رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حرب أكتوبر 1973
إستراتيجية مصرية تأسست من واقع مرير

لواء أ.ح.م ــ مسعد الششتاوى
بداية ... يلزم تأكيد أن الإستراتيجية العسكرية لحرب أكتوبر 1973 المجيدة كانت إستراتيجية مصرية صميمة ... لم تستورد من الشرق أو من الغرب ... إستراتيجية تأسست من واقع مرير عاشته مصر بل والأمة العربية كلها بعد نكسة يونيو 1967 ... ثم غذتها ودعمتها بمتابعة واستغلال التقدم العلمى والتكنولوجى فى مجالات الصراع العالمى ... واضعين فى الاعتبار قيود السياسة الدولية بالغة التعقيد والتى كانت سائدة فى ذلك الوقت ... وكذا من واقع دروس الحروب السابقة ولتخرج مصر بإستراتيجية شاملة للدولة قد صاغتها وادارتها بالعرق والدم على أرض الواقع .

وعلى الرغم من أن حربنا فى أكتوبر 1973 كانت حرباً عادلة لأنها قامت لاسترداد الحق ... إلا أنه لم يكن غائباً عن الذهن قيود وحدود الصراع المسلح فى ظروف هذا العصر ... فهى حرب دارت خلال موقف عالمى بالغ التعقيد قائم على ضوابط التوازن النووى وسياسة الوفاق بين القوتين العظميين وفرضهما حالتى اللاسلم واللاحرب والاسترخاء العسكرى فى المنطقة مع تناقض إهتماماتهما السياسية والإستراتيجية فى منطقة الصراع. من خلال هذه المفاهيم كان لابد من وضع إستراتيجية عليا تحسب الخطوات وتحدد آثارها وردود أفعالها فى المنطقة العربية وفى العالم بعد أن فرض الموقف الدولى أسلوباً خاصاً فى إدارة الصراع فى المنطقة قيد شكله ومداه... وبناءً على ذلك تم التخطيط لحرب أكتوبر 1973 لتكون حربا محلية شاملة تستخدم فيها الأسلحة التقليدية فقط ويكون لها أهداف إستراتيجية حاسمة بحيث تقلب الموازين فى المنطقة وتهدم نظريات الطرف الآخر (إسرائيل) ودعائم استراتيجيتها, وتمتد زمنياً لفترة تتيح تدخل الطاقات العربية الأخرى بشرط نجاح قواتنا مع بدايتها وتفرض ثقلها على نتائج الحرب. وتحقيقاً لذلك كانت الاعتبارات الرئيسية التى تأسست عليها الإستراتيجية العسكرية المصرية لحرب أكتوبر قد تركزت فى الأسس التالية:


الأساس الأول:

كان من دروس نكسة يونيو 1967 ... ففى تلك الحرب لم تكن لدينا إستراتيجية شاملة للدولة تحقق التوازن والتنسيق بين الهدف السياسى للدولة وقدرتها العسكرية ... بل أن القوات المسلحة فوجئت فى هذه الحرب بقرارات سياسية لم تكن على علم بها لتستعد لتنفيذها ... وعندما بدأت فى تنفيذها كانت فى صورة مظاهرة عسكرية لدعم القرار السياسى ... ودون أن تعلم الهدف الإستراتيجى العسكرى المطلوب تحقيقه ... وبالتالى فقدت القوات اتزانها قبل أن تبدأ الحرب, وعندما نشبت هذه الحرب كانت تصرفات القيادة العسكرية منفصلة عن القرارات السياسية ولا تتوافق معها. ولقد امكن تدارك ذلك أثناء الإعداد والتخطيط لحرب أكتوبر 1973 حيث وضعت إستراتيجية شاملة للدولة تلعب فيها القوات المسلحة الدور الرئيسى وتؤيدها باقى مصادر وقوى الدولة الشاملة الآخري... ولعل أبرز سماتها أن التحرك السياسى السليم هيا أنسب الظروف المحلية والإقليمية وأيضاً العالمية لبدء العمل العسكرى المحسوب جيداً وبنفس المهارة أديرت السياسة خلال الحرب لتدعيم العمل العسكرى وأيضاً استغلال نتائجه بعد الحرب.

وكان الأساس الثانى فى الإستراتيجية العسكرية لمصر :

هو تحدى وهدم نظرية الأمن الإسرائيلى والتى كانت تعتمد على الردع المادى والردع النفسى والاحتفاظ بالحدود الآمنة على خط قناة السويس. ولقد اعتمدت إسرائيل فى تطبيق هذه النظرية على عدة عناصر قوية كان علينا أن نتغلب عليها أو نبطل تأثيرها ... وقد تطلب ذلك إتخاذ قرار الحرب بمبادأة من جانبنا باستخدام القوة المسلحة حيث أن ذلك يعنى تحدياً عملياً لأسلوب الردع النفسي, كما كان الانتقال من حرب الاستنزاف (رغم ضرواتها) إلى شن هجوم شامل يعنى أيضاً هدم أسلوب الردع المادى كما كان قرار الحرب فى حد ذاته تحدياً لهذه النظرية. وأيضاً ... ولهدم قناعة الجانب الآخر بالاحتفاظ بالحدود الآمنة مع مصر وعلى جبهة قناة السويس فقد كان علينا اختراق وتدمير خطوطه وتحصيناته الدفاعية على هذه الجبهة مهما استندت على موانع طبيعية أو صناعية ومهما كلفنا ذلك من تضحيات ... لذلك استقر التخطيط الإستراتيجى على الأسس الرئيسية التالية:

العمل على حرمان القوات الإسرائيلية من مزايا توجيه الضربة الأولى وأن نبدأ نحن بتوجيهها والاستفادة من مزايا المبادأة والمفاجأة فى نفس الوقت. شلْ فاعلية القوات الجوية الإسرائيلية المتفوقة وإضعافها بانشاء منظومة دفاع جوى قوى بالتعاون مع القوات الجوية. شلْ فاعلية القوات المدرعة الإسرائيلية فى المرحلة الافتتاحية للحرب, والتى اعدت لتدمير قواتنا التى تنجح فى اقتحام قناة السويس بالمشاة المترجلين على أن يتم عبور المدرعات وباقى الأسلحة والمعدات الثقيلة على معابر المعديات والكبارى والتى لا ينتظر تشغيلها قبل آخر ضوء من اليوم الأول قتال «6 أكتوبر».عرقلة وصول الاحتياطيات الإسرائيلية من العمق وتشتيت جهودها وبث الذعر على خطوط مواصلاتها بواسطة قوات الصاعقة ومجموعات خلف الخطوط. التنسيق مع الجبهة الشمالية فى سوريا لشن الحرب فى توقيت واحد لتشتيت جهود القوات الإسرائيلية على الجبهتين وإجبارهم على العمل والقتال من على خطوط خارجية.

وحيث إن نظرية الأمن الإسرائيلية (والخاصة بالحدود الآمنة) يعتمد نجاحها على توفير المعلومات المبكرة عن إستعدادنا ونوايانا الهجومية ... فقد كان لزاماً علينا أن نبذل كل جهد لتضليل وخداع مخابراتهم وتحقيق المفاجأة ...

كذلك ... كان علينا إهدار قيمة التواجد للقوات الإسرائيلية فى شرم الشيخ وبالتالى يلزم عرقلة خطوط مواصلاتهم البحرية فى البحر الأحمر وقفل مضيق باب المندب...

وكان الأساس الثالث : للإستراتيجية المصرية

يختص بإعداد الدولة للحرب ... وفى هذا الشأن كانت القوات المسلحة هى العامل الرئيسى خاصة فيما يتعلق بالتسليح وكان مصدرنا الوحيد يرتكز على الاتحاد السوفيتى / السابق والذى كانت له إسترتيجيته وسياسته فى المنطقة خاصة فى ظل سياسة الوفاق بين القوتين العظميين والتى كانت سائدة فى ذلك الوقت. وبناءً على ذلك تبين لنا أنه لا مجال أمامنا لشن الحرب إلا بما هو متيسر لدينا والمطلوب هو رفع كفاءتها وتطويرها وإذكائها وزيادة أعمارها الإفتراضية... وأن التخطيط السليم والتنفيذ الجريء... والروح القتالية والمعنوية العالية هى التى تعوض ما نحتاج إليه وهى أمور أخطأ العدو تقديرها كما أساء التقدير عندما قررت مصر الاستغناء عن الخبراء السوفييت فى يوليو عما 1972 , وكنا نغذى هذه المفاهيم الخاطئة لدى المخابرات الإسرائيلية كجزء من خطة الخداع الإستراتيجي. الأساس الرابع للإستراتيجية المصرية: كان يتعلق بدور الطاقات العربية ... فقد تأسست الإستراتيجية المصرية على شن الحرب وإدارة الصراع المسلح بالإمكانيات الذاتية بالتنسيق مع / سوريا وأن القتال نفسه سيتيح الفرصة لاستغلال الطاقات العربية ... وعلى ضوء هذه الأسس ... بالإضافة إلى الكثير من الاعتبارات والمبادئ وضعت الفكرة الإستراتيجية للحرب وبتخطيط كان مصرياً خالصاً, فكان النصر بفضل من الله سبحانه وتعالي.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق