رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تأثير «الفراشة» .. والبقية تأتى

رشا عبد الوهاب
استفتاء كردستان
«تأثير الفراشة» أو نظرية الفوضى التي صكها إدوارد لورينز عالم الأرصاد والرياضيات الأمريكي في ستينيات القرن الماضي، صالحة بشكل كبير لتفسير ما يحدث في عالم اليوم، فنظريته تقوم على أن "رفرفة أجنحة فراشة في ريو دي جانيرو قد تتسبب في إعصار في تكساس"، والمعنى هنا مجازي لتفسير أن أى تغييرات صغيرة في نظام ما، قد يكون لها تأثيرات أكبر وأكثر اتساعا.

وتمر أغلبية دول العالم بلحظة فارقة في تاريخها خلال الفترة الحالية بسبب النزعات الانفصالية التي تهدد سيادة ووحدة الدولة القومية، والتهديد لا ينبع فقط من امكانات تفتيت هذا الكيان الموحد، بل من التأثيرات والعواقب اللاحقة، حيث تنتشر النزعات الانفصالية التي تشبه "العدوى" بسرعة الصاروخ خصوصا مع اتجاه أنظار العالم إلى هذه التجارب، فخلال الأيام الماضية، شهد كل من كردستان العراق وإقيلم كاتالونيا الإسباني استفتاءين للانفصال، اعقبهما استعداد إقليمي لومبارديا وفينيتو الإيطاليين لإجراء استفتاء في ٢٢ من الشهر الحالي للمطالبة بالاستقلال، إلى جانب دعوات انفصالية في دول إفريقية مثل نيجيريا والكاميرون وإثيوبيا. وبالإضافة إلى انتشار عدوى الاستقلال، صارت عدوى "الخروج" أيضا بعد استفتاء انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي "بريكسيت"، وانتشرت دعوات خروج فرنسا من الكيان الأوروبي "فركست" بل انتقلت إلى ولايات أمريكية مثل "كاليفورنيا" التي دعت أنصار الانفصال فيها إلى "كاليست"، والمفارقة الأكبر إلى قرار لندن هدد وحدة المملكة المتحدة نفسها حيث دعت كل من اسكتلندا وويلز وآيرلندا الشمالية إلى استفتاء للاستقلال اعتراضا على سياسات لندن تجاه بروكسل.


ومنذ بداية الألفية الثالثة، شهد العالم ٢٢ استفتاء على الاستقلال أو الانفصال، أقاليم ترغب في أن تكون دولة مستقلة بعيدا عن الدولة الأم أو وافقت على الاستمرار في البقاء داخل الدولة، وتكمن عدة أسباب وراء هذه الخطوة من قبل بعض هذه الأقاليم، منها تمتعها بالحكم الذاتي أو امتلاكها اقتصادا قويا ومشاركتها بقوة في اقتصاد الدولة أو الاختلافات الثقافية أو الدينية أو العرقية. وفي سبتمبر ٢٠١٤، ذكر مركز أبحاث "بيو" الأمريكي أنه على مدى السبعين عاما الماضية، جرت استفتاءات لا حصر لها على الانفصال أو الاستقلال، وأنه في الوقت الذي رفضت ٨ دول إجراء الاستفتاء، قامت ٢٥ دولة أخرى بالموافقة والترحيب بها، من بينها جنوب السودان.

وكانت هولندا الأوفر حظا في إجراء هذه الاستفتاءات، حيث أعلنت خمسة أقاليم، هى سانت مارتن وبونير وسينت أوستاتيوس وسابا وكوراساو، في الفترة من ٢٠٠٠ إلى ٢٠٠٥ إجراء هذه الاستفتاءات، والتي تراوحت نتيجتها بين البقاء ضمن المملكة، بينما دعت أخرى إلى قيام دولة مستقلة.

وتحاول أوروبا أيضا الوقوف بالمرصاد لهذه المحاولات الانفصالية سواء التمسك بـ"مبدأ برودي"، الذي يحمل اسم رومانو برودي رئيس المفوضية الأسبق الإيطالي الذي خلص في ٢٠٠٤ إلى أن أي دولة تنشأ بالانفصال عن أخرى من أعضاء الاتحاد الأوروبي لا تعتبر تلقائيا عضوا فيه، أو عبر تدفيع دولة مثل بريطانيا تكاليف الخروج من الكيان الأوروبي الموحد.

ولم تنج الولايات المتحدة نفسها من المحاولات الانفصالية على مدى تاريخها، والتي أدت إلى اندلاع الحرب الأهلية في ١٨٦١، حيث إنه في أعقاب انتخاب إبراهام لينكولن للرئاسة الأمريكية في نوفمبر ١٨٦٠، انفصلت سبع ولايات، وفي مارس ١٨٦١، بعد شهرين من تنصيبه كالرئيس الـ١٦ لأمريكا، انفصلت أربع ولايات أخرى، وزعم الانفصاليون في هذه الولايات، أنه وفقا للدستور فمن حق كل ولاية أن تترك الاتحاد، لكن لينكولن عارض الانفصال.

وحاولت تكساس الانفصال بعد إعادة انتخاب باراك أوباما في ٢٠١٢، ولكن جاء القرار الحاسم من المحكمة العليا بأنه "طالما وافقت الولايات على الانضمام للحكومة الفيدرالية وأصبحت جزءا من الولايات المتحدة ودستورها فإنها بالتبعية تخلت عن حقها في الاستقلال".

وبعد وصول دونالد ترامب إلى السلطة، أعلنت كاليفورنيا عن حملة توقيعات من أجل الاستقلال، حيث من المقرر إجراء الاستفتاء في ٢٠١٩، كما شهدت بورتوريكو العام الحالي استفتاء جاء لصالح البقاء ضمن الاتحاد الفيدرالي.

وفي الصين، هناك ثلاث مناطق في الشمال الغربي تطالب بالاستقلال منها شينجيانج ومنغوليا الداخلية والتبت، وهو ما ترفضه الصين بشكل حاسم.

ومن المنتظر أن تجرى استفتاءات في كل من كاليدونيا الجديدة بفرنسا وفي بوجانفيل بغينيا الجديدة في ٢٠١٨. وتواجه الحركات الانفصالية بالكثير من الانتفادات منها أن الدولة من حقها الدفاع الذاتي عن أراضيها، وأن هذه الحركات لا تمثل جموع الشعب التي تتحدث باسمها، كما أن خطر الفوضى يهدد هذه المناطق ذات النزعة الانفصالية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق