رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أكبر مشروع فى العالم لرقمنة ذاكرة مصر بالقلعة
مكتبة الإسكندرية تستعيد 5 ملايين مخطوط من الزمن الضائع

نبيل سيف

 90 ألف ملف لكبار موظفى الدولة المصرية منهم محمد عبده وطلعت حرب وطه حسين

 

لم يكن محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة يتخيل انه بعد 140 عاما من تأسيسه للدفتر خانة « أو « دار المحفوظات » بالقلعة ، سوف يأتي اليوم الذى تكون فيه الدار أول دار وثائق فى العالم العربى وإفريقيا ،وثانى أقدم أرشيف فى العالم بعد الارشيف الوطنى الفرنسى ،لتكون متاحة للعالم على الانترنت فى أكبر مشروع رقمنه فى العالم ينطلق بمصر ،بعد رقمنة اكثر من 5 مليون مخطوط ووثيقة من أصل 3 مليارات هى محتويات الدار ،

فى مشروع هائل مشترك بين مكتبة الإسكندرية ووزارة المالية انطلق عام 2010 لاستعادة زمن مصر الضائع فى دهاليز وسراديب دار المحفوظات بالقلعة ،سوف يعلن عنه رسميا خلال الساعات القادمة ليصبح بمثابة دار محفوظات مصرية جديدة ولكن فى صورة رقمية وعلى مستوى عالمى .



3 سنوات لرسم شكل المشروع

انطلق المشروع رسميا فى اول يونيو عام 2010 بالتنسيق مع وزارة المالية ومصلحة الضرائب العقارية بهدف رقمنة مجموعة مختارة من ملفات ووثائق ودفاتر الدار باستخدام احدث التكنولوجيا المتاحة للتوثيق الرقمى اعتمادا على خبرة مكتبة الاسكندرية والحفاظ عليها من الهلاك والضياع ، لذلك كان هناك مشروع تجريبى استغرق 3 سنوات من عام 2007 وحتى 2010 لوضع تصور نهائى عن مشروع رقمنة الدار قبل انطلاقه ، كما يقول الدكتور / خالد عزب نائب رئيس مكتبة الاسكندرية للمشروعات مضيفا :

« المشروع له اكثر من هدف منها الاقتصادي حيث سيتم حفظ تلك الوثائق بشكل رقمى يمكن الاستفادة منه بشكل سريع ومتطور ،من خلال انشاء موقع الكترونى خاص بتلك الوثائق الرقمية ،يكون الدخول عليه باشتراك مادى يتناسب مع اهمية الوثيقة و مدتها الزمنية مما سيحقق ربحآ مميزآ للدار ،كما سيخدم الباحثين من خلال تجهيز قاعة لهم بمقر الدار بالقلعة للاطلاع على الوثائق الرسمية التى سيمنع نزولها على الموقع الالكترونى ،وذلك بمقابل مالى ايضا ،ناهيك عن مساعدة المواطنين فى استخراج الاوراق المطلوبة من مواليد وتكليفات ووفيات ،...الخ مقابل مبلغ مالى للدار .

ويشير د.عزب الى ان الفائدة المجتمعية من هذا المشروع العملاق يكمن فى ان الدار من الجهات الامنية التى يصعب دخولها من الباحثين مثلا لعمل ابحاث ،حيث يحتاج الامر الكثير من الموافقات والتصاريح الامنية ،وجهد ومال ،لكن بعد هذا المشروع سوف يستطيع الباحث من اى مكان فى العالم وعبر شبكة الانترنت الوصول للوثيقة المطلوبة ،كما ان اعمال المواطنيين المتعاملين مع الدار حاليا لاستخراج ورقة من دفاتر القيد او الوفيات تحتاج الى فترة قد تصل الى 3 اسابيع ،ومنهم من هم من محافظات بعيدة عن القاهرة ،حيث سيصبح فى مقدرته استخراج الورقة المطلوبة عبر الانترنت وهو جالس فى منزله بمحافظته .

50 الف قرش تكلفة انشاء «دار المحفوظات »

ويحكى التاريخ ان محمد على كان قد فقد الكثير من الوثائق المهمة خلال حكمه ،فحينما ثار عيله الجنود الارناؤود بعدما قام بتخفيض رواتبهم ،هرب الى القلعة فنهبت داره بالازبكية وقتها ،وضاع معها مستندات هائلة، ومنها الوثيقة التى وقعها مع الجنرال فريزر قائد الحملة الفرنسية ،كما كان الكتخدا « نائب الباشا » يحتفظ فى ديوانه بكميات كبيرة من السجلات والوثائق اكلتها النيران في حريق شب فى الديوان فى 18 يونيو 1828 ،لذلك راى محمد على ضرورة ايجاد مكان آمن يحفظ فيه دفاتره واوراقه من السرقة والتلف والنيران ،فكانت القلعة هى انسب مكان ،حيث بلغت تكاليف انشاء «الدفتر خانة » 50 الف قرش ،ووضع او لائحة لها الخواجة يوحنا كاتب المصروف ،ونصت اللائحة على ان يقوم امين الدفتر خانه فى نهاية كل عام مالي بجلب الدفاتر التي انتهى العمل فيها بالدواوين والاقاليم وحفظها فى الدفتر خانة،ومن يتقاعس عن ذلك من الكتاب والنظار بحسب اللائحة الجلد 100 سوط .

3 مليارات مخطوط تبحث عن حل

ويحكى المهندس ايمن منصور المشرف على المشروع والذى حضر المشروع وهو مجرد فكرة لا اكثر ولا اقل قبل 10 سنوات ان نظام الحفظ الذى كان متبع فى الدار عند بدايتها كان يقوم على أساس وضع السجلات والاوراق فى صناديق خشبية ،ولكن لم تمض عدة سنوات حتى تكدست السجلات بالدفتر خانه ،فصدرت الاوامر بانشاء عيون خشبية بالمخازن ،فتم انشاؤها بتكلفة 19 الفآ و636 قرشآ .

ويضيف منصور « ماتم هو مشروع قومي لايقل عن السد العالى لرقمنه محتويات دار المحفوظات العمومية من خلال 3 نقاط اساسية شملت اولا إعادة فرز وتصنيف محتويات الدار لتحديد الوثائق والملفات ذات الاهمية القصوى التى ينبغى البدء برقمنتها فورا لتحديد اولويات المشروع ،وثانيا التجهيز المناسب لاعداد مجموعة منتقاة من وثائق ومقتنيات الدار لتكون نواة متحف وثائق يتم تأسيسه داخل مبنى الدار مع عرض طرق الحفظ بالدار باعتبارها ثانى اقدم دار محفوظات فى العالم ،اما المحور الثالث والاخير فهو الانطلاق نحو مشروع قومى لرقمنة جميع وثائق الدار التى تصل الى 3 مليارات وثيقة على الاقل وذلك بعد تحديد اولويات العمل بالدار وتجهيز البيئة المناسبة للمشروع بداخل الدار ،بالإضافة الى تدريب عدد من العاملين بالدار لتأهيلهم للتعامل مع مشروع الارشفة الرقمية لخلق كوادر داخل الدار يمكنها دفع المشروع واستمراره.

من «الدفتر خانة» الى « دار المحفوظات العمومية «

حينما تم تأسيس الدفتر خانة كانت تتبع قلم الخزينة الذى كان يتبع بدوره ديوان الخديوى ،ثم انتقلت تبعيتها الى ديوان المالية عام 1846 ميلاديا ،حيث تم الاستعانة بالمسيو روسيه لوضع لائحة جديدة للدفتر خانة صدرت رسميا فى 6 سبتمبر عام 1846 ،حيث شملت اللائحة الجديدة انشاء دفتر خانات فى المديريات ،وعرفت بأنواع الوثائق والدفاتر ومدة حفظ كل منهم فى المديرية ،ومتى يجب نقلها للدفتر خانة بالقاهرة .

وفى اواخر سنة 1854م انتقلت تبعية الدار الى الداخلية حتى سنة 1857ميلاديا ،ثم عادت مرة اخرى الى تبعية المالية حتى سنة 1876 م ،ثم اعيدت للداخلية مرة اخرة سنة 1904 ،ثم عادت الى وزارة المالية واستمرت تتبعها حتى الآن ،حيث اصبحت الدار تتبع مصلحة الضرائب العقارية بوزارة المالية .

ويذكر انه فى سنة 1865 ارتكب احد كتاب دفتر خانات المديريات جريمة تزوير فى بعض الوثائق فامر الخديوي اسماعيل بإلغاء دفتر خانات المديريات ،والزم جميع دواوين واقاليم الدولة بإرسال اوراقهم وسجلاتهم الى الدفتر خانة بالقاهرة مباشرة ،وبسبب عدم وجود اماكن لهذه الكميات الضخمة من الوثائق ثم استخدام سجن القلعة احدى المغارات بها للحفظ ،وفى عهد الخديوى عباس حلمى الثانى تغير اسم الدفتر خانة الى « دار المحفوظات العمومية » وظل بالقلعة حتى وقتنا هذا .

90 الف ملف لعظماء مصر

ويضيف المهندس ايمن منصور « دار المحفوظات تحتوى اليوم على قرابة 3 مليارات وثيقة ومخطوط ،ومن اهم المجموعات المحفوظة بالدار هى ملفات خدمة الموظفين والتى تقدر بحوالي 90 الف ملف ،تشمل شخصيات مهمة فى تاريخ مصر عملت فى دواوين الحكومة ،منها ملفات محمد عبده،وطه حسين،و طلعت حرب،والنحاس باشا، ومكرم عبيد ،بالإضافة الى وثائق اخرى لاتقل اهمية عما سبق ومنها دفاتر الطب الشرعي ،ودفاتر رخص محلات مقلقة للراحة ،واوراق الكتاتيب ،ودفاتر رخص الموسيقى والغناء، واوراق الجبايات ،ودفاتر عتق الرقيق ،ودفاتر قيد العربان ،وسجلات احوال العمد والمشايخ ،ودفاتر مكلفات الاطيان ،بخلاف 70 نوعآ اخر من الوثائق من انواع الملفات التى تغطى وزارات ومصالح الحكومة .

مليون دفتر طب شرعى و 839 الف دفتر محلات عمومية

وبحسب التقرير النهائى للمشروع فقد تم رقمنة 5 مليون و375 الفآ و 279 وثيقة ومخطوطآ منها مليون و200 الف و422 دفتر طب شرعى ، 151 الفآ و 886 ملف خدمة موظفين ،و375 الف دفتر من دفاتر الدائرة السنية و8551 دفتر تعداد نفوس ،ومليون و684 الف دفتر بصمات اختام ،و 398 الف وثيقة اشغال عمومية ،616 الف دفتر املاك اميرية ،و106 دفتر قيد رقيق،و 69 الف دفتر امانة وعهدة ،و839 الف دفتر قيد محلات عمومية ،و395 تذكرة حرية ،و277 دفتر حصر بصمات اختام العمد والمشايخ ،و20 دفتر حصر املاك الحكومة ،و29 الف دفتر مكلفات .

ويختم الدكتور خالد عزب ملخص المشروع بانه « مذهل ،ومهول « بالإضافة الى انه بسيط ،وبساطته تتحدد فقط فى استمراره الى الابد ،فقط مجرد الاستمرار المتراكم ،اضافة الى انه مشروع يعطى نموذجآ مصريآ عالميآ للسعى نحو عصر التكنولوجيا ،لتستعيد ذاكرة مصر تاريخها من دهاليز مغارات القلعة .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق