استغلت وسائل الإعلام الأجنبية المعادية للدولة المصرية قرار حجب جانب من المساعدات الأمريكية عن مصر في التشهير بها وبقيادتها السياسية وفي ترويج ما تشاء من أكاذيب.
وعلى مدى أسابيع عديدة، حملت وسائل الإعلام الأجنبية ذات التوجهات المعادية للدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو الحكومة المصرية المسئولية عن صدور هذا القرار، بدعوى عدولها عن تعهدات سابقة لها بعدم التصديق على قانون المنظمات الأهلية.
فقد بثت وكالة «رويترز» تقريرا مطولا بتاريخ 22 أغسطس 2017 بعنوان «حصري .. واشنطن تحتجز نحو 290 مليون دولار أمريكي من أموال المعونة لمصر» أسهبت خلاله في الحديث عن الانتقادات الأمريكية الموجهة لمصر، وبخاصة سجلها الحقوقي، وسجلها في مجال الحريات، وعلى الأخص بعد التصديق على قانون تنظيم عمل المنظمات الأهلية، وأعادت الوكالة في هذا التقرير «الكليشيه» المحفوظ الذي يقول إن «النشطاء الحقوقيين» في مصر يواجهون أسوأ إجراءات متشددة في تاريخهم في عهد الرئيس السيسي، وهي معلومة من الواضح أنه يتم إملاؤها بالحرف على شبكات الإعلام الأجنبية لتكرارها وتحويلها إلى حقيقة.
وزعمت وكالة «أسوشيتدبرس» للأنباء أن قانون المنظمات الأهلية في مصر استثار رد فعل دوليا واسع النطاق، وأثار المخاوف بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، دون أن توضح بالضبط أسماء هذه الدول المعترضة على هذا القانون، ولا كيفية اعتراضها عليه، باستثناء الولايات المتحدة.
وفي الإطار نفسه، ولإيجاد المبرر الحقيقي وراء قرار واشنطن بخفض المساعدات لمصر، واصلت وسائل الإعلام الأجنبية، وبخاصة وكالة أسوشيتدبرس للأنباء، محاولاتها لتحسين صورة الجماعة الإرهابية، باعتبارها «أفضل حركات المعارضة في مصر تنظيما»، بحسب وصفها، مع تضليل الرأي العام العالمي عن حقيقة الأنشطة والتوجهات الإرهابية للجماعة، وأعمال العنف التي ثبت تورطها فيها، وتصويرها على أنها «جماعة مقموعة»، وأنها ضحية أخرى من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي استدعت الإدارة الأمريكية اتخاذ قرار حجب المساعدات.
وجاء ذلك تحديدا في تقريرها الذي بثته يوم 20 أغسطس 2017، تحت عنوان «نائب بالبرلمان المصري يتراجع عن الدعوة لمد فترة الرئاسة»، حيث ذكرت الوكالة بالحرف الواحد، فيما يمكن اعتباره زلة فاضحة، أن «جماعة الإخوان المسلمين التي كانت أفضل حركات المعارضة تنظيما في مصر تم حظر نشاطها وتصنيفها تنظيما إرهابيا واختفى أعضاؤها تحت الأرض»، دون أن توضح الوكالة تفاصيل وطبيعة ما تفعله هذه الجماعة فوق الأرض وتحتها.
كما أسهب الإعلام الأجنبي طوال الفترة الماضية في عرض الأخبار والتقرير التي تتحدث عن مبررات حجب المساعدات، ومن بينها بث أكثر من تقرير حول حجب مواقع الإنترنت في مصر، ومن بين هذه التقارير، ذلك التقرير الذي بثته هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي.» بتاريخ 24 أغسطس 2017 تحت عنوان «حجب المواقع .. صراع مستمر»، متضمنا تصريحات لشخص استنكر تعرض موقعه للحجب، نافيا الاتهامات الموجهة له بالترويج للإرهاب، كما استعرض محاولات العاملين بالموقع للتحايل على قرار الحجب، بالطعن فيه أمام القضاء الإداري، وهو إجراء قانوني يحق له تماما، ويؤكد أن قرارات الحجب يمكن الطعن فيها بموجب القانون، وأن قرار الحجب له ما يبرره من الناحية القانونية تماما، وهو ما يحسمه القضاء، تماما مثلما تم في ألمانيا مؤخرا إغلاق موقع لليسار المتطرف بتهمة التحريض على العنف في مظاهرات قمة العشرين.
وكانت الفضيحة الحقيقية تقرير أسوشيتدبرس «الغريب» الذي بثته بالأمس عن تفاصيل المذكرة الداخلية التي قدمتها الخارجية الأمريكية للكونجرس يوم 22 أغسطس الماضي عن انتهاكات مصر المزعومة لحقوق الإنسان، والتي كانت سببا في قرار خفض المساعدات، وزعمت فيه أن مصر لا تستوفي معايير الحصول على هذه المساعدات من بينها أمور تنتهك سيادة مصر الوطنية تماما!وقد أنهت الوكالة تقريرها المشبوه الذي نشر بالتزامن مع زيارة الرئيس لنيويورك بعبارة واحدة قالها مسئول بالخارجية الأمريكية لم يذكر اسمه وهي أن التعاون الأمني مع مصر مهم للأمن القومي الأمريكي، ومع ذلك، أصرت الوكالة على «دفن» هذا التصريح القاطع في نهاية التقرير، المليء بالأكاذيب والتحريض، «القديمة»!الشيء الوحيد المهم الذي فات الإعلام الغربي وهو «يهلل» و«يطبل» مع رفاقه من النشطاء والإخوان «المبتهجين» بخفض المساعدات، هو أن الخفض أصلا لم يكن له رد فعل بهذا الحجم وبهذه الضخامة على الدولة المصرية، التي اختارت منذ سنوات الحفاظ على سيادتها واستقلاليتها وتنويع مصادر استثماراتها ودعمها دون انتظار معونة لا تساوي شيئا، بدليل أن هذه المعونة توقفت لفترة وعادت دون أن يحدث ذلك فارقا لدى القاهرة، ولكن الإعلام الأجنبي، والجهات التي تملي عليه المعلومات والأكاذيب، يصرون على إظهار خفض المساعدات على أنه كارثة على مصر، وضربة عنيفة لقيادتها، وهذا سر ابتهاجه، وهو ما يؤكد لهؤلاء أنهم غير مدركين حتى الآن أن مصر لم تعد دولة تابعة لأحد كالتي كانوا يعرفونها!
رابط دائم: