رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

واشنطن والسعى لاستمرار حالة اللاسلم واللاحرب فى الشرق الأقصى

> واشنطن ــ توماس جورجيسيان
مع استمرار توتر الأجواء في شرق آسيا ومواصلة كوريا الشمالية تلويحها بالسلاح النووى وامكانية استخدامه تجد واشنطن نفسها فى موقف لا تحسد عليه.

فهى بالتأكيد تستنكر سلوك بيونج يانج ورئيسها وتندد بتهديداتها المتواصلة وأحيانا تتوعد واشنطن بالرد عليها، إلا أنها في الوقت نفسه لديها خيارات محدودة، تحاول من خلالها احتواء الموقف قبل تدهوره وضمان تفادى المواجهة العسكرية بعواقبها الوخيمة. كما أن واشنطن تحاول جاهدة مع حلفائها في المنطقة السعى بجميع الطرق السلمية الممكنة والمتاحة ومنها الدبلوماسية وفرض العقوبات الاقتصادية ـ من أجل استمرار حالة اللاسلم واللاحرب التى تعيشها منطقة الشرق الأقصى على مدى السنوات الماضية.

ويواصل فريق الأمن القومي بالادارة الأمريكية اجتماعاته المكثفة وأيضا اتصالاته

وتشاوراته مع قيادات وأعضاء الكونجرس بالاضافة الى قيادات دول المنطقة. كما أن واشنطن سعت خلال الأيام الأخيرة وما زالت تسعى فى أروقة مجلس الأمن للتوصل إلى قرار دولى جديد يفرض عقوبات اضافية على كوريا الشمالية. وبدا واضحا مع اصرار واشنطن على هذا القرار أن هناك اعتراضا واضحا وصريحا من الصين وروسيا (ولهما حق الفيتو) حول صياغته وتوقيته.

وصرح ستيف منوشين وزير الخزانة الأمريكى يوم الأربعاء بأنه فى حالة عدم اقرار تلك العقوبات الاضافية واشنطن تنوي اصدار قرار تنفيذى يوقعه الرئيس ترامب يعطي بموجبه للوزير سلطة وقف التعامل التجارى وفرض عقوبات على أى دولة تتعامل تجاريا مع بيونج يانج.

في سياق متصل كثفت واشنطن في الأيام الماضية اتصالاتها مع حلفائها في المنطقة ـ وتحديدا كوريا الجنوبية من أجل طمأنتها وتأكيد وقوف واشنطن معها فى أى مواجهة محتملة. وأبدت ادارة ترامب علنا استعدادها لتعزيز القدرات العسكرية لكل من كوريا الجنوبية واليابان من أجل التصدى للتهديدات القائمة والقادمة من كوريا الشمالية. ولم تكشف الادارة طبيعة وتفاصيل تلك التعزيزات العسكرية. وجاء لقاء الأدميرال سكوت سويفت قائد أسطول المحيط الهادى الأمريكى مع وزير الدفاع الكورى الجنوبى بسول ليؤكد أن الأزمة الأخيرة قربت بين واشنطن وكل من سول وطوكيو بدلا من أن تفرق بينهما ـ كما كانت بيونج يانج تأمل وتريد.

خبراء الدفاع والأسلحة في واشنطن بجانب متابعتهم الدقيقة لطبيعة التجارب النووية الكورية بما تحمل من قدرات تدميرية يدرسون أيضا نيات بيونج يانج ومدى استعداد حلفاء الجوار لعدم الخضوع لتهديداتها. ان الحاجة إلى الدبلوماسية ـ أو الأساليب الدبلوماسية للتقارب أو التفاهم ضرورة لا مفر منها . أغلب الخبراء لا يختلفون بأن الهجوم الاستباقي فى هذه الحالة لا يمكن تحقيقه لأن المواجهة العسكرية اذا حدثت ـ سواء كانت البداية مخططا لها أو تجىء نتيجة قرار طائش ـ ستكون كارثية بكل المعايير. خاصة أن الاستهداف المحدد أو المحدود لمكان ما فى كوريا الشمالية ليس بالأمر اليسير ويمكن التحكم فيه أو تحجيم عواقبه. وبالطبع المنطقة متوترة بطبيعتها ومن ثم أى اختلال ل «استقرارها « القائم ستكون له عواقب وخيمة ـ دمار وتخريب واسع النطاق مع مئات الآلاف من القتلى ـ حسب أقل تقدير.

ولم يتوقف الحديث فى واشنطن خلال الأيام الماضية حول الدور الصينى الرئيسى والمحورى (وخاصة فى أجواء التوتر الحالية) فى «تهدئة الأمور» أولا ثم التوصل فيما بعد الى آلية تفاوض أو صيغة تفاهم وتعايش تنزع فتيل المواجهة وتخفف من أجواء التصعيد العسكري والعدائي فى المنطقة.

لكن يبقى السؤال الأهم، هل الصين على استعداد أو لديها رغبة في التشاور أو التفاوض مع أمريكا حول طموحات بيونج يانج النووية من أجل تفادى تهورها والتصدى لخطورة مغامراتها؟ أو هل يمكن اقناع الصين بأن تشارك فى حصار كوريا الشمالية اقتصاديا بوقف امدادها بالنفط؟ وبالطبع لا يمكن التعامل مع هذا الملف الشائك والمتوتر دون الأخذ فى الحسبان أن هذه المنطقة مع ما حدث من تطورات اقتصادية وسياسية وعسكرية تراها الصين تخصها وتتبع جوارها وتقع في دائرة نفوذها ـ وهى لا تريد المشاركة أو استمرار المنافسة مع أمريكا وحلفائها حول المياه الاقليمية وأمور أخرى. ولم يختلف أغلب المراقبين أن لغة الرئيس ترامب الحادة التى استخدمها فى الأيام الأولى للأزمة من خلال «تويتاته» الطائشة زادت من التوتر القائم ولم تنجح بالطبع في احتواء الموقف.. اضافة الى أنها أربكت حلفاءه فى كوريا الجنوبية واليابان ولم تظهر بالضبط ما تريده أو تنويه واشنطن. الا أن جنرالات الادارة بشكل عام وجيمس ماتيس وزير الدفاع تحديدا ومعه ركس تيلرسون وزير الخارجية حاولوا من جانبهم تأكيد أن واشنطن لا تسعى لتغيير النظام في بيونج يانج..وأنها تسعى لايجاد حل سلمى ..وتهدئة التوتر الساخن والتعامل مع الأمور المطروحة بالتفاوض مع كافة الأطراف المعنية بالأمر. لا شك أن الملف الكوري بكل تفاصيله أمر شائك ومحير ومحبط لأهل واشنطن ـ أوهكذا يبدو وفى الوقت نفسه أمر حيوى ومصيرى لا يمكن تفاديه أو اهماله مهما تكن القراءات والتحذيرات والتهديدات!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق