فيلم الدائرة (ذا سيركل) هو واحد من السقطات الفنية النادرة للنجم توم هانكس الذى يلعب دورا محوريا فى أحداثه مع الممثلة الشابة إيما واتسون، وهى أكثر جملة يمكنها أن تلخص حال الفيلم الذى بدأ عرضه قبل نهاية أبريل الماضي.
يمكن القول إن فيلم الدائرة توفرت له كافة سبل النجاح من فكرة ثرية حول ما يمكن أن تكون عليه حياة الناس فى ظل التوحش المتصاعد للتكنولوجيا ومصادرتها لكل مساحات الخصوصية الضرورية فى حياة أى انسان، مرورا بمشاركة نجم بحجم وأهمية توم هانكس وممثلة شابة واعدة مثل إيما واتسون بطلة سلسلة أفلام هارى بوتر الشهيرة.
..............................
لكن حصيلة الفيلم بعد بدء عرضه يمكن القول إنها مخيبة للآمال ولو بشكل نسبى وهو ما انعكس على استقبال النقاد السينمائيين للفيلم وكذلك على إيراداته التى لا نبالغ إذا قلنا إنها ربما تكون الأقل فى مسيرة توم هانكس المهنية منذ فيلمه الشهير «فورست جامب» والتى لم تتعد حتى الرابع عشر من مايو 30،1 مليون دولار من العرض حول العالم.
الأحداث تبدأ باستعراض عام لحياة الشابة ماى هولاند التى تعمل فى فرع تعيس لشركة لتوزيع الكهرباء والمياه فى بلدة صغيرة وتعانى من التعامل مع زبائن تافهين وبالتالى تتقاضى راتبا بسيطا لا يساعدها على امتلاك سيارة حديثة بدلا من سيارتها القديمة كثيرة الأعطال، مثلما لا يساعدها على علاج والدها المصاب بضمور فى الجهاز العصبي.
تتلقى ماى مساعدة من صديقة قديمة تعمل فى واحدة من كبرى شركات التكنولوجيا فى أمريكا والعالم هى الدائرة «ذا سيركل» فتتحول حياتها فى البداية بطريقة إيجابية للغاية حيث توفر لها الشركة علاجا لوالدها وراتبا تنافسيا وحياة يحلم بها أى شاب أو فتاة طموحين فى سن ماي.
تتأثر ماى بشخصية مؤسس الشركة إيمون بايلى (توم هانكس) الذى يلتقى موظفى الشركة فى لقاء شهرى منتظم ويستعرض أمامهم فى كل لقاء المميزات والحسنات العديدة للتكنولوجيا.
لكن ماى تتلقى أول «قرصة أذن» كما يمكننا أن نطلق عليها عندما تنشر صورا لثريات صنعها جارها الشاب من قرون الوعول، لكن بدلا من أن يتلقى الشاب الإعجاب تكتشف ماى أنها تسببت فى تحويل حياته لجحيم بعدما وصلته مئات من رسائل الغضب والتهديد لكونه قاتل الوعول دون أن يكلف أحدا من هؤلاء باستقصاء ما إذا كان الشاب المسالم يقتل الوعول أم يحصل فقط على قرونها من أحد المحال فى المدينة.
تندمج ماى فى عمل الشركة وترتقى بسرعة بعدما وافقت على الخضوع لتجربة أقنعها بها إيمون بايلى بأن تكون اول إنسانة فى التاريخ تعيش حياتها على الهواء مباشرة عبر دائرة تليفزيونية ميكروسكوبية معلقة فى ملابسها تنقل للعالم كل ما تفعله منذ أن تستيقظ من النوم وحتى تغفو.
خلال ذلك تنقل ماى بالخطأ للعالم لحظة حميمية بين والدها ووالدتها ما ينتج عنه إصابتهما بالفزع ويقرران عدم الاستمرار فى برنامج العلاج أو أى ميزة توفرها لهما شركة ذا سيركل.
الماستر سين أو المشهد الرئيسى للفيلم يحدث حين تقف ماى على المسرح أمام آلاف العاملين فى الشركة بدلا من إيمون لتستعرض قدرة التكنولوجيا التى توفرها الشركة على التقريب بين الأصدقاء مهما باعدت بينهم المسافات وكذلك على ضبط المجرمين مهما تخفوا.
وبعد تجربة ناجحة فى الإمساك بمجرمة بريطانية يطلب منها العاملون أن تبحث عن جارها القديم ميرسر «إيلار كورترين» الذى انقطعت أخباره، وعندما حاولت التملص أصروا عليها وأمرها بايلى بتنفيذ ما طلبوه.
لكن جاءت النتيجة كارثية حيث طارده عشرات من المتطفلين المنبهرين بالتكنولوجيا والذين يحاولون استعراض قدراتهم المتقدمة فى استخدامها، ما أزعجه وتسبب فى انحراف سيارته وانقلابها من فوق جسر ليلقى حتفه على الفور.
تختفى ماى عدة أيام وتعود بمفاجأة لإيمون بايلى نفسه حين تعرض أمام العالم ايميلاته المعروفة والسرية لتنتهك خصوصيته وتفضحه أمام موظفيه وامام مئات ملايين المشاهدين مثلما فعل هو مع ميرسر.
الرسالة الواضحة التى يريد الفيلم المأخوذ عن رواية بنفس الاسم صدرت عام 2013 توصيلها للمشاهدين أن توسع التكنولوجيا وامتداد دورها فى حياة الناس لا يقتصر فقط على الجوانب الإيجابية وإنما لها أيضا خطورة تتمثل فى تحول التكنولوجيا إلى وحش هائج وغير أخلاقي.
كذلك يلمح الفيلم فى أكثر من مشهد إلى أن القائمين على صناعة التكنولوجيا الذين يقنعون الناس ليل نهار بإفساح المجال لها ولو على حساب خصوصياتهم هم أكثر من يقاتلون للحفاظ على تلك الخصوصية فى حياتهم.
أبرز المآخذ على الفيلم بدأت بوقوع المخرج الشاب جيمس بونسولد الذى شارك أيضا فى كتابة السيناريو مع ديف إيجرز مؤلف الرواية التى تحمل نفس الاسم فى فخ التعميم والتعامل السطحى مع قضية خطيرة مثل التى عرضها الفيلم.
لكى نكتشف حجم السطحية يمكن أن نقارن طريقة تناول ذا سيركل للقضية مع فيلم «سنودن» الذى حذر من فكرة مشابهة هى انتهاك الحكومة الأمريكية للخصوصية الفردية تحت دعاوى الأمن والحفاظ عليه.
الفارق الجوهرى بين الفيلمين يبرز فى التناول العميق لفيلم سنودن للفكرة وإبراز خطورتها على الناس بشكل فلسفى مع ترك الحكم للمشاهدين فى تقدير حجم خطورة الأمر، دون الوقوع فى فخ التصوير السطحى لأضرارها مثلما حدث فى فيلم ذا سيركل عبر حادث مصرع الشاب ميرسر، محاولا دفع المشاهدين «بالعافية» لإنكار التكنولوجيا والفزع من خطورتها.
رابط دائم: