أنا سيدة على المعاش، كنت أشغل وظيفة حكومية، ومتزوجة من رجل يمتهن العمل الحر،
وأنجبنا ثلاثة أبناء، «ولدين وبنتا»، وتخرجوا جميعا، ويشغلون وظائف فى أكثر من جهة، وأكتب إليك عن ابنتى الوحيدة البالغة من العمر اثنين وعشرين عاما وهى جميلة، وتتمتع بالهدوء والجاذبية، و «روحها حلوة» كما يقولون، ولم أحمل لها همَّا حتى بلغت سن الخامسة عشرة من عمرها، إذ لم تأتها الدورة الشهرية كعادة البنات فى هذه السن، وعرضتها على أكثر من طبيب متخصص فى أمراض النساء والولادة، وجاءت الفحوص بالفجيعة التى أحالت حياتنا إلى نكد دائم، ولا تغيب الدموع عنا «أنا ووالدها»، إذ أكدت أنها ولدت بدون المبيضين، بمعنى أنها لن تنجب أبدا، أما هى من الناحية الجسدية فسليمة تماما، وتستطيع الزواج، وممارسة حياة طبيعية، ولكن بغير إنجاب، ولم نبح لها بهذا السر حتى لا تسوء نفسيتها أو يحدث لها مكروه، وجاءها عدد من العرسان، وكان زوجى ينتحى بكل عريس جانبا ويخبره بأمر ابنتنا فيذهب إلى غير رجعة، وآخرهم شاب من المنطقة التى نقطن بها، إن قلبى يتقطع فى اليوم مائة مرة، وصارت حياتنا نكدا دائما، ولا أدرى ماذا أفعل؟، فبماذا تنصحنا؟
< ولكاتبة هذه الرسالة أقول :
لا يد لنا فى الأقدار، وعلينا دائما أن نرضى بها لأنها حكم الله، فالحياة لا تتوقف على شىء، ولا تكتمل لأحد، ومسألة الإنجاب هبة من المولى عز وجل إن شاء أعطاها، وإن شاء منعها، وجاء ذلك بنص القرآن الكريم «لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ، أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ» (الشورى 49، 50)، وهناك شباب كثيرون ممن لهم ظروف مماثلة أو لا يرغبون فى الإنجاب لسبب أو لآخر يسعون للزواج من فتاة تتصف بصفات جميلة مما تتصف بها ابنتك، فلا تحزنى، إذ سيأتيها من تقر عيناها به، ومن المهم أن تتخيرى الوقت المناسب لإبلاغها بحالتها، حتى لا تفاجأ بها من الآخرين، فتكون العواقب وخيمة، وكلى ثقة فى أنها بما تتمتع به من رجاحة عقل سوف تتقبل هذا الأمر، وتكتب لنفسها صفحة جديدة من الحياة ملؤها التفاؤل والرضا بما قسمه الله عز وجل.
رابط دائم: