على مدى ثلاثة أشهر كاملة تعانى مساحة 18ألف فدان كانت تعد من أجود انواع التربة، الجفاف بسبب نقص المياه، كان يطلق عليها سلة الإسكندرية الغذائية، ولكن طائر العطش حلق فوقها فدمرت المحاصيل وبارت الارض وكانت النتيجة خسارة كبيرة وصرخات وشكاوى ولامجيب، تلك هى تفاصيل الكارثة التى يعانيها مزارعو مركز ومدينة برج العرب التى تكشف عن تجاهل بعض المسئولين هذه المأساة، مبررين بأنه لا توجد مخصصات مائية لرى هذه الأرض، وهناك تقارير أخرى تخرج من داخل المكاتب المكيفة تؤكد أن كله تمام وأنه لا توجد مشكلة، تفاصيل كثيرة فى السطور المقبلة.
«الأهرام» قامت بجولة على أراضى العطش والتصحر.. واقع مرير يسرده الشيخ ادريس عوض مفتاح نقيب الفلاحين بمركز ومدينة برج العرب فيقول: المنطقة بها 6 جمعيات زراعية تعاونية بالاضافة الى جمعية سكرة للائتمان الزراعى ويقع فى نطاق المدينة نحو 18 الف فدان هى امتداد مشروع مريوط للاستصلاح الزراعى وهى اراض تزرع فيها أجود أنواع المحاصيل، وتعد هذه المساحات الهائلة اكبر رقعة زراعية بالإسكندرية.
ما السبب فى تبوير هذه المساحات وقتل الزراعات؟ سؤال يجيب عنه حمزة شعيب ابو عليوه (مزارع) فيقول: ان هذه الافدنة بالكامل تعتمد فى الرى على ترعة بهيج ومنذ سنوات عديدة ونحن نقوم برى اراضينا وفق جدول المناوبات التى كانت تغطى احتياج الاراضى للمياه.. ومع مرور السنين تباعدت مناوبات الرى حيث اصبحت ستة أيام عمالة و(12) يوما بطالة .. وتطور الامر للأسوأ فتباعدت مدة المناوبة للاسابيع مما اثر على المحاصيل الزراعية حتى وصل الامر الى عدم وصول مياه الرى خلال ستة اشهر فى فصل الصيف الحالى إلا مرة واحدة فقط مما أدى الى اصابة المحصول بالجفاف فما بالنا والمياه غابت ثلاثة اشهر فى فصل شديد الحرارة والرطوبة.
أما بشرى أبو عليوة رئيس جمعية أبوحمدة الزراعية فيبادر بقوله: دون مبالغة لقد تغير لون الارض من رمال صفراء الى تربة تكسوها طبقة من الملح.. تحولت من أرض زراعية الى أرض ملحية، وهناك الاشجار التى تعانى العطش فسقطت ثمارها على الأرض بعد اصابتها بالتقزم وكتبت شهادة وفاة آلاف من الاشجار، ومما يزيد من مشكلة تصحر وملوحة الأرض ان وزارة الرى تعتمد على تغذية ترعة بهيج بمياه الصرف الزراعى الناتج من صرف أراضى بنجر السكر، هذا الصرف يعتبر ضارا جدا بالزراعة لأنه محمل بالاملاح والكيماويات والمبيدات.
ويلتقط اطراف الحديث خالد مطير (مزارع) فيقول: لقد غابت عن زراعات برج العرب العديد من الزراعات التى كانت تشتهر بها مثل اللوز والعنب والتفاح والزيتون بسبب ندرة مياه الري.
ويفجر فايز رجب حسين رئيس جمعية برج العرب الزراعية مفاجأة من العيار الثقيل فيقول: فى عام 1997 عرضت الهيئة العامة للتنمية الزراعية هذه الأرض للبيع وكان الشرط ان يقوم المشترى بسداد قيمة مقدم الثمن بالدولار، وقد بلغت قيمة الفدان الواحد حينذاك 8 آلاف جنيه خلاف الاشجار المحملة على الفدان وبالفعل قمنا بسداد القيمة المطلوبة بالدولار، وبعد شراء الأرض بعام واحد فقط لاحت فى الافق أزمة مياه الرى التى استمرت حتى وقتنا هذا..وبسبب ندرة المياه وعدم وصولها فترات كبيرة وألحاق الضرر بالمحاصيل تعثر اغلب المنتفعين فى سداد الاقساط فتراكمت الديون مما ترتب عليه صدور قرارات بالحجز الإدارى عليهم وطردهم من أراضيهم.. مما حدا بالمنتفعين لرفع دعاوى قضائية على الهيئة ومنهم من حصل على استثناء بتأجيل دفع الاقساط لمدة ثلاث سنوات ولكن للاسف الوضع الآن يدعو للحسرة بعد ان تصحرت الارض وتحولت الى ارض جرداء مالحة وهجرها المزارعون.
وكان هذا نتاج جولة ميدانية على ارض الواقع للاراضى الزراعية بينما المستندات والتقارير الصادرة من وزارة الرى تؤكد عكس الواقع الذى يعيشه المزارعون، فمن خلال محضر متابعة مياه الرى ببرج العرب يوم الخميس الموافق 13 يوليو 2017 لاحظت اللجنة وجود المياه فى الترع بالدرجة الكافية ووصول مياه الرى إلى كل الفروع بمنسوب يكفى لرى الزراعات بالاضافة إلى اطالة مدة مناوبة فروع الهوارية لضعف المنسوب، اما محضر المتابعة يوم الاحد 10 سبتمبر فتضمن ضعف المنسوب فى بداية المناوبة، وتكتمل التفاصيل بخطاب صادر من مكتب وزيرالموارد المائية والرى بخصوص شكوى المزارعين بالتضررمن عدم وصول مياه الرى فرع 16 ، 17 ، 18، 19 من ترعة النصر، وقد افاد بالمعاينة على الطبيعة انه تم اعطاء المياه للترعة بالدرجات الكافية وان جميع الزراعات على الترعة بحالة جيدة والمياه بنهاية الترعة بحالة حسنة.
وبقراءة الاوراق الرسمية وجدناها تناقض الواقع ويبدو أن لا أحد يستمع لصرخات المزارعين الذين يطالبون بمصدر رى منفصل عن ترعة بهيج مع تحويل رى الأراضى ببرج العرب إلى الرى المطور بالرش والتنقيط والجمعيات الزراعية على استعداد تام لتحمل جميع التكاليف ولحين تنفيذ هذا المطلب يناشد المزارعون المسئولين توفير مياه كافية بترعة بهيج حتى تتسنى لهم زراعة المزروعات الشتوية.
وبسؤال المهندس مصطفى كامل بخشوان وكيل وزارة الزراعة بالاسكندرية عن حلول للمشكلة اجاب قائلا: تكمن المشكلة فى طول فترة المناوبة التى تصل من45 يوما إلى 50 يوما ولعلاج هذا الامر تم الاتفاق على تقليل الفترة بين المناوبات بحيث لاتتعدى 25 يوما كما تم الاتفاق على جداول للمناوبات بالجمعيات الزراعية ولكن للاسف الواقع الآن يؤكد عدم التزام مسئولى الرى بما تم الاتفاق عليه.
ومن ناحية أخرى تؤكد المهندسة بهية عبد الفتاح رئيسة مركز ومدينة برج العرب ضرورة ايجاد حل لهذه المشكلة حيث تتلقى يوميا شكاوى من المزارعين، وقد قمنا بمخاطبة مديرية الرى والزراعة وكذلك المحافظة لإنقاذ تلك المساحات الهائلة وقد وضعنا حلولا ولكن للاسف لم يلتزم بها أحد.
رابط دائم: