رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

التحرش .. بين الحقائق والمبالغات !
كيف يتصدى القانون لـ «أهل المريخ»؟! .. وللتحرش أغراض أخرى

> هانى عسل
لم يكن الفنان الكوميدي الشهير عبد الفتاح القصري يدرك وهو يقول جملته الشهيرة «يا صفايح الزبدة السايحة» أنه وقع في المحظور!

ولم يكن عظماء الشعر والفن الذين كتبوا أجمل قصائد الغزل العفيف وغير العفيف منذ العصر الجاهلي وحتى عصرنا هذا يدركون أن بعض كلمات أغنياتهم وأعمالهم الأدبية «تقع تحت طائلة القانون» بمعايير زمننا هذا!


وما ينطبق على أغنية «حكيم عيون» لعبد الوهاب، و«فاتت جنبنا» لعبد الحليم، و«جميل واسمر بيتمختر» لقنديل، ينطبق أيضا على أغنية Lady لكيني روجرز، وأغنية shape of you لإيد شيرين، فبعض كلمات هذه الأغنيات لو قيلت في مكان عام لتسببت في مشكلة لقائلها!

لم يكن أحد من هؤلاء يدرك أنه سيأتي فيه يوم ينفتح العالم على مصراعيه، ويصبح لديه تعريف واسع ومطاط لجريمة التحرش، تشمل من بين أنواعها جريمة التحرش اللفظي التي لا تخرج كثيرا عما يقال في الروائع الأدبية والفنية.

فالتحرش في عصر العولمة، أصبح جريمة نكراء تعاقب عليها قوانين الدول، ويتعرض مرتكبوها للتجريس واللعن، والابتزاز أحيانا، سواء كان هذا التحرش جسديا ظاهرا فاضحا، أو تم عبر كلمة أو حركة، أو حتى بمكالمة هاتفية، أو تدوينة على «السوشيال ميديا»، أو رسالة «على الخاص»، - لا فرق - كلمة وقحة، أو عرض غير لائق، أو مجرد كلمة «غزل»، وحتى إن كان برضا الطرف الآخر «الآن»، فقد يستغله الطرف الآخر «مستقبلا» كدليل إدانة للطرف الآخر! التحرش، من الناحية اللغوية، والذي يعني في اللغة الإنجليزية Harassment هو «المُضايقة»، أو الفعل غير المرحب به من النوع الجنسي، ويتضمن مجموعة من الأفعال بدءا من الانتهاكات البسيطة إلى المضايقات الجادة التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات جنسية أو إباحية، وصولا إلى النشاطات أو الأفعال الجنسية الواضحة.

وأنواع التحرش أو أشكاله تتفاوت ما بين التحرش البدني أو طلب المواعدة أو العروض المختلفة، وتصل في أدنى مستوياتها إلى مجرد تعبيرات الوجه و»النظر المتفحص» لجسم شخص ما، أو حتى تركيز النظر على عينيه، بل ويصل الأمر إلى أن البعض يرى أن كل ما يغضب المرأة من كلمات وأفعال .. «تحرش»! وبعد أن بات التحرش أحد أشهر عناوين وسائل الإعلام العالمية خلال الفترة الماضية، أثير جدل كبير حول القوانين التي تحارب التحرش، وعما إذا كانت تكفي، أو بالعكس، تفتح باب الضغط والابتزاز، خاصة بعد أن ظهر في فضائح التحرش الأخيرة في البرلمان البريطاني والبرلمان الأوروبي وهوليوود أن المسألة لم تعد مجرد سلوكيات شخصية، وإنما وسائل وقنوات لتمرير قرارات وإجراءات وأشياء أخرى.

وبات الأمر يحتاج إلى وقفة جادة من مختلف الدول، حتى تتم الموازنة بين حماية «الضحايا» من هذه الجريمة الشنعاء، دون انحيازات أو مبالغات، وبين وقف التشويه والابتزاز الذي يمارس ضد مسئولين ومشاهير، تحت مسمى هذه التهمة.

 

                  كيف يتصدى القانون لـ «أهل المريخ»؟!

رشا عبد الوهاب

من ثقافة الصمت إلى ثقافة الصوت العالي، هكذا أثارت فضيحة المنتج الأمريكي هارفي في هوليوود حالة من الحراك في مياه راكدة.فضائح تحرش واعتداءات جنسية واغتصاب كانت راقدة تحت السطح مثل البركان، وفجرها اتحاد النساء الضحايا لفضح ثقافة ذكورية سائدة وتاريخية تنظر إلى المرأة كفريسة صامتة.
المدهش أن الحديث عن سيطرة الجنس على عقليات مشاهير هووليود ليس جديدا، فقد تحدثت عنه أسطورة التمثيل مورين أوهارا عام ١٩٤٥، وأنها تفكر في الاعتزال بسبب تداول ما وصفته بالشائعة المنتشرة عنها بأنها «بطاطا باردة بدون جاذبية جنسية»، وأن ذلك مجرد انتقام منها لرفضها ثقافة التحرش الجنسي. وعلى الرغم من الحركات النسوية المنتشرة في الغرب منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ومطالباتها بحقوق المرأة، وتعزيز القوانين المقيدة للتحرش، فإن الرجال «أهل المريخ» كما وصفهم الطبيب النفسي الأمريكي جون جراي ما زالوا يشعرون بالحرية في مطاردة فرائس «نساء كوكب الزهرة».

و»التحرش الجنسي» ظاهرة ليست جديدة، بل ظاهرة تاريخية مشينة في تاريخ العالم، إلا أن هناك ظهورا لهذا المصطلح في الأدبيات الغربية، وهناك اختلاف حول بداية ظهوره، وهناك من يرجع الفضل في صك مصطلح التحرش الجنسي إلى ماري روي رئيس ومستشار معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عام ١٩٧٤، والتي كتبت دراسة تحمل اسم «حلقات زحل»، وفي كتاب «في زماننا : مذكرات ثورة» الصادر عام ١٩٩٩، كتبت ناشطات في جامعة كورنيل الأمريكية أنهن من قمن بصك المصطلح عام ١٩٧٥، ورفعت كارميتا وود الموظفة السابقة بالجامعة قضية للحصول على تعويض بعد تحرش مديرها، وأسست جماعة «اتحاد النساء العاملات». وكانت النقطة المفصلية في منتصف السبعينيات، حيث تحدت حركة «تحرر» النسائية نظام العدالة والثقافة في مجملها، لكنها فشلت في الحصول على دعم من النساء.

وقبيل ظهور المصطلح، كانت أمريكا من أوائل الدول التي طورت قوانين ضد التحرش، حيث صدر أول قانون «الحقوق المدنية.. الباب السابع» عام ١٩٦٤، والذي يحظر التمييز ضد الموظفين بناء على العرق والجنس واللون والأصل أو الدين، كما أنه منع التمييز الجنسي ضد النساء والرجال، والذي يحدث عندما يكون الجنس شرطا للتوظيف.

وفي معظم النصوص القانونية، التحرش غير قانوني، وأفتت لجنة «تكافؤ فرص العمل» في الولايات المتحدة بأنه «من غير القانوني التحرش بشخص سواء كان «طالب عمل أو موظف» لممارسة الجنس. وبدأت الأمريكيات في رفع قضايا ضد التحرش الجنسي مع حالات «مقايضة» بين العمل والطرد منه إذا لم تستجب الموظفة لمطالب ورغبات المدير الجنسية، ورفع كتاب «الابتزاز الجنسي: التحرش الجنسي بالنساء في العمل» من تأليف لين فارلي الوعي العام بالقضية.

وتعتبر قضية «بارنيس تراين» أول قضية تحرش جنسي في أمريكا، على الرغم من عدم استخدام المصطلح، وفقدت الضحية وظيفتها بعد رفضها مطالب مديرها الجنسية.

وفي عام ١٩٨٦، ظهر مفهوم «البيئة العدائية»، وذلك بعد أن رفعت ميشيل فينسون قضية ضد نائب رئيس بنك «ميريتور» للادخار بعد أن أجبرها على علاقة جنسية لفترة طويلة كانت في البداية سرية ثم بدأ في ملاحقتها أمام زملائها في العمل، وعندما رفضت طردها، وأشارت فينسون إلى أن هذا خلق بيئة عمل عدوانية ونوعا من التمييز غير القانوني.

وبمقتضى هذه القضية، حددت المحكمة العليا الأمريكية مفهوم التحرش باعتباره انتهاكا لقانون «الحقوق المدنية».

وفي عام ١٩٩١، وسع قانون «الحقوق المدنية» حقوق المرأة للمطالبة بتعويضات عن التمييز أو التحرش. وتحول معيار «المرأة المسئولة» إلى قانون بفضل قضية مشهورة لسيدة تدعى إليسون برادي.

وبالنسبة للتعويضات، أقامت لويس جينسون أول دعوى من نوعها عام ١٩٨٤، حيث اتهمت مدير شركة تعدين، بالاعتداء عليها، وبعد معركة قضائية طويلة حصلت على ١٠ آلاف دولار عام ١٩٩٦. وعلى الرغم من القوانين والتعويضات الضخمة، فإنه مازال هناك من يعتبر أن قضايا التحرش ابتزازا، فشبكة «فوكس نيوز» طردت مذيعها الأشهر وصانع مجدها بيل أورايلي بعد سلسلة من الفضائح، واعترضت المحطة الأمريكية على قضية ضده طالبت بتعويض بلغ ٦٠ مليون دولار بسبب مكالمة جنسية مع المنتجة السابقة أندريا ماكريس، وتساءلت : «لماذا كل هذا المبلغ إذا كان يمكن إغلاق الهاتف في وجهه»؟!

وأشارت إلى أن التحرش الجنسي خرج عن السيطرة خلال الثلاثين عاما الماضية بسبب تشجيع الاتهامات الجنسية، وأن قوانين وسياسات التحرش الجنسي نشأت في إحساس المجتمع فيما يسمى باللعبة العادلة.

ويسعى الغرب إلى مواجهة هذا البركان من الفضائح الجنسية التي وصلت إلى مراكز صناع السياسية سواء الحكومات أو البرلمانات والأحزاب بتشديد القوانين، سواء عبر «مدونة سلوك» في بريطانيا، أو نظام للمراقبة الرقمية لمنع المتحرشين من العمل مرة أخرى في الأمم المتحدة، مع مطالبات فرنسية بـ»خطة طواريء» لمكافحة الظاهرة، وغيرها من التحركات لمحاصرة هذا الوباء.

 


         ستراوس كان - و - أسانج

 

            .. وللتحرش أغراض أخرى

هدير الزهار

في الوقت الذي تسعى فيه ضحية التحرش للانتقام لما تعرضت له من إهانة وانتهاك ولرد اعتبارها وكرامتها، تستغل أخريات الأمر للحصول على مبالغ مالية ضخمة من جهات أو شخصيات هامة كتعويضات.أما الأسوأ فهو استغلال البعض لقضايا التحرش كسلاح للتشهير وتشويه سمعة بعض الرموز السياسية والشخصيات الهامة ودفعهم للاستقالة من مناصبهم أو إقالتهم.ومن بين أشهر الحالات التى تعرضت لمثل هذا الفخ:
دومينيك ستراوس كان المدير السابق لصندوق النقد الدولي والذي تعود قضيته لعام 2011، عندما اتهمته خادمة غرف في أحد فنادق نيويورك بالتحرش بها ومحاولة الاعتداء عليها، وأدانته هيئة محلفين أمريكية ووضع رهن الاعتقال، واضطر وقتها إلى الاستقالة من منصبه، قبل أن تقرر الخادمة التي كانت من أصول إفريقية، سحب تهم التحرش ضده، وهو ما تسبب في إغلاق قضيته.

وصرح ستراوس كان لاحقا بأن الفضيحة كانت مدبرة من جانب أعدائه السياسيين للقضاء على طموحه السياسي، بل واتهم جهاتا محسوبة على حزب الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولا ساركوزي بالتنصت على مكالماته الهاتفية، خاصة وأنه كان قد أعلن آنذاك عن رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية.

أمر مشابه حدث مع الأسترالي جوليان أسانج، الذي نال شهرته من خلال نشره معلومات ووثائق عسكرية ودبلوماسية حول الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق عام ٢٠١٠ على موقع ويكيليكس، لكن في وقت لاحق من العام نفسه اعتقلته بريطانيا بعد أن أصدرت السويد مذكرة اعتقال دولية بحقه لاستجوابه بسبب اتهامه بالتحرش بامرأة والاعتداء على أخرى أثناء زيارته لستوكهولم لإلقاء محاضرة، الأمر الذي نفاه أسانج.

وأمضى أسانج الشهور التالية في معركة قضائية لرفض تسليمه للسويد وهو قيد الإقامة الجبرية في بلدة في إنجلترا، ثم لجأ لسفارة الإكوادور بلندن، حيث مكث هناك بعد أن منحته حق اللجوء السياسي عام ٢٠١٢.

أما عن اللواتي سعين لاستغلال ما حدث لهن للحصول علي تعويض مادي ضخم، فمن بينهن الأمريكية أشلي ألفورد صاحبة واحدة من أشهر قضايا التحرش التى لاقت تغطية اعلامية موسعة، وتعود قضيتها لعام ٢٠١١ حيث أقامت دعوى قضائية ضد إحدى شركات الأثاث الكبرى وادعت أنها تعرضت أثناء عملها بالشركة لتحرشات ومضايقات جنسية مهينة بعد فترة وجيزة من عملها فى فرع سانت لويس عام ٢٠٠٥ من قبل ريتشارد مور مدير المتجر في فرع سانت لويس.

وقالت ألفورد إنها اتصلت بالخط الساخن المخصص للمضايقات الجنسية بالشركة لتسجيل شكوى حول ما تعرضت له وكانت متوقعة رد فعل قوي لتصحيح الوضع مثل فصل ريتشارد مور، إلا أنها فوجئت بأنه لم يتم اتخاذ أي إجراء، وهو ما دفعها لرفع القضية على الشركة وليس على مور، وكانت النتيجة الحكم على الشركة بمنح ألفورد تعويض يقدر بـ٩٥ مليون دولار.

قضية أخرى تعود أحداثها لعام ٢٠٠٧ كانت بطلتها لاعبة كرة السلة الأمريكية أنوشا براون ساندرز، والتى كانت تعمل مديرة تنفيذية في مجال التسويق بإحدى الشركات، وأقامت دعوى قضائية ضد إسياه توماس لاعب كرة السلة السابق والمدرب ورئيس فريق نيويورك نيكس، حيث اتهمته بالتحرش والاعتداء اللفظى عليها أكثر من مرة بعد أن أصبح رئيسها المباشر فى عام ٢٠٠٣، وخلال المحاكمة اتهمت الشركة ساندرز بأنها موظفة مشاغبة ومثيرة للمشاكل، وبرأت المحكمة توماس من أي اتهامات، بينما فرضت على الشركة منح ساندرز تعويضا ماديا قدره ١١ مليون دولار.

أما أكبر تعويض مادي تحصل علية امرأة في فترة التسعينيات فكان من نصيب ليندا جيلبرت، والتى تعود قضيتها لعام ١٩٩٩، حيث أقامت دعوى ضد شركة سيارات شهيرة وادعت أن زملاء العمل قاموا بالتحرش بها ومضايقتها بتلميحات جنسية صريحة، ولم تختصم أيا منهم على حدة، بل اختصمت الشركة ذاتها للحصول علي تعويض أكبر، وبالفعل الزمت المحكمة الشركة بدفع تعويض لجيلبرت يقدر بـ٢١ مليون دولار.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق