عن «الاغتراب لدى الشاعر العراقى سعدى يوسف» نال الباحث «رضا عطية» درجة الدكتوراه فى الآداب عن رسالته التى ناقشها فى كلية آداب عين شمس، وأشرف عليها الدكتوران صلاح فضل وعبدالناصر حسن.
وذهب فيها إلى أن الاغتراب أنواع فى شعر سعدي، منه الوجودي؛ معاناة الذات وحدتها وعزلتها الكونية مما ولّد حسا رومانسيا ونزعة تشاؤمية، ومنها الاغتراب «الهيجلي»؛ الإحساس الغالب بانشطار النفس وتناقضها الكينوني، ثم الاغتراب الاجتماعي؛ معاناة الكادحين وحلم العدالة (بالمفهوم الأيديولوجى عند الشاعر والذى تراجع مع الزمن). ورأى الباحث أن الاغتراب لازم الشاعر فى انتقالاته بين الأمكنة، مدللا بقول الشاعر فى أحدث دواوينه: «أنْ تعيشَ هنا/ بينَ مَن لا يُطِيقون لونَكَ/ أو أن تعيشَ هنالكَ، مستفرَدًا/ بينَ مَن لا يُطِيقون قولَكَ.. ذاكَ الصراط، إذًا، هو ما كنت تسمعُ عنه».
وذهب الباحث إلى أن تجربة سعدى كشفت الملامح الثقافية للشخصية الجمعية العراقية، وما مر بها من تحولات مصيرية عبر العقود السبعة الماضية، من مناهضتها الإمبريالية فى حقبة ما بعد الكولونيالية، إلى الكفاح اليسارى المطالب بالحرية وحقوق الكادحين، وصولاً إلى الاحتلال الأمريكى ومسخ الهوية القومية العراقية. وتنامى إحساسه بالاغتراب والوحشة لابتعاده عن الوطن وفقدان الآخر سواء المرأة أو الصديق، والشعور بعدم الانتماء، حيث ساءل سعدى نفسه عن جدوى الكتابة: «أكتبُ كى لا أموتُ وحيدًا». معللا أنّ الكتابة ملاذ وجودى أخير من أخطار الموت والعزلة.
ويرى الباحث أن قصيدة سعدى مرت بتحولات: فقد بدأ كلاسيكيًّا محافظًا شديد الغنائية وأسس قصيدته على مرتكزات الموسيقى والإيقاع والقافية، ثم تخفف من ذلك فى السبعينات التى شهدت ابتكاره قناع «الأخضر بن يوسف» كذات ظلية لـ «أناه»، وتمثيل لانشطار الذات. واستثمر لعبة الضمائر فى حركاتها الالتفاتية، مع حضور لافت لضمير المخاطب، إشارة للذات فى حديثها المونولوجي، إبرازًا لانشطارها النفسي. وفى قصيدته كذلك حضور ملحوظ للفن التشكيلى الذى وظف آلياته ربما للُّحمة التى ربطت الشعر العراقى بحركته التشيكيلية، وكذا استخدامه تقنيات تعبيرية من المسرح والسينما.
رابط دائم: