الذاكرة هى ما يربطنا بما حولنا من أماكن وشخصيات وأحداث كبيرة وتفاصيل صغيرة. وكتاب «وديع فلسطين حكايات دفترى القديم» الصادر مع المجلة العربية السعودية، يجسد هذا المفهوم بإطلالته على ذاكرة أحد أهم الصحفيين، أو «صحفى الأدباء» بما تحويه هذه الذاكرة من أحداث عاشها الإنسان العربى منذ القرن العشرين.
قالت عنه مجلة «دعوة الحق» المغربية: «وديع فلسطين أديب عربى قاهرى متمكن، وإجادته التامة النادرة لأدب الترجمة يذكرنا بطبقات المترجمين الكبار فى عصرنا الراهن، وفى عصر نقل الثقافات العالمية إلى لغة القرآن الكريم فى ذروة الحضارة العباسية. وله كتب عدة مترجمة من العربية إلى الإنكليزية وبالعكس، تشهد بذوقه اللغوى الرفيع، وبحسه البيانى الدقيق، وهو مع ذلك أديب وكاتب وصحفى وناقد متميز بالدقة والعمق والأصالة؛ وكتابه «قضايا الفكر فى الأدب المعاصر» مشهور، لهذا كله كان قيامه على ترجمة هذا السِّفْر القيم «فلسطين فى ضوء الحق والعدل» من الإنجليزية إلى العربية عملاً جليلاً أضاف إلى بلاغة المؤلف فى الأصل الإنكليزى بلاغة المترجم فى الأصل العربي؛ ورأينا فى هذه الترجمة جهداً مبذولاً صادقاً وقوياً؛ لتكون الترجمة ببلاغتها ودقتها وقوة تأثيرها مكملة لكل ما احتواه الكتاب من مضمون ومحتوى تاريخى وقانونى وفقهي، وبذلك أضفى المترجم النابغة ــ وديع فلسطين ــ على النص الأصلى للكتاب الكثير من فصاحته الكلاسيكية الأصلية الأمينة الدقيقة وهو ربح وأى ربح للقارئ، وللغة العربية الجليلة، لغة القرآن الكريم».
وقال عنه المؤلف صلاح حسن رشيد فى مقدمته: «هذا الكتابٌ جديدٌ مجهولٌ؛ للأستاذ الكبير وديع فلسطين؛ جمعه من بطون الصحف والمجلات والدوريات فى دار الكتب المصرية العريقة، وجعله ثلاثة أقسام؛ الأول منها: على سبيل التعريف بهذا العصامى الكبير المجهول اليوم! والثانى بعنوان: دراسات ونقدات. والثالث: مقالات مختارة؛ منشورة فى مجلات: الهلال والمُصَوِّر ونصف الدنيا بمصر والمجلة العربية السعودية؛ بعنوان «حكايات دفترى القديم»؛ وتكمن أهمية هذه المقالات؛ فى كونها تُقدِّم صورة واقعية للحياة العربية آنذاك، والمجتمع العربى الباحث عن الجديد والتجديد فى مختلف ميادين الحياة، وقضاياه الثقافية والفكرية والاجتماعية ومكانة المرأة وضرورة تثقيفها والارتقاء بها، كما تشير إلى ألوانٍ من الأدب المسكوت عنه؛ لأنه لا يُدْرَس فى الجامعات العربية؛ وهو عن أدباء سقطوا من ذاكرة النقد، والبحث الموضوعى المُنْصِف.
كما يضم الكتاب ألوانا من أدب الفكاهة؛ لشعراء كبارٍ نظموا قريضهم فى أمورٍ بسيطةٍ؛ لا يحفل بها جهابذة النقد الآن؛ كالمساجلات والمُفاخرات؛ حول خروف العيد بين هؤلاء الشعراء، وفكاهيات الولائم والمآدب، وهى صور ساخرة جميلة ؛ قلّما نجدها اليوم فى ديوان العرب!
ومن إضافات الكتاب؛ موازنته بين وديع فلسطين ومحمد حسنين هيكل؛ فهما من مواليد عام واحد (1923م)، وكان وديع فلسطين من أقرب زملاء هيكل، وأصدقائه! وفى الكتاب قصَّ وديع فلسطين حكاياته مع هيكل، وهى شهادة جديرة بالدراسة والتنويه؛ لأنها تكشف عن جانب غير معروف فى حياة أشهر صحفى عربي!
رابط دائم: