رحبت الادارة الأمريكية باتفاق المصالحة الفلسطينية بين السلطة وحماس والـذى تم توقيعه بالقاهرة. كما أبدت واشنطن تفاؤلها الحذر تجاه تحسن الأوضاع في غزة. اذ قالت هيذر نيورت المتحدثة باسم الخارجية “نحن نرحب بالجهد الذى تبذله السلطة الفلسطينية لتولى مسئوليتها بالكامل فى غزة. ونعتبر أنه يمكن أن يشكل ذلك خطوة مهمة لايصال المعونة الانسانية الى من يعيشون هناك.
وتابعت المتحدثة بالقول: “سنراقب هذه التطورات عن كثب. سنتابع الموضوع مع السلطة الفلسطينية واسرائيل والجهات المانحة الدولية لمحاولة تحقيق ذلك.. تحسين الوضع الانسانى فى غزة”. من جهته أبدى جيسون جرينبلاد المبعوث الخاص بالشرق الأوسط ترحيبه بما تحقق وشدد فى تعقيب له على “أن أى حكومة فلسطينية عليها أن تلتزم بصراحة ودون أى التباس بعدم اللجوء الى العنف والاعتراف بدولة اسرائيل وقبول الاتفاقات والالتزامات السابقة بين الأطراف وأيضا المفاوضات السلمية”ـ
وسائل الاعلام والصحف الأمريكية الكبرى حرصت فى تقاريرها وتعليقاتها عن اتفاق المصالحة على تسليط الأضواء على جهود مصر فى التوصل الى هذا الاتفاق وأيضا دورها ـ وتحديدا دور المخابرات المصرية فى ضمان تفعيل الآلية الانتقالية المرتقبة ومتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق اليه بين الطرفين الفلسطينيين خلال الأسابيع والشهور المقبلة.
من جهة أخرى تباين المواقف والتصريحات الرسمية الصادرة من كل من واشنطن وتل أبيب أثار التساؤلات حول دوافع ومبررات اعتراض اسرائيل من جهة وترحيب أمريكا ولو بتحفظ من جهة أخرى. ـ
دوائر سياسية أمريكية مؤيدة أو موالية لاسرائيل كعادتها لم تتوقف عن ابداء شكوكها تجاه نوايا وتوجهات حماس وأيضا تجاه “هشاشة الاتفاق” (حسب تعبيرها) واحتمالات انهياره.
وقد انعكست هذه الشكوك فى وسائل الاعلام وعبر وسائط التواصل الاجتماعي. مثلما كان الحال مع صحيفة “نيويورك بوست” الشهيرة حين وصفت الاتفاق بأنه “سلام محتمل ما بين فلسطينيين يكرهون بعضهم البعض”. ما لفت الانتباه أن الادارة الأمريكية فى رد فعلها الأولى لم تتبن تلك الشكوك أو تلك التوقعات بأن الاتفاق مصيره الحتمى الفشل على أساس أن حركة أو جماعة حماس كانت ومازالت تعد “منظمة ارهابية” وبالتالى من الصعب أو من المستحيل التعامل معها كشريك سلام طالما لا تنبذ العنف المسلح ومازالت تواصل ممارسة الارهاب ولا تعترف باسرائيل هذا بالاضافة الى استمرار حصولها على دعم مالى كبير من دول فى المنطقة من أجل مواصلة سلوكها الارهابي.
ولم يتوقف طرح الأسئلة حول ما يمكن أن تأتى به الأيام . ماذا ستكون طبيعة الأوضاع الأمنية فى غزة؟ كيف سيتم التعامل مع جناحها العسكري..”كتائب القسام” تحديدا وماذا سيكون مصير قياداتها وأعضائها فى المستقبل؟
وتأتى فى اطار التحفظات لدى من يشككون فى امكانية نجاح اتفاق المصالحة أن مضمون الاتفاق لم يخاطب ما يخص “الخطوط الحمراء لاسرائيل” مثل نزع السلاح ونبذ الارهاب.
كما أن الكونجرس يرفض منح المعونة للسلطة الفلسطينية اذا دخلت مع حماس فى عملية المشاركة فى السلطة الا اذا قامت حماس باجراء مراجعات شاملة واصلاحات جوهرية فى توجهاتها وآلياتها.ـ
وأشار ايلى ليك محلل الشئون الدولية في مقال له ب”بلومبرج” للأنباء إلى أن دبلوماسيين أمريكيين وعرب ذكروا له أن اسرائيل قد تم اطلاعها على مسار التفاوضات التى جرت ما بين السلطة الفلسطينية وحماس منذ أن بدأت فى الصيف وأن اسرائيل لم تبد اعتراضها حتى فى الكواليس بلغة حادة وقاسية مثلما كانت لغة رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نيتانياهو يعلق ويعلن انتقاده القاسى لاتفاق المصالحة الفلسطينية.ـ
ويرى جوناثان تشانزر الخبير بمؤسسة من أجل الدفاع عن الديمقراطيات أن هذا الاتفاق جزء من جهد أكبر يبذل من أجل تشكيل تركيبة المنطقة وأن ما تم من اتفاق مصالحة يعد محاولة من أجل نزع السلطة فى غزة من يدى تركيا وايران وقطر واعادة تأكيد للدور الذى تلعبه دول سنية أكثر اعتدالا فى المنطقة مثل مصر والسعودية والامارات. وبالطبع هناك جهود كبرى تبذل بين هذه الدول من أجل تنسيق جهودها للتوصل الى ما هو مطلوب ومستهدف فى هذا التوجه الجديد فى تشكيل مستقبل مناطق النفوذ بالشرق الأوسط.ـ
رابط دائم: