رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عريس الأحلام

أنا سيدة فى الخامسة والثلاثين من عمرى‏,‏ نشأت فى أسرة متوسطة لأب يعمل موظفا بإحدى الشركات‏,‏ وأم ربة منزل نالت قسطا من التعليم ثم تزوجت‏,‏ وتفرغت لرعاية بيتها وأولادها، ولى أخ يكبرنى بسنتين وأخت أصغر منى بثلاث سنوات‏،

وأصررت منذ صغرى على التفوق والانتقال من حياة القرية البسيطة إلى آفاق المدينة الواسعة التى أرى أنها المكان الوحيد للوصول إلى تطلعاتى وطموحاتى فى العمل والنجاح، ولم يفارق هذا الهدف خيالي, وصممت أذنىّ عن كل كلام عن الزواج، فارتبطت معظم زميلاتى قبل أن يكملن تعليمهن, أما أنا فلقد رفضت أكثر من عريس تقدموا لخطبتى لأنى لم أر فى أى منهم الزوج المناسب, وانتقلت للإقامة بالقاهرة, فى شقة تملكها الأسرة, وعشت بين أقاربى الذين غادروا بلدتنا منذ سنوات طويلة, ولم تعد لهم صلة بها إلا فى المناسبات, وتقدمت للعمل فى أكثر من جهة, ونجحت فى اختبارات هيئة كبري, وتدرجت فى العمل بها سريعا, وخلال ثلاث سنوات صرت مسئولة عن قطاع مهم بها, وهمست صديقاتى إلىّ بأنه حان وقت الزواج قبل أن يفوتنى القطار الذى لا ينتظر من يتقدم بها العمر، ووجدتنى أنصت إليهن وأستجيب لهن, فلقد تزوجت أختى الصغري, وأنجبت ولدا جميلا, وكذلك أخى الذى أنجب ولدا هو الآخر, وصار لكل منهما بيت وأسرة, وتمت خطبتى لشاب فى نفس الهيئة التى أعمل بها, ولم يمض شهران حتى تم فسخ الخطبة لأسباب تافهة, منها أنه يريدنى أن أزور أمه باستمرار قبل الزواج، وأن أرتب معها المنزل, ولم أقتنع بكلامه, بل وشككت فى نياته, وهنا فوجئت به يفسخ الخطبة فحمدت الله أن كشف لى أمره قبل الزواج, وتكرر السيناريو نفسه مع اثنين آخرين ولم تتم الخطبة.

ومرت شهور, وجاءنى عريس جديد يعمل مهندسا حرا يأخذ مقاولات هنا وهناك، وعرفت أنه كان متزوجا من مهندسة باحدى الشركات المعروفة وأنه أنجب منها ولدا ولكن لم يرتح معها, إذ كانت دائمة الشجار لاتفه الأسباب، وهكذا لبس أمامى ثوب الفضيلة, والتدين, واستطاع بكلماته وعباراته المنمقة أن يقنعنى بالزواج منه, فوافقت بلا قيد ولا شرط, وتزوجنا بعد أن اشترى حجرة النوم فقط, أما باقى الأثاث فلقد اشتريته من مدخراتي, وبالطبع عشنا فى شقة الأسرة، ورأيت أن كل ذلك يهون من أجل الزواج الهادئ والمستقر، ولكن هيهات أن تعرف حياتى الاستقرار, إذ أبلغنى بعد الزواج بثلاثة أيام أنه سيسافر إلى سيناء حيث إنه سيتولى إقامة أحد العقارات لجهة كبرى هناك، وأننى سألحق به بعد أيام، وسافر وهاتفنى أن أذهب إليه، فأخذت إجازة من عملى لمدة أسبوع، وهناك وجدته يعيش فى شقة فندقية من حجرة وصالة صغيرة، وكان يأتينى بضع ساعات ثم يقول لى إنه لابد أن يبيت فى موقع العمارة لمتابعة الأعمال بنفسه، وتكرر ذلك مرات ومرات، وشككت فى أمره خصوصا بعد أن تغيرت معاملته لى تماما، وأخذ يحدثنى عن عيوبي, ومنها أننى لا أجيد الكلام ولست مثقفة, وأنه لا يشعر بما أسميه «النجاح» فى عملى!

وشعرت أنه متخبط وبأننى تسرعت فى الزواج منه, ثم جاء اليوم الذى لم أكن اتخيله أبدا إذ ذهبت إليه فى شقته حسب اتفاقنا, ففاجأنى بأنه سوف يسلم الشقة فى اليوم التالي، وأن علىّ أن أعود إلى القاهرة فى الصباح الباكر, وأنه سوف يرتب لى زيارة أخرى بعد أن يستأجر شقة أخري، وحجز لى تذكرة السفر, فعدت وأنا أدرك أنه كذاب، وأن حياتى معه لا يمكن ان تستمر على هذا النحو, وأنه هو الذى يريد أن يطلقني، كما فعل مع زوجته السابقة التى كان يجب علىّ أن أسعى للقائها، ومعرفة سبب طلاقها, وفى ظهر اليوم التالى اتصلت بتليفون العقار الذى كنا نسكن به، فعرفت أنه أخذ أجازة لمدة أسبوع، وهنا اتصلت بوالدته فأنكرت أنها تعرف مكانه, وبعد قليل اتصلت بتليفون الشقة التى كان يعيش فيها فى منزل أسرته، وهى تقع بجوار شقة والدته بنفس المنزل، فإذا به يرد علىّ، وكانت مفاجأة غير متوقعة له، فانفعل بشدة واعتبر أننى أتجسس عليه فأغلقت سماعة التليفون ولم أجد بدا من أن أخبر أهلى بأمره، ورويت لوالدى ووالدتى ماحدث معى طوال الشهور الستة الماضية منذ زواجنا، فرد علىّ أبى بأنه كان يشعر بأن هناك شيئا أخفيه عنه، وأنه كان ينتظر الضوء الأخضر منى لكى يتحرك، واتصل به لكى يفهم منه أسباب تغيره, أو اذا كنت قد أخطأت فى حقه, فقال له إنه لن يستطيع لقاءه هذه المرة، وسوف يناقش الموضوع معه فيما بعد، وفهمت أنها مراوغة جديدة من مراوغاته, فأصررت على الذهاب إليه فى بيت أسرته قبل أن ينهى اجازته, وبعد أقل من ساعة كنا هناك.. بالطبع كانت مفاجأة لوالدته التى اخفت عنى أن ابنها موجود عندها، أو أن هذه هى طباعه, وأنه لم يستقر مع أى زوجة، وقد تلعثمت فى الكلام ثم قالت لقد جاء متأخرا جدا, و«تعبان شويه»، ومع اصرارى على لقائه جاءنا وطلب لقاء أبى على انفراد, وتحدث معه بكلام غير مفهوم عن أنه مريض, ويريد السفر للعلاج, وخلافه, وهنا أصررت على الطلاق خوفا من أن يتركنى معلقة ويختفي, كما أنه لا يمكن أن تستقيم الحياة مع شخص بهذه الصفات، وعندما سمع كلامى طلب من أبى أن أتنازل عن كل حقوقي, وبالفعل وقعت له على التنازل الذى كان يسعى إليه, وتم طلاقنا فى نفس الجلسة.

فهل أخطأت لأننى أصررت على الطلاق, وهل من الممكن إقامة حياة مستقرة مع مثل هذا الشخص؟ وهل كنت على حق عندما رفضت فكرة الارتباط والزواج؟ ثم ما الذى ينبغى أن تفعله فتاة لا حول لها ولا قوة لكى تنعم بزوج حنون وحياة مشتركة بين اثنين لا يعرفان الأنانينة؟ وهل يجب أن تظل المرأة مغلوبة على أمرها مهما فعل زوجها حتى لا يطلقها خوفا من كلام الناس؟

 ولكاتبة هذه الرسالة أقول :

لقد أخطأت منذ البداية بإصرارك الغريب على العزوف عن الزواج، وأخطأ أبواك بمجاراتك فيما ذهبت إليه, فالطبيعى أن تنشأ الفتاة فى جو أسري, وتعايش عن قرب زواج قريباتها وأقاربها، وتراقب سلوك الأخريات فى الزواج واختيار شركاء الحياة، لكن أن تمضى حياتها على هذا النحو الذى سرت فيه, فهذا هو الخطأ القاتل الذى وقعت فيه, والذى يتحمل الجانب الأكبر منه أبوك وأمك اللذان ظنا أنك بانتقالك إلى القاهرة سوف تتفتح لك الأبواب، وستجدين العريس الذى ينقلك نقلة كبرى بعيدا عن الحياة البسيطة فى القرية التى تعيشون فيها, وهو اعتقاد خاطيء يقع فيه الكثيرون دون ان يعوا أن انصراف الفتاة عن الأسرة سوف يجعل منها فتاة أخري, وقد يدفعها إلى الاصرار على انتهاج خط غير الخط الذى نشأت فيه, فتصبح متمردة على واقعها, مصرة على المضى فى الحياة الجديدة التى انتقلت إليها مهما تكن العواقب.

وتوالت أخطأؤك برفض كل من حاول الاقتراب منك طالبا الزواج، وعندما ألحت عليك صديقاتك بضرورة الزواج, وبعد أن تزوجت أختك الصغرى وأنجبت، وافقت على عريس ظننته أنه المناسب من باب المظهر لا الجوهر، وخفت أن يطير منك برغم علمك بزواجه الفاشل والذى حمّل فيه المسئولية على مطلقته دون أن تتبينى الحقيقة، ولذلك سارعت بالموافقة عليه, وبل ويسرت له كل شيء، فعشت فى شقتك، ولم يقدم لك سوى غرفة نوم لا أكثر، ولأن ما جاء سهلا ينتهى سريعا, فإنه أفصح عن وجهه الحقيقى بعد أيام من زفافك إليه، وكان ما كان حتى انكشف أمره، فلم يتردد فى تطليقك انتظارا لضحية جديدة تنخدع بكلامه المعسول وأسلوبه الساحر!

إن التدقيق فى اختيار شريك الحياة أمر ضرورى لمن تنشد الاستقرار، ولابد أن تعطى نفسك الوقت الكافى قبل الإقدام على زواج جديد, وأن تكون هناك فترة تعارف مناسبة يحاول كل طرف خلالها أن يتعرف على خبايا الطرف الآخر، ويدرس تصرفاته, فإذا شك فى بعض السلوكيات أو استعصى عليه فهم بعض الأمور، فلا يكمل المشوار، وليبحث عن الشريك المناسب الذى يتوافق معه فى تصرفاته وأفكاره، ومن المهم أن ينتمى إلى نفس وسطه الاجتماعي.

وليتعلم الآباء والأمهات الدرس الأكبر بضرورة أن يكون لهم رأى فى كل خطوة تخطوها ابنتهم، فمهما بلغت من درجات التعليم، فإنها لن تستطيع أن تفهم الأمور المتعلقة بالزواج كما يفهمونها، بما لهم من خبرة فى الحياة.. أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يرزقك بمن هو أهل لك.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 3
    ^^HR
    2017/09/08 10:44
    0-
    0+

    سوء حظ متكرر مع شخصين متلاعبين يفتقدان الامانة
    لقد شرع الطلاق -رغم انه ابغض الحلال للكثير من الاسباب ومن اعلاها الكذب والزوج المخادع الكذاب
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 2
    مصرى حر
    2017/09/08 09:06
    0-
    0+

    فضلا : رأى فى المشكلة الأولى"صراع مع المجهول!"
    بصراحة ورغم مايبدو من مرارة فى ظاهر المشكلة إلا أننى لم اجد فى نفسى تعاطفا معها ،،،فالمشكلة نتاج للثراء الفاحش والتفكك الاسرى وقد شارك فيها الجميع بدرجات متفاوتة وعلى رأسهم الاب محدود الثقافة المزواج ولانعفى صاحبة المشكلة سواء بسبب سلبيتها هى واخوتها تجاه والدهم او بقبولها بالامر الواقع والزواج بمن فرضه عليها والدها
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 1
    لن تبقى لأحد ..
    2017/09/08 06:22
    0-
    4+

    يا صاحب الهم ....
    يا صاحب الهم إن الهم منفرج *** أبشر بخير فإن الفـارِج الله اليأس يَقْطَع أحياناً بصاحِبِه*** لا تيأسَنّ فإن الكـــافي الله الله يحدث بعد العُسْر مَيسرة*** لا تجزعنّ فإن الصَّـانِع الله إذا بُلِيتَ فَثِقْ بالله وارضَ به *** إن الذي يَكْشِف البلوى هو الله والله ما لَك غير اللهِ مِن أحَدٍ *** فَحَسْبُك الله.. في كلٍّ لكَ الله
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق