رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«الحفلة التنكرية».. والتنكر للمسرح الجاد

محمد بهجت
ربما لم يفطن البعض لخطورة إجازة النصوص التافهة الخالية من أى مضمون أو رسالة اجتماعية أو إنسانية عقودا طويلة وكان المبرر هو أن التسلية وحدها مطلب مهم وسط أعباء الحياة..

وشيئا فشيئا تحول الاهتمام كله للخواء والتفاهة فالمسرحيات الأقل قيمة هى التى تعرض فى أفضل الأوقات على شاشات التليفزيون وأعمال كبار الكتاب والمخرجين من مختلف الأجيال سواء التراجيدى منها أو الكوميدى تهمل وتعرض فى الأوقات الميتة!! ثم ظهر عصر سيادة الإعلان على الفن والإعلام وبالتالى أصبحت عروض الاسكتشات وبرامج التهريج هى التى تقدم وحدها باسم المسرح ونشأ جيل على هذا الفهم المغلوط وأصبح لا يستسيغ إلا ما تعود عليه من الهراء وكان على كبار المخرجين أن يعوا هذه المتغيرات فى الذائقة العامة حتى لا يتنكر الجمهور لتجاربهم الجادة

أصر المخرج هشام جمعة فى عرضه الحفلة التنكرية على مسرح السلام أن يستخدم اللغة العربية الراقية التى ترجم بها أستاذه سعد أردش رائعة «البرتو مورافيا»، كما أصر على تقديم العرض دون اختصار أو حذف مع إضافة استعراضات وأغان للشاعر فرغلى مهران صاغها لحنيا وليد الشهاوى ورقصات صممها فاروق جعفر وكانت النتيجة أن امتد العرض لأكثر من ثلاث ساعات كاملة فأحس المشاهدون بالتطويل والملل.. أمر آخر قرره المخرج هو التجريب والمغامرة فى تسكين الأدوار فاختار نجم الكوميديا المحبوب محمد محمود دور رئيس جهاز الشرطة الشرير المتآمر الذى لا يتورع عن القتل والبطش بكل من يظن أنه يعاديه ! ورأى فى وجه لقاء سويدان البرىء صلاحية لدور الكونتيسة المنحلة التى تباهى بتعدد علاقاتها فى عالم الرجال! وعملا بنفس المنهج الصادم اختار النجمة الشابة جيهان سلامة لتقوم بدور الدوقة العجوز المتصابية والتى تغوى الشباب صغار السن وتجذبهم إلى فراشها! واختار النجم خالد محمود الذى ينتمى لنفس الجيل ليلعب دور الشاب الذى ضحكت على عقله الدوقة وقامت بغوايته! كما اختار وجها غير معروف هو أحمد يوسف ليقدم أحد أهم الأدوار وأكبرها حجما هو دور الخادم الثائر المتعطش للانتقام من الحاكم الطاغية.. والحقيقة أن أغلب الممثلين قد بذلوا جهدا كبيرا وتحدوا أنفسهم حتى ينجحوا فى أداء أدوار غير نمطية.. وبالفعل أقنعنا بطل العرض محمد رياض بأنه حاكم مستبد مغرور لا يرى إلا رأيه ولا يهتم إلا بتسجيل مذكراته عبر كاتبه الخاص جميل عزيز باعتبارها تاريخ انتصارات البشرية واللحظات المضيئة فى حياة أمته وامتلك حضورا مسرحيا طاغيا ليس بالجديد عليه.. وأبهرتنا لقاء سويدان بتقديم نموذج فريد للمرأة المنحلة دون أن تنزلق ولو للحظة واحدة فى عبارة أو حركة خادشة للحياء.. لتثبت لكل من قدمت هذا الدور من قبلها أنهن فضلن الحلول السهلة باستخدام الإغراء ولم يفكرن فى تجسيد الدور بأبعاده النفسية.. وأظهر خالد محمود حالة السخط والتظاهر بمجاراة الفساد فى بلاط الحاكم الطاغية أما جيهان سلامة فلم تقنعنا على الإطلاق بأنها عجوز متصابية بل بدت أكثر نضارة مما يتطلب الدور ومفاجأة العرض بالفعل هى ميلاد نجم تراجيدى جديد هو محمد محمود الذى التزم بطبيعة الشخصية متحديا تاريخه مع الجمهور وملامحه الجسدية ولم ينجرف إلى محاولة الإضحاك فى لحظات التوتر مثلما يفعل بعض الممثلين.. وقدم أشرف عبد الفضيل شخصية المتآمر ببراعة وإن كان يجب أن ينتبه إلى نطق آخر الحروف فى جمله بنفس وضوح الصوت وقدمت نجاح حسن دورا صغيرا نسبيا لخادمة مولعة بحبيب الدوقة ولكنها أدته بمهارة وحضور مسرحى واضح.. بينما ظلمت المساحات الصغيرة نجوما واعدين من أمثال بلال مجدى وهشام عصمت وصلاح المصرى وغيرهم.. كما أجاد الفنان محمد هاشم تصميم الديكور على الذوق الأوروبى القديم الذى يمثل زمن الأحداث وقدمت مها عبد الرحمن فى تصميم الأزياء لمسات أنيقة ومبهرة ولكن يبقى فى النهاية أن العرض يحتاج من مخرجه القدير هشام جمعة إلى الكثير من الاختزال والتكثيف وحذف مناطق الترهل خاصة فى حوارات المؤامرة بين أحمد يوسف وأشرف عبد الفضيل وخالد محمود، فالإشارة لوجود مؤامرة يكفى لشرح الموقف وربما يكون الغموض أفضل فى مثل هذه الحالة.. ولو أن أستاذنا سعد أردش كان حيا لساير إيقاع العصر وقدم مسرحية لا تزيد بأى حال عن الساعتين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق