حينما يفتح الفنان الخالص سراديب أفكاره ويسرد مشوار الحكاية ..هكذا ألتقى الأهرام بالفنان الكبير آدم حنين، لنقترب ونبدأ الحكاية:
آدم حنين ..طفلاً: اليوم يحمل معه 88 عاما على طريق بدأ منذ أكثر من ثمانين عاما ... كان وقتها الطفل أدم حنين صحاب الثمانية سنوات ليولد داخل روحه المشهد الفارق لمستقبله المشهود، وذلك عند انضمامه لرحلة مدرسية مع مدرس التاريخ بمدرسة الفالوجا فى ثلاثينيات القرن الماضي، ليجد أبوابا وسراديب تتفتح أمامه من قلب المتحف المصرى بميدان التحرير، فيتنجذب نحوها فى انبهار وتوحد مع ذلك المكان وتفتحت حدقتا عينيه لتسجل أروع الفنون الشاهدة على إبداعات الحضارة المصرية القديمة. وكان هذا هو الدرس الاول كما يقول
بوابة ..المتحف المصرى : أولى الأبواب:
لم تتردد أنامله للحظة فتفاعلت معه وانصاعت له، ليشكل أولى منحوتاته الصغيرة و كان ابوه اول من شجعه كفنان ومنحه واجهة محله لصياغة الحلى لتحمل منحوتته وتمنحها أول فرصة للتواصل مع الجمهور رغم حداثة سنه وقتها فأكتسب الثقة فى قيمة ما يستطيع القيام به فتوالت أعماله واكتسبت يداه خبرات ورؤى تنوعت وتشكلت معها شخصيته كفنان صار مع الزمن أكثر تأملاً وبحثا وراء عمق الأفكار الفنية ولذلك تأتى اعماله كما يقول نقاد الفن التشكيلى فى مصر ذات دلالات عميقة وأبعاد متعددة فى استلهام التراث المصرى كله وعشق جميع التكوينات المستخلصة من عشقه للفن الفرعوني. واعادة طرحه فى صور عصرية ستلازمه طوال مشواره الفنى
الدراسة الأكاديمية:
وعلى الرغم من تقربه لكل أشكال الفنون وإبداعاتها إلا أنه لم يندمج بشكل كامل مع دراسته الاكاديمية حينما التحق بكلية الفنون الجميلة، فقد كانت أركانها ترتكز على نقل المناهج والطرائفق الفنية للتعبير من الفنون الغربية وفنانى عصر النهضة والطرز المعمارية وجداريات الكنائس القديمة فى أوروبا، وتهجر المصادر المصريه المحلية التى اخلص لها حنين فظلت المنبع الأصيل الذى نهل منه فى إبداعات ظلت تتجدد دون تكرار.
السمبوزيوم..قبلة الحياة للنحت المصري:
على مدى سنوات كان الاهتمام بالفنون ينصب ويختصر فى اللوحات الزيتية أو الرسوم أو حتى بعض التصاميم حتى أسس الفنان الكبير فى تسعينات القرن الماضى أول سمبوزيوم متخصص فى فن النحت واختار الفنان الكبير مدينة اسوان لعدة اسباب اسايه اهمها انها فى قلب المنطقة الحضارية الولى لفن التنحات القديم وثانيا لتوفر الخامات الطبيعية البكر من أحجار وصخور تسمح للفنانيين المشاركين من كل انحاد العالم العمل فى الطبيعه واستلهام التراث فى آن. وعلى هامش تلك التظاهرة الفنية نبت مجتمع فنى صناعى يعمل على تجهيز الأحجار وانتقائها بين الجبال والمرتفعات الممتدة.
الفنون أقوى من السياسة فى دمج الشعوب ! :
فى السمبوزيوم وحد فن النحت المصريت نوعا من رد الاعتبار حيث أراد حنين أن يقدمه للأبواب والأسرار التى استقاها من الفنون المصرية العتيقة فأصر على إيصال تلك الخبرات لكل دارسى فنون النحت من مصر والعالم العربى والغربى وخاصة الشباب منهم، وقد نجح السبموزيون فى التحول الى موسم سنوى يزدهر بالثقافات والإبداعات التى نجحت فى إذابة الفواصل والحدود بين كثير من الدول،بل بحيث يمكن اعتباره حوارا بين الحضارات بالحجرر والازميل بعيدا عن تشوهات السياسة ما اسهم فى تصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة وخاصة فى رؤية الاخر لنا ورؤيتنا له
ويؤكد الفنان آدم حنين انه لاتزال هناك سلبيات على طريق اتصال قيم فن النحت لجميع شرائح المجتمع والتى تتمثل أهمها فى سوء اختيار التماثيل والتشكيلات التى تقام فى الميادين والشوارع، فيجب أن يتم ذلك داخل إطار من المعايير المساهمة فى رفع الذوق العام
وعلى الجانب الآخر يرى جانبا شديد الإيجابية متمثلاً فى ارتقاء وتصاعد مشهود لفن النحت بحركة الفنون التشكيلية المصرية والعربية بالسنوات الأخيرة واهتمام غير مسبوق، حيث باتت القاعات المغلقة وحتى الخاصة تسعى لتقديم وعرض العديد من الأعمال النحتية، بعد أن كانت اللوحات المسطحة هى البطل الأول على جدرانها لتنسحب بشكل جزئى ويتصدر مساحات الفراغ تشكيلات من النحت تتجسد بأبعاد كاملة الزوايا الجمالية.
الجيل القادم..هو الحصان الرابح:
ويراهن الفنان الكبير على قدرة العطاء والإبداع لفنانى النحت من الشباب، فقد لمس تطلعاتهم وتواصل معهم ونقل فى إخلاص خبراته ورؤيته لهم،و ثابر على استمرارية النصح لهم خاصة فيما يتعلق بالبحث عن الهوية الحقيقة لما يبدعونه باناملهم . وعدم السماح لهم بالنسخ وتقليد الكبار وهو ما يعتبره جريمة وإساءة لكل الفنون الحقيقة التى لا تثمر وتحقق نتائجها الا بعد فكر ورؤية خاصة ورسالة جادة ومخلصة ، فهذا فقط يمكنا إنتاج ابداع يمنحنا حق مد جسور التواصل مع فنوننا المصرية الأصيلة الباقي
ة،ومن رحم هذا المضمون كانت فكره تنظيم جائزة فن النحت للشباب والتى تحمل أسم آدم حنين بمقر متحفه الخاص بالحرانية وقد انطلقت دورتها الثانية مع بدايات هذا الأسبوع وهى تحت رعاية مؤسسة الأهرام.
تمثال النسر يحلق بأحلام آدم إلى سقارة :
جميع من عمل أو مر أمام مبنى جريدة الأهرام فى شارع الجلاء بوسط القاهرة سيرى آمام المبنى تمثال النسر الطائر الشهير الذى صنعه الفنان الكبير ادم حنين من خامة البروز وبتصميم لنسر راسخ فى القاعدة ويحمل فوقه نموذجا مصغرا من مبنى الأهرام، لكن وراء هذا المشهد اليومى حكاية طريفة وملهمة فى ذات الوقت، فمع حقبة الستينات وتولى الأستاذ:محمد حسنين هيكل لجريدة الأهرام، والذى أشتهر برعايته واهتمامه بكل أفرع الثقافة والفنون، فقد كلف الفنان آدم حنين بتشييد هذا التمثال ليصبح إحدى العلامات أمام مدخل المؤسسة، وتلقى الفنان مقابله مبلغ مالى بلغ ألفى جنيه فى حينها، فقام بدوره وأشترى قطعة الأرض التى أصبحت المتحف الخاص به بالحرانية بمنطقة سقارة بعيداً عن زحام العاصمة وسط الهدوء ليتحول لعرض متحفى دائم لأعماله النحتية التى تشكلت من عمق الأفكار المصرية وأوجدت مكاناً لها على الأرض المصرية المحتضنة لكل إبداع صادق.
رابط دائم: