بعد ما صارت الفتوى سلاحا بأيدى التيارات المتشددة فى إدارة الخصومات السياسية والفكرية، وأصبحت سبيلا للقتل والتخريب فى ربوع العالم بعد أن اكتوت بنيرانها الدول العربية والإسلامية،
◄ 50 عالما يبحثون دور الفتوى فى مواجهة التطرف
◄ الفتوى أصبحت سلاحًا فى إدارة الخصومات الفكرية والسياسية
تستعد دار الإفتاء المصرية لعقد مؤتمر عالمى لمناقشة “ دور الفتوى فى تحقيق الاستقرار” فى الفترة من 17 إلى 19 أكتوبر الحالى، بمشاركة أكثر من 50 عالما يمثلون مختلف الدول العربية والإسلامية والمراكز الإسلامية بالدول الغربية. ويناقش المؤتمر الذى تنظمه دار الإفتاء تحت مظلة “ الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم” دور الفتوى فى حفظ هوية الدول والأمم، ومواجهة الإفساد والتخريب، والإرهاب و”الإسلاموفوبيا”، والفتوى ودورها فى دعم البناء والعمران. وحول المحاور الرئيسية للمؤتمر وتوقيته والدول المشاركة وما يتضمنه من مناقشات وورش عمل ، كان لـ “ الأهرام” هذا الحوار مع الدكتور إبراهيم نجم مستشار دار الإفتاء المصرية.
ما أهمية عقد المؤتمر فى هذا التوقيت؟
يمثل المؤتمر خطوة مهمة فى تجديد الخطاب الديني، وسحب البساط من تحت التيارات المتشددة التى شوهت الإسلام وأضرت به. والناظر إلى ما وصل إليه حال الإفتاء المعاصر وما يحيط به من حاجات ومخاطر يلحظ أن تلك الأمور تدعونا وبشدة للجلوس على موائد البحث العلمى لدراسة هذه الأمور وإيجاد الحلول لمشكلاتها، ومن هنا جاءت أهمية إقامة مؤتمر عالمى حول الإفتاء والفوضى والاستقرار، كذلك فإن المؤتمر سيعنى ببحث آفاق عملية الفتوى من حيث تعلقها بحفظ استقرار حياة الناس فى مختلف نواحيها.. سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ما عدد الدول التى أكدت مشاركتها فى المؤتمر، وهل جميعها من الدول العربية؟
كنا حريصين خلال الإعداد للمؤتمر أن يكون هناك تنوع ثقافى وعلمى يضم العلماء والمفتين من قارات العالم الخمس يمثلهم مفتون رسميون، وأعضاء مجلس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، وأساتذة الشريعة والفقه والأصول، وأيضًا إعلاميون وسياسيون ومفكرون يمتلكون رؤية لمعالجة إشكاليات الشأن الديني، وسيشارك فى المؤتمر أكثر من 50 عالمًا من مصر والسعودية والأردن وفلسطين ولبنان وتونس والمغرب وموريتانيا، وكذلك من اندونيسيا وباكستان وماليزيا والهند، وأيضًا سيشارك علماء من أمريكا ودول أوروبا واستراليا.
ما المحاور والموضوعات الرئيسية التى سيناقشها المؤتمر؟
سيتطرق المؤتمر إلى ثلاثة محاور رئيسية، الأول حول الفتوى ودورها فى تحقيق الاستقرار والسلم المجتمعي، ودور الفتوى فى الإجابة عن الأسئلة القلقة والمحيرة (أسئلة الإلحاد نموذجا)، والفتاوى الشاذة وأثرها السلبى على الاستقرار، الإفتاء وحفظ هوية الدول والأمم، أما المحور الثانى فيناقش دور الفتوى فى مواجهة الإفساد والتخريب، ويناقش من خلالها فتاوى الجماعات المتطرفة تأصيلا وتاريخا، ورعاية المقاصد الشرعية ومواجهة الفوضى والتخريب، والإرهاب و”الإسلاموفوبيا”، ويدور المحور الثالث حول الفتوى ودورها فى دعم البناء والعمران، والفتاوى الاقتصادية والتنمية، ودعم القضايا الإنسانية المشتركة.
وكيف ستتم معالجة ذلك خلال المؤتمر؟
سيتم ضمن فاعليات المؤتمر عقد حلقات نقاشية وورش عمل بهدف التعرف إلى المشكلات فى عالم الإفتاء المعاصر، ومن ثم محاولة وضع الحلول الناجعة لها، والكشف عن الأدوار التى يمكن للإفتاء المعاصر الاضطلاع بها فى تصويب الواقع والارتقاء به إلى أعلى المستويات الحضارية. وسنعمل كذلك على محاولة فهم طبيعة العلاقة بين الإفتاء والسياسة، وتحديد الأدوار التى يمكن التأثير والتأثر من خلالها، وكذلك نقل مجال الإفتاء من مجال سلبى يقتصر على حل المشكلات إلى مجال إيجابى ينتقل إلى عمل التدابير الوقائية من المشكلات بل ويشارك فى البناء والتعمير، ووضع ضوابط محددة لعملية الاستنباط من التراث.
عبر السنوات الماضية تم عقد عشرات المؤتمرات انتهت بتوصيات لم يطبق أغلبها .. ماذا أعددتم من أجل تطبيق توصيات المؤتمر القادم على أرض الواقع؟
منذ أن أعلنا إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم العام قبل الماضى ونحن نعقد اجتماعات مستمرة ودورية من أجل توحيد الخطاب الإفتائى على مستوى دور الإفتاء والهيئات الإفتائية من الأعضاء. ولعل من ثمرة ذلك المؤتمر العالمى الذى عقد أكتوبر الماضى بحضور 80 وفدًا وناقش “التأهيل العلمى والإفتائى لأئمة مساجد الجاليات المسلمة فى الخارج”، وتم تطبيق توصياته على أرض الواقع وكان آخرها قبل أيام تخريج دفعة جديدة من أئمة المساجد والمراكز الإسلامية فى بريطانيا بحضور السفير البريطانى فى القاهرة، حيث تم تأهيلهم فى 11 علماً من العلوم الشرعية والإنسانية لتساعدهم فى إنزال الحكم الشرعى على الواقعة المستفتى فيها، ومواجهة الفتاوى الشاذة والمتطرفة، وهو ما سيسهم بشكل كبير فى تحصين مجتمعاتهم من خطر التطرف، كما أوفدنا بعض القوافل الإفتائية المشتركة إلى عدد من دول العالم.
وكيف تواجهون سيل الفتاوى المنتشرة إلكترونيا؟
تُولى دار الإفتاء المصرية أهمية بالغة لوسائل التواصل الاجتماعى نظرًا لما لها من قوة وقدرة على التأثير فى الناس والوصول إلى أعداد كبيرة لا يمكن الوصول إليهم بالوسائل التقليدية، كما أن هذا الاهتمام يندرج فى إطار خطة الدار لتجديد الخطاب الدينى وتطوير آلياته؛ استجابة لدعوة رئيس الجمهورية، فمثلًا وسائل التواصل الاجتماعى الخاصة بدار الإفتاء زاد عدد المشتركين فى صفحاتها على “الفيس بوك” على أكثر من ستة ملايين مشترك، بالإضافة إلى نشر الفتاوى والأحاديث الصحيحة والرد المباشر بالفيديو على الصفحة.
رابط دائم: