رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ترجمة الأدب الإفريقى حاجة ضرورية

> أحمد عبد العظيم
الأدب الإفريقى أحد أهم المداخل لفهم تاريخ وشخصية الشعوب الإفريقية، لكنه من أسف لا يجد الاهتمام الكافى من مؤسساتنا الثقافية المهتمة بالترجمة. ما يجعل نداء العودة إلى القارة السمراء واكتشافها أشبه بشائعات تطلقها وسائل الإعلام كلما اقتضى الأمر، أو حين تهل ذكرى استقلال دولة كان لنا دور فى تحريرها من الاستعمار.

والعجيب أنه سبق لنا الاهتمام بترجمة الأدب الإفريقى فى ستينيات القرن الماضي، وكانت ترجمة الروايات والأشعار قليلة، ثم أصدرت المنظمة الأفروآسيوية مجلة لوتس فى 1968 لتصبح نافذة للأدب والنقد الإفريقي، لكنها توقفت عن الصدور، ونسى المترجمون أن هناك ما يعرف بالأدب الإفريقى إلى أن حاز الأديب النيجيرى «وول سوينكا» جائزة نوبل فى 1986،


ولفت أنظار المترجمين لإبداعاته، بينهم الناقد «نسيم مجلي» الذى قال لنا: « لا تزال إفريقيا قارة بكر، ولن نجد خيرا من كنوزها التراثية والأدبية لتفتح الطريق لاستعادة مكانتنا ودورنا الريادى فيها، وتزيح الستار عن أساطيرها، وبالمقابل أفكارها العقلانية بعيدا عن الاستعلاء والعنصرية والتعتيم الذى فرضه المستعمرون على الشعوب الإفريقية، وكان سببا فيما تعانيه من تخلف، وإبعادنا عنها كان متعمدا لتبقى حالة الانقسام بين الشمال والجنوب، ويستمر استنزاف ثرواتنا جميعا، ويتوجب علينا المبادرة بكسر هذه الحواجز والتعرف على عادات وتقاليد الشخصية الإفريقية ليسهل التعامل معها بما بضمن احترام مشاعرها، وتقوية أواصر الصداقة والتعاون معها. ويواصل نسيم مجلي: ومن هنا نبع اهتمامى بترجمة الأدب الإفريقى وتضاعف عقب فوز «سوينكا» بنوبل كأول أديب إفريقى ينالها، وكانت لحظة كاشفة ألقت الضوء على ثقافة القارة ومبدعيها، ولم يمر سوى عامين حتى حصل عليها أديب إفريقى ثان هو «نجيب محفوظ»، ثم الأديبة الجنوب إفريقية «نادين جورديمر» وغيرها، وكانت الجائزة اعترافا بنضج وعالمية الأدب الإفريقى بعد نصف قرن من مكافحة الاستعمار والعنصرية، لعب فيها دورا محوريا فى تنمية الوعى الوطنى والقضاء على التخلف، وخلال تلك الفترة اطلع المثقفون فى العالم على إبداعات مكتوبة بالإنجليزية والفرنسية لشعراء مثل «سنجور» و«إيمى سيزر»، وقاص مثل «عاموس تيتولا»، وروائيين مثل «تشينوا أتشيبي» و«جيمس نجوجي» و«بيتر إبراهام»، وقد ترجمت لـ «سوينكا» ست مسرحيات كتبها بالإنجليزية، هى «حصاد كونجي» و«سكان المستنقع» و«الموت وفارس الملك» و«السلالة القوية والأسد» و«الجوهرة» و«عابدات باخوس»، ورواية واحدة بعنوان «مذكرات سجين» ودراسة نقدية عنوانها «الأسطورة والعالم الإفريقي».



وإذا كانت الترجمات السابقة ركزت على النقل من الإنجليزية والفرنسية، فإن هناك جهودا نادرة تستحق الإشارة إليها تهتم بالترجمة من اللغات الإقليمية مثل السواحيلية المنتشرة بشرق إفريقيا، وفى كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر فريق متخصص آل على نفسه ترجمة الأدب السواحيلى إلى العربية، بينهم د. «عبد الحى أحمد» رئيس قسم اللغات الإفريقية الذى قال لي: «النوايا الحسنة لا تصلح وحدها لإتـمام أى مشروع للترجمة، فقد تقدمنا بمشروع لترجمة أشهر الأدباء السواحليين بناء على طلب من وزارة الخارجية التى عقدت معنا اجتماعات لمناقشة المشروع ممثلة فى السفير «تامر الموازيني» قبل أكثر من 3 أشهر وإلى الآن لم ير النور، ولا يزال فى أدراج المركز القومى للترجمة بدون أسباب واضحة. وعن إسهاماته فى الترجمة يقول دكتور عبد الحي: «نشرت رواية «الماس الزائف» للأديب الكينى «تشاتشاجي» وقصص أخرى لنظيره الكينى «أحمد ندالو» بعنوان «هيا نحكي» ضمن المشروع القومى للترجمة، بجانب مخطوطات سواحلية نادرة تتضمن مراسلات بين الشيخ «الأمين بن على المزروعى» قاضى قضاة كينيا، والسير «آلان» المندوب السامى البريطانى بشرق إفريقيا، ودعاه فيها للإبقاء على كتابة السواحلية بالحروف العربية بدلا من الحروف الرومانية تفاديا لطمس الهوية الإسلامية. وعلى مستوى اللغة أعددت قاموسا سواحليا عربيا بالتعاون مع دكتور «على أحمد شعبان» ويشمل 40 ألف مدخل فى اللغة السواحلية، وصدر عن المركز القومى للترجمة، وأيضا كتاب «قواعد اللغة السواحلية» ونشر فى ليبيا، وحاليا أترجم «فتاوى دار الإفتاء المصرية» إلى السواحلية .

ويتفق معه د. على أحمد شعبان أستاذ اللغة السواحيلية وآدابها بجامعة الأزهر فى أن: «جملة ما نشر من ترجمات الأدب الإفريقى لا يتناسب مع علاقاتنا التاريخية بإفريقيا، وأشار إلى أن حادث الاعتداء على الرئيس الأسبق مبارك فى أديس أبابا كان وراء ابتعادنا عن إفريقيا، وأصبح الحصول على مصادر المعرفة من كتب ودوريات متخصصة أمرا بعيد المنال، ولا توجد دار نشر واحدة تتولى استيراد تلك المصادر. وعدد المتخصصين باللغات الإفريقية لا يتجاوز 35 عضو هيئة تدريس على مستوى الوطن العربي. ولأن المكتبة العربية فقيرة بكتب تعليم اللغات الإفريقية، فقد نشرت كتابين هما «كيف تتعلم اللغة السواحلية» و«قواعد اللغة السواحلية»، وأترجم كتابا آخر بعنوان «ضلالات الإرهابين وتفنيدها» لمجموعة من أساتذة الأزهر.

وللدكتور «محمد إبراهيم» أستاذ الأدب السواحلى بجامعة الأزهر ترجمات متميزة لمسرحيين سواحيليين بارزين، مثل مسرحية «حاجز الزمن» للتنزانى «إبراهيم حسن» وهى تعكس الصراع بين الأجيال على التقاليد الإسلامية والقيم المستوردة، وأخرى بعنوان «صرخة حق» للكينى على المزروعي. ويشير د. محمد إلى ترجمته روايتين للتنزانى «شافى آدم شافي» صدرا عن المركز القومى للترجمة، أولاهما «الشد والجذب» وتدعو إلى نبذ العنصرية لبناء مجتمع على أسس المواطنة، والثانية «الخائن» وتتناول الصراع على الحكم بين تنجانيقا وزنجبار ويدعو إلى قيام الأجهزة الثقافية بتأسيس سلاسل لترجمة الأدب الإفريقى والاستعانة بالشباب لإنجازها.

وللنقد دور لا يمكن إغفاله، فيجب بلفت نظر المترجمين لأبرز الإبداعات وللدكتورة «منى إبراهيم علي» أستاذ الأدب الأمريكى والأدب المقارن بآداب القاهرة إسهامات طيبة فى هذا المجال، وترى أن قلة الترجمات ترجع إلى أن المترجمين يضعون الأدب الإفريقى فى منزلة أدنى من الآداب الأوروبية دون إحساس بعمقنا الإفريقي. وقدمت دراسات نقدية تتناول روايات «شينوا أتشيبي» ووجدت أنه يستخدم اللغة الإنجليزية ليشبعها بالأمثال والحكم والتراث الإفريقى لدرجة أن القارئ الإنجليزى يشعر معها بالغربة، وتثرى الثقافة الإفريقية وتؤكد أن للأفارقة حضارة ذات جذور عميقة آن للأوروبى أن يعرفها. وقمت بإعداد دراسة أخرى عن المقارنة بين «أتشيبي» والروائية «أهداف سويف» من حيث استخدامهم للغة الإنجليزية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق