مع اهتمام الحكومة المصرية المتزايد بالتوسع فى إنشاء محطات تحلية المياه بالمحافظات الساحلية، لمواجهة الاستهلاك المتزايد للمياه العذبة والبحث عن توفير موارد جديدة منها، أصبح من الضرورى تقنين تلك العملية من خلال خريطة طريق لتوحيد الجهود فى وضع خطوات وآليات عملية تحلية مياه البحر والمياه الجوفية فى مصر،
فى هذا السياق يشير الدكتور حسام شوقى مدير المركز المصرى لأبحاث تحلية المياه إلى أن خريطة الطريق يقصد بها وضع استراتيجية لمستقبل تحلية المياه فى مصر وذلك فى إطار إستراتيجية متكاملة تشمل التخطيط للسياسات والرؤى المستقبلية لتحلية المياه والمتوقع للسعة المطلوبة من محطات التحلية فضلا عن التكامل بين الجهات المختلفة والمتخصصة فى مجال تحلية المياه.
بمعنى تضافر أكثر من جهة من خلال المشاركة الفعلية مثل وزارات الكهرباء والرى والصحة والبيئة والشركات القابضة للمياه والمحافظة التى سيقام فيها إنشاء محطة التحلية ، هذا بالإضافة لجزء مهم وهو عملية التصنيع وتعميق إقامة صناعة محلية لمكونات محطات التحلية حيث إن 70% من تكاليف إنشاء محطة التحلية يتم استيراده وبالتالى يزيد من تكاليف عملية التحلية بما يؤدى لارتفاع تكلفة المتر المكعب من المياه المحلاه.
ويضيف دكتور حسام أنه تم الوصول من خلال تحالف بين المركز والجامعات وأكاديمية البحث العلمى إلى إنجاز تصنيع 80% من المكونات التى يتم استيرادها محليا، وبخطوات جادة لتمكين تحقيق هذا الإنتاج فى خلال عامين من إنتاج الغشاء أو الفلاتر والطلمبات وهما يمثلان أجزاء مهمة فى محطة التحلية بغرض تقليل التكلفة لإنشاء المحطة وبالتالى للمتر المكعب من المياه المحلاة، ووفقا لمؤشرات الشركة القابضة للمياه ستكون تكلفة المتر المكعب 6 جنيهات، وقد يقل التقدير إذا تم التصنيع محليا مما يخفض نحو 40% من إجمالى التكلفة، ويتابع حسام شوقى أن أكاديمية البحث العلمى وضعت أول خريطة طريق لتحلية المياه فى مصر عام 2011 شارك فيها مجلس المياه لوضع تصور عن مستقبل تحلية المياه فى مصر ووجهة النظر فى الطلب على إنشاء محطات التحلية حتى عام 2037، والآن وضع تحديث للخارطة هذا العام لأن الاحتياجات فرضت مستجدات ظهرت على الساحة، لذلك ضاعفت الخريطة هذا العام من كميات المياه المحلاه لمواجهة متغيرات الزيادة السكانية والمدن الساحلية مع فصل المنتجعات الساحلية عن شبكة المياه لتعتمد على محطات تحلية خاصة بها، لذلك تطلب الأمر تحديد من القائم على التقييم والإشراف على إدارة تلك المنظومة من خلال جهاز أو هيئة منوط بها كما تضمنت الخريطة الأخذ فى الاعتبار المفاعلات النووية بالضبعة التى قد تكون ضمن تخطيط الدولة والاستفادة من مياه المفاعلات فى عمليات التحلية .
الطاقة النووية لتحلية المياه
على الجانب الآخر يشير الدكتور مجدى عبدالله الأستاذ المتفرغ بهيئة الرقابة النووية والإشعاعية إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أشارت إلى إنتاج جيل جديد من محطات الطاقة النووية الصغيرة والمتوسطة تعمل على توليد الكهرباء والمياه الصالحة للشرب وبأسعار تنافسية، وأن الطاقة النووية تستخدم فى تحلية مياه البحر على نطاق واسع فى اليابان، ووفق التقارير الأخيرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية فقد وضعت كل من الأرجنتين والصين وكوريا الجنوبية وكندا تصميمات مختلفة لمفاعلات نووية صغيرة صنعت خصيصا لتوليد الكهرباء والمياه العذبة، واعتبرت الوكالة الدولية أن تلك المفاعلات الصغيرة قد تكون مفتاحا للتوسع فى تلك التكنولوجيا، ولذلك فإن روسيا بدأت فى تطوير تصميم محطات للطاقة النووية مع مرفق لتحلية المياه ويعتقد أن تلك التكنولوجيا تقوم على تحلية المياه فى محطة نووية ذات قدرة كبيرة مع مفاعلات الماء المضغوط (VVER) والتى توفرها لإنتاج 170 ألف متر مكعب من المياه العذبة يوميا، وهذا وفق تصريح شركة روس آتوم.
محظورات بيئية لتحلية المياه
ويحذر الخبراء المتخصصون فى حماية البيئة من إجراء عمليات تحلية المياه بدون ضوابط تضمن حماية البيئة حيث أشار الدكتور بدر مبروك رئيس مركز الحد من مخاطر المياه بجامعة الزقازيق إلى أن المياه التى تتخلف عن إجراء عمليات التحلية تكون شديدة الملوحة وأن عملية إعادتها للبحر يؤثر بالضرر البالغ على بويضات الأسماك والشعاب المرجانية لذلك لابد من إلقائها فى مناطق الدوامات المائية لسرعة التخليط لأن ملوحة مياه مثل مياه البحر الأحمر تكون 45000 والمياه المتخلفة عن عمليات التحلية تكون 60000 فضلا عن سخونتها الشديدة لذلك لابد من الدراسة البيئية للأحياء المائية ولا يتم إقامة المحطات إلا بعد تقييم الأثر البيئى على الحياه المائية .
رابط دائم: