى تم اتخاذها أخيرا لتحقيق اصلاح اقتصادى شامل.
ماهى مزايا القانون المقترح؟
يهدف النظام الجديد إلى إيجاد منظومة صحية موحدة شاملة اكثر فاعلية وجودة فى تقديم خدمات الرعاية الصحية للمواطنين، واعاده توجيه موارد الدولة لتمويل اشتراكات ومساهمات غير القادرين كمستفيدين من النظام الجديد.
وهنا يجب ان نشير الى ان اهم مزايا المشروع المقترح الى جانب تحسين مستوى الخدمة الصحية المقدمة، هو اعفاء اصحاب الامراض المزمنة والاورام من تحمل اى مساهمات عند تلقى الخدمة، فضلا عن اعفاء اصحاب المعاشات غير القادرين نهائيا من تحمل اى مساهمات عند العلاج بصفة عامة، وسوف يتم تحديد غير القادر من اصحاب المعاشات وفقا لآلية يتضمنها القانون، علما بان نسبة مساهمة اصحاب المعاشات فى القانون الحالى هى 2% من قيمة المعاش، ولن يكون هناك اى عبء اضافى على اصحاب الدخول تحت الحد الاقصى للأجر التأمينى الحالى وهو 4 آلاف جنيه شهريا.
ماذا عن حصص العامل وصاحب العمل فى القانون المقترح؟
لن تكون هناك زيادة فى نسبة تحمل اصحاب الاعمال فى اشتراكات العاملين، حيث ان العامل سيتحمل 1% وصاحب العمل سيتحمل 4% وهى نفس نسبة التحمل فى القانون الحالي، حيث يتحمل 3% تأمينا ضد المرض و1% تأمين صاحب العمل، وتم توحيد النسبة فى القانون المقترح لتكون 4%.
متى سيتم بدء تطبيق النظام الجديد؟
سيتم تطبيق النظام الجديد تدريجيا على مراحل بحيث يتم البدء فى مجموعة المحافظات الاكثر جاهزية من حيث البنية التحتية، مع العمل على تحسين البنية التحتية لمحافظات المراحل التالية، لضمان تقديم الخدمات الصحية ذات الجودة العالية الى جميع المواطنين، وسيتم التطبيق الفعلى خلال 6 اشهر من تاريخ تطبيق القانون، وسيتم تطبيقه فى المرحلة الاولى انطلاقا من محافظات القناة، ولن يتم تحصيل اشتراكات من المواطنين الا بعد بدء تلقيهم الخدمة.
ماذا عن الفترة الانتقالية بين تطبيق النظام المقترح والنظام القائم؟
بالتوازى مع تطبيق النظام الجديد بمحافظات المرحلة الاولي، سيتم تدعيم ورفع كفاءة النظم الحالية لتجهيزها واعدادها، وبالتالى سيتم تحريك النظامين معا، حتى لايحدث فراغ فى تقديم الخدمة للمواطن مع التأكيد على الاهتمام بالعنصر البشرى من خلال التدريب والاعداد، وتحسين اوضاعهم المالية والادارية وتحسين بيئة العمل، حيث سيكون دور وزارة الصحة فى النظام الجديد هو وضع الإستراتجيات وتخطيط الصحة العامة والوقاية وجميع النظم الاخرى التى لاتخضع لمنظومة التأمين الصحى الشامل.
من المستفيد من النظام الجديد؟
سيتم تطبيقه على جميع فئات الشعب المصرى بهدف الوصول الى تغطية صحية شاملة مما يحقق مبدأ التكامل الاجتماعى، ومد مظلة الحماية التأمينية لتشمل حميع المواطنين فى نظام متكامل يقدم خدمة صحية رفيعة الجودة ويحقق الملاءة المالية، بحيث يقل اعتماد النظام الجديد على الخزانة العامة تدريجيا.
ومن اهم ملامح القانون الجديد وجود مفهوم طبيب الاسرة، فهو العمود الفقرى للنظام الجديد، وسيتم من خلال تطبيق القانون وجود طبيب للاسرة فى كل منطقة على مستوى الجمهورية، وسيكون هذا الطبيب هو اولى مراحل التعامل مع المنظومة الجديدة.
كما ان هناك قواعد للتعامل مع الفئات التى لديها دخل ولكن غير مسجلة او غير معروفة نتيجة انها غير موجودة فى نظام رسمى او وظيفة محددة.
تضمن المشروع المقترح مفهوما جديدا وهو ان الاسرة هى اساس التغطية وليس الفرد.. ماهو المقصود بهذا المفهوم الجديد؟
المقصود هو ان يكون جميع افراد الاسرة مؤمنا عليهم تأمينا صحيا شاملا، بداية من الزوج والزوجة، وفى حالة ما اذا كان اى منهما مؤمنا عليه خاصة الزوجة فى جهة عملها فلن يتحمل الزوج قيمة التأمين عليها مرة اخري، اما فى حالة عدم التأمين عليها فسيتم خصم 3% من اجره للتأمين على الزوجة و1% عن كل طفل، وفى الحالات التى ستتحملها الدولة عن غير القادرين ستتحمل الدولة عن كل فرد 5% فى الاسره، بمعنى انه اذا كان عدد افراد الاسرة 5 افراد غير قادرين ستتحمل الدولة النسبة كاملة عنه، وتقدر بنحو 25% من الحد الادنى للاجور المعلن عنه فى الدولة وتزداد هذه النسبة بنحو 7% سنويا.
و تم الانتهاء من وضع قاعدة بيانات متكاملة عن غير القادرين وموجودة حاليا فى وزارتى الانتاج الحربى والتضامن لتحديد من هم المستفيدون من كل النظم الاجتماعية التى تطبقها الدولة.
من اين ستأتى الاموال لتغطية النفقات على المشروع الجديد؟
التمويل يعتمد على 3 عناصر.. اولا الاشتراكات التى سيسددها العامل او صاحب العمل، وهى نسب من الاجر ستظل كما هى فى القانون الحالي، ولكن الاختلاف فى القانون المقترح هو ان الوعاء الذى ستحسب عليه نسبة التأمين للعامل وصاحب العمل هو الاجر الشامل، وليس الاجر التأميني، لان الاجر التأمينى ضعيف لايمكن ان يمول تأمينا صحيا.
وتقوم فلسفة القانون الجديد على ان صاحب الاجر الاعلى سيتحمل قيمة اشتراك اعلي، وذلك تطبيقا لمبدأ التكافل، فكلما كان الدخل بسيطا سيكون نسبة المساهمة ضعيفة.
والعنصر الثانى هو جزء من تمويل ما ستتحمله الدولة سيتم تدبيره من خلال الالغاء التدريجى للنظم والبرامج المطبقة حاليا، مثل برنامج العلاج على نفقة الدولة، والذى تصل تكلفته الى نحو 4 مليارات جنيه، وبرنامج علاج غير القادرين وتقدر تكلفته بنحو 3 مليارات جنيه، وبرنامج التأمين الصحى للمرأة المعيلة والتأمين الصحى لاطفال ما دون سن المدرسة واطفال المدارس والتى تتعدى تكلفتها السنوية اكثر من 1٫5 مليار جنيه من موازنة الدولة.
أما العنصر الثالث فهو العنصر الاهم فى توفير التمويل اللازم للنظام الجديد والذى جاء فى مشروع القانون المقترح تحت عنوان «الموارد الاضافية والمساهمات» والذى يتضمن ايرادات الضرائب على السجائر ومنتجات التبغ، وفرض رسم «جنيه» على الطرق السريعة، و5جنيهات على كل متر رخام وبورسلين، و20 جنيها على كل طن اسمنت و50 جنيها على كل طن جديد، الى جانب اضافة بعض الرسوم على تراخيص المستشفيات والعيادات الجديدة لمصلحة المشروع المقترح.
هل ستوضع اموال المشروع الجديد تحت تصرف الخزانة العامة؟
اموال النظام الجديد خارج الخزانة العامة للدولة، ولن يحق لنا التصرف فيها نهائيا، فهو نظام مستقل وله ذمة مالية مستقلة عن الدولة وهى اموال خاصة ملك المؤمن عليهم فى هذا النظام، ولن تكون ابدا جزءا من الموازنة العامة للدولة، لان ذلك سيكون وضعا غير قانوني، فضلا عن ان تشكيل مجالس الادارات الخاصة بالهيئات الثلاث المسئولة عن تطبيق القانون تتضمن تمثيلا متنوعا من مختلف فئات المجتمع للاشتراك فى الرقابة واتخاذ القرار.
ماهى اهم تحديات التطبيق؟
اولا الوعاء الذى سيطبق عليه الاشتراك، حاليا يتم تحصيل الاشتراك على الاجر التأميني، اما فى النظام الجديد فسيكون على الاجر الشامل، بالاضافة الى ضرورة ان يكون هناك بنية تحتية ونظم الكترونية جيدة، بالاضافة الى تحدى تطوير القطاع الصحى نفسه، بداية من الافراد حتى تطوير المنشآت، والامر ايضا يحتاج الى وضع نظم ولوائح مالية جاذبة للعاملين فى القطاع الصحى من اطباء وفنيين وممرضين.
وهناك قطاعات لابد من وضع آليات للتعامل معها فى ظل القانون الجديد، مثل شركات التأمين وشركات الرعاية الطبية وشركات ادارة الرعاية الطبية وشركات الادوية والصيدليات ونظم التعاقدات مع الاطباء والمستشفيات والعيادات الخاصة، بالاضافة الى نظام «الاستعاضة» والخاص بتحويل الفواتير، الى جانب نظام تحديد تسعير الخدمات الطبية. ومن ضمن التحديات التى تواجه النظام الجديد هو كيفية استعادة نحو مليونى مواطن تخارجوا من نظم التأمين الصحي.
وكيف ستتعاملون مع هذه التحديات؟
هناك خطة للتعامل مع كل تحد على حدة، ولكن سيظل التطبيق على الارض هو المحك، واذا كان البعض متخوفا من التطبيق، فلينظر الى تجربة مرفق الاسعاف الذى تم تطويره بشكل متكامل واصبح نموذجا واحدا على مستوى الجمهورية، وتم تطبيق هذا التطوير على مدى 10 سنوات.
وهنا أود أن أشير إلى ان وضع القوانين سهل، ولكن التطبيق على الارض هو الاهم وتحديات مراقبته وضمان تطبيقه والآليات التى سيتم وضعها للرقابة وضمان جودة تقديم الخدمات، وان يكون هناك تعاون مع جميع الاطراف لتحقيق النجاح، وان يكون هناك ايمان راسخ لدى الجميع ان مستقبل البلد فى الاستثمار فى البشر من خلال الصحة والتعليم.
هناك مخاوف من تهرب اصحاب الاعمال من الاشتراك فى المشروع المقترح، وبالتالى تأثر العاملين لديهم؟
النظام قائم على ان العامل سيكون اداة ضغط على صاحب العمل واجباره على التأمين الصحى عليه، حيث ان القانون المقترح يتضمن ان يكون المستند الدال على سداد اشتراكات التأمين الصحي، احد الشروط والمستندات المهمة اللازمة للحصول على باقى خدمات الدولة، مثل الحصول على رخص القيادة او السيارة وغيرها من الخدمات، وهى آلية مهمة لاجبار القطاع غير الرسمى على الانضمام الى القطاع الرسمي.
وماذا عن العيادات والمستشفيات والمستوصفات الخاصة القائمة حاليا؟
لن تكون هناك خصخصة للقطاع الصحى فى مصر، وجميع المستشفيات التابعة لوزارة الصحة وهيئاتها ستدخل ضمن الهيئة العامة للرعاية الصحية، وذلك بعد تحسينها ورفع كفاءتها لتكون متسقة مع المعايير المطبقة فى النظام الجديد، اما المستشفيات الجامعية والخاصة والتابعة لجهات اخرى مثل الجيش والشرطة والعيادات الخاصة، فليس للنظام الجديد علاقة بها، ولكن سيتم التعاقد معهم لشراء الخدمات فقط.
رابط دائم: