فعلا.. هناك زيادة فى الطلب السياحى على مصر.. لكن المفاجأة أو المشكلة أنه «مفيش» طيران.. أقصد لايوجد طيران «شارتر» لنقل الحركة السياحية إلى مصر.. والشارتر هو عصب السياحة. وللأسف مصر لديها مشكلة منذ أكثر من عام كامل فى التعامل مع هذا الطيران.
على العموم.. أترك اليوم هذه القضية لرجل الاستثمار السياحى والفندقى الكبير سميح ساويرس ليدلى فيها بدلوه.. يقول:
حقيقة هناك حاليا زيادة فى الطلب السياحى الدولى على مصر وأن أرقام الحركة تحسنت بالفعل منذ بداية العام الحالى ومرشحة لزيادة كبيرة.. لكن المشكلة الكبرى التى تواجه مصر حاليا رغم وجود الطلب هى عدم وجود طيران «شارتر» عصب نقل الحركة السياحية إلى أى دولة.
وقال ساويرس ان سبب ذلك يرجع الى عدم وجود منظومة من جانب وزارة السياحة للتعامل مع الطيران بدقة ووضوح فيما يتعلق بالتحفيز المادى لشركات الطيران بعد أن أوقفت الوزارة هذا البرنامج لوضع قواعد جديدة ولكن حدث ارتباك شديد بين منظمى الرحلات الكبار فى العالم والوزارة بسبب هذه القواعد مما أدى إلى قيام المنظمين الدوليين برفع الطائرات من على جداول التشغيل إلى مصر.
وأضاف ساويرس أنه أبلغ المهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء بهذه المشكلة، مؤكدا ان هذا التخبط فى البرنامج المصرى لتحفيز الطيران الشارتر أفقد مصر المصداقية أمام منظمى الرحلات الكبار وشركات الطيران الشارتر وأنه كأحد رجال الأعمال الشركاء فى ملكية إحدى كبرى الشركات الألمانية العالمية لتنظيم الرحلات يواجه مشكلة فى إقناع الشركاء بتسيير رحلاتهم الى مصر، بل ان المبالغ التى تدفعها وزارة السياحة للشركات حاليا لا قيمة لها ولن تحل المشكلة مع أنه لو كان قد تم الاعلان بدقة عن النظام الجديد ما كانت مصر ستواجه مشكلة لنقل الحركة الدولية المتزايدة اليها حاليا.
وأرجع ساويرس أسباب زيادة الحركة الى مصر فى الشهور الأخيرة الى انخفاض الأسعار بعد تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار مما جعل أسعار مصر تنافسية جدا وعليها طلب كبير. فضلا عن تراجع الارهاب وتعود السائحين فى العالم على أن الارهاب موجود فى كل مكان وثالث الأسباب هو أن الدول الكبرى سياحيا والقريبة من مصر والمنافسة لها مثل أسبانيا واليونان قد امتلأت فنادقها والسائحون يبحثون عن بدائل كما أن تركيا المنافس القوى يواجه مشكلات مع السوق الألمانية وبالتالى فهناك اقبال على مصر.
إن الخلافات حول برنامج تحفيز الشارتر الاجنبى لتنشيط السياحة إلى مصر بين وزارة السياحة والمستثمرين ورجال السياحة مازالت محل خلاف شديد فى قطاع السياحة.
كما أن عدم صرف وزارة السياحة المبالغ المخصصة لبرنامج تحفيز الطائرات الشارتر والمشاركة فى تمويل الحملات الدعائية للسياحة إلى مصر من التحديات التى باتت تهدد استمرار عمل الشركات السياحية العاملة فى قطاع السياحة بمصر، حيث لم يتم صرف كل من حوافز الطائرات والحملات التسويقية منذ 2014 حتى الآن، مما أدى إلى فقد مصداقية الحكومة المصرية متمثلة فى وزارة السياحية امام شركات الطيران السياحية ووكلائها «أجانب ومصريين» والذين يسعون جاهدين لعودة معدلات السياحة الوافدة لسابق عهدها.
لقد قامت وزارة السياحة فى شهر نوفمبر من العام الماضى بتعقيد إجراءات صرف الحوافز المخصصة للطائرات الشارتر والحملات التسويقية من خلال إجبار الشركات على استيفاء العديد من المستندات ووضع شروط تعجيزية لاستيفائها، وتشكيل لجان فنية لفحص تلك المستندات، والحصول على موافقات العديد من الجهات المعنية، مما أدى إلى إرباك منظومة الصرف وطول الفترة الزمنية لاستحقاقها حتى وصلت إلى أكثر من ثلاث سنوات، مما أثر بالسلب على تنامى حركة السياحة الوافدة إلى البلاد التى مازالت قائمة بفضل الجهود الذاتية للشركات السياحية.
كما أن تلكؤ الوزارة فى صرف المستحقات قد أوقع العديد من الشركات المصرية فى مشكلات كبرى مع الوكلاء الأجانب بسبب التأخير غير المبرر، مما كبد تلك الشركات خسائر مالية فادحة لعدم حصولها على مستحقاتها إلى الآن، خاصة بعد تحرير سعر الصرف، فقد تضاعفت الخسائر المالية بشكل كبير نظرا لتضخم التكلفة بالعملة المحلية فى مقابل ما تدفعه الشركات المصرية لوكلائها بالعملة الصعبة. فعلى سبيل المثال فإن الشركة المصرية ستدفع مليون دولار للوكيل بما قيمته 8 - 9 ملايين جنيه قبل تحرير سعر الصرف فإنه أصبح الآن فى حدود 18 مليون جنيه، خسائر تتحملها كاملة الشركات المصرية دونما أى مساعدة من وزارة السياحة، مما جعل تلك الشركات تراجع أنشطتها وأعمالها السياحية فى مصر والتهديد بنقل أنشطتها السياحية خارج السوق المصرية، إذا لم يتم التوصل إلى حلول عاجلة وصرف مستحقاتها.
لقد كانت هناك دائما مصداقية فى التعامل فيما تعلنه وزارة السياحة، ومن ثم فإن القطاع السياحى واقع بين الآمرين، وزارة لا تنفذ بما تعد، أضف إلى ذلك أنها أرتكبت خطأ فادحا حيث تعقد اتفاقيات منفصلة مع شركات طيران بعينها دون الأخرى مما يزيد من فقدان المصداقية.
إن قيام الوزارة بالإعلان عن برنامج لتحفيز الطيران المنتظم والشارتر دون وضع آلية تطبيق واضحة، كما هو الحال الآن فى المنظومة الخاصة بالطائرات بمطار مرسى علم، حيث أعلنت الوزارة منذ عام عن برنامج لتحفيز الطيران المنتظم إلى المطارات المصرية، بما فيها مطار مرسى علم وتعجز الآن عن تطبيقه ولا تدرى طريقة حل تلك المعضلة.
إن هناك الكثير من الشركات التى قامت بتخفيض عدد طائراتها على الرغم من الزيادة فى الطلب للتأكد من امتلاء طائراتها ولا يهتمون بترك غرف الفنادق فارغة لأنه ليس لديهم الحافز لتحمل أى مخاطر تقع على عاتقهم فقط. بمعنى آخر هناك الكثير من غرف الفنادق فارغة ولا توجد فى الوقت نفسه أى مقاعد متاحة على الطائرات الشارتر. لابد من الاهتمام بالتسويق وقبل كل شيء المصداقية فى التعامل مع الشريك الأجنبى فالمصلحة مشتركة.
وفى النهاية نؤكد أن منظمة السياحة العالمية قالت فى أحدث تقرير لها أن هناك زيادة فى حركة السياحة إلى دول الشرق الأوسط، وفى العالم كله منذ بداية هذا العام بسبب تحسن النمو فى الاقتصاد العالمى من 3.1% إلى 3٫5% مما انعكس على قطاع السياحة حيث بلغت نسبة النمو العالمى 6% مقارنة بنسبة 4% فى النصف الأول من العام الماضى وبالأرقام بلغت الزيادة نحو 36 مليون سائح فى أرقام الحركة العالمية من يناير الى نهاية يونيو ليرتفع عدد السائحين فى العالم الى 598 مليون سائح. كما أشارت المنظمة إلى أن مجموعة دول فى الشرق الأوسط حققت زيادة واحتلت الأراضى الفلسطينية المركز الأول فى هذه الزيادة بنسبة 57%، بعدها مصر فى المركز الثانى بنسبة 51٪ زيادة فى النصف الأول من العام الحالي.
رابط دائم: