رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ودّع االصورة الذاتية فى المرآة المحدبة
رحيل «جون آشبرى».. آخر شعراء أمريكا الكبار

> مها شهبه
قبل وقت قصير كان يحمل لقب «أهم شاعر أمريكى على قيد الحياة»، لكنه رحل قبل أيام قليلة عن 90 عاما. «جون آشبرى» الشاعر الذى حصد كل جوائز الشعر الأمريكية. وصفته صحيفة «النيويوركر» بأنه «ربما كان آخر شاعر يحوز ما يشبه الإجماع من طرفى النقيض الشعري، أى من التقليديين، والتجريبيين.

ورغم أن أعماله الأولى عُرفت فى نطاق المهتمين بحركة الطليعة غالبا، فإنه خلق لنفسه مكانة كواحد من كبار الشعراء الأمريكيين عام 1976 عندما أصبح الشاعر الوحيد الذى حاز جوائز بوليتزر، والكتاب القومي، ونقاد الكتاب القومى فى سنة واحدة، عن ديوانه «صور ذاتية فى مرآة محدبة». الذى استلهم قصيدته الأساسية، وهى فى خمس عشرة صفحة، من تأمل لوحة لفنان عصر النهضة الإيطالى «بارميجيانينو»، ولد آشبرى عام 1927 فى روتشستر، بنيويورك، ابنا لمزارع يمتلك حقول فاكهة. وتربى فى بيت جده لأمه هنرى لورانس، وكان طبيبا وأستاذا بجامعة روتشستر، فتعرف فى مكتبته إلى أعمال تشارلز ديكنز ، وتى إس إليوت وغيرهما. وفى الثانية عشرة من عمره، توفى شقيقه الأصغر والوحيد عن عمر 9 سنوات باللوكيميا، وأثّر هذا فيه كثيرا، وقال عنه فى حوار لصحيفة االتايمزب عام 1999:«كان لى مجموعة من رفاق الطفولة مملكة خيالية فى الغابة، ثم مات أخي، بداية الحرب العالمية الثانية، فتفرق جمعنا أنا وأصدقائى بسبب حزنى عليه. ولم تعد حياتى أبدا لسابق رومانسيتها وبهجتها، فأخى لم يعد هنا.. وأعتقد أننى طوال الوقت أحاول العودة لتلك المملكة السحرية الخيالية».

والتحق عام 1945 بجامعة هارفارد، وحاز الماجستير فى الأدب الإنجليزى من جامعة كولومبيا، و كتب الإعلانات لمطبعة جامعة «أكسفورد». وهناك اكتشف كتابات «جون كيج» التى كان لها أثر ممتد فى أعماله.

وحصل فى 1955 على جائزة جامعة «يال» للشعراء الشباب عن ديوانه الأول «بعض الأشجار». وحصل على منحة من مؤسسة «فولبرايت» للدراسة فى باريس ، حيث بدأ كتابة النقد وعمل كمحرر فى صحف صغيرة. وبعد عقد من الحياة فى باريس، عاد إلى نيويورك، وأصبح صحافيا ثقافيا، بجانب تدريس وكتابة النقد. حتى أنقذته منحة مؤسسة «ماك آرثر» عام 1985، ومكنته من التفرغ للإبداع. وفى 1992حصل على جائزة «أنطونيو فلترينيللي» العالمية للشعر، وفى 1993 منحته الحكومة الفرنسية لقب فارس فى الفنون والآداب. وعام 2012 حصل على ميدالية الآداب الإنسانية القومية من الرئيس الأمريكى أوباما.

وقال عنه الناقد الشهير «هارولد بلوم»: لو أن شاعرا يكتب بالإنجليزية، يمكنه أن ينجو من قسوة حكم التاريخ، فسيكون آشبري، الذى ينضم لسلسلة من كبار الأدباء الأمريكيين تتضمن والت ويتمان وديكنسون وستيفينز وهارت كرين». فى البداية انضم آشبرى لمدرسة نيويورك فى الشعر،التى ضمت المغرقين فى الحداثة والسوريالية والتعبيرية التجريدية، التى شكلت الحياة الفنية للمدينة فى وقت ما.

و بينما اشتهر كبار شعراء جيله بنشاطهم الاجتماعى مثل اجارى سنايدرب بغزوهم عالم الرواية مثل «جيمس ديكى»، أو بمآسيهم الشخصية مثل اسيلفيا بلاثب اشتهر آشبرى فقط بكتابة الشعر. فلا أحد يكتب مثله. وإن بدت العبارة ركيكة، لكنها تصفه بكل معناها، كما رثاه الناقد «دينيث أور» فى «النيويورك تايمز». وكثيرون حاولوا تقليد شعر «آشبرى» الذى بدا لاهيا وحزينا، سخيفا ورائعا فى آن. لكنهم فشلوا فى ذلك تماما، وبقيت قصيدته تتميز دائما بإمكانية تمييزها عن غيرها فورا. والملاحظ أنه تجنب الجوانب الإنسانية الصعبة. فكانت تجذبه موضوعات مثل التردد، والشك، والحيرة (وهنا يظهر تأثره بالشاعر الكبير جون كيتس)، كما كتب كثيرا عن عبء التقدم فى العمر. وهكذا كان يحلو لـ «آشبري» مزج العادى اليومى بالشعرى الراقى ليخبز فطيرة شعرية يتذوقها الجميع باستمتاع، وربما حصد الإجماع لهذا السبب. وفيما يشبه البعض الشعراء بمحارات الأعماق التى تستغرق أعواما لتنتج لؤلؤة، يرى النقاد أن آشبرى كان يشبه النافورة فى تدفقها، فقد أنتج 28 ديوانا، تتراوح قصائدها بين بضعة أسطر و200 صفحة. وساعدته على ذلك مهارته التى تتمتع بأفق شاسع من التقنيات والأساليب الشعرية. وقد كتب بعض قصائده بالفرنسية ثم ترجمها إلى الإنجليزية ليتفادى تقليدية التراكيب اللغوية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق