رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

دعوة المساواة فى المواريث تجدد الجدل حول «الاجتهاد مع النص»
العلماء: 30 حالة ترث فيها المرأة مثل الرجل أو تزيد

تحقيق ــ إبراهيم عمران
لم يكن للدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل فى الميراث أن تلقى هذا الصدى الواسع الذى تجاوز القطر التونسى الشقيق إلى بلدان العالمين العربى والإسلامي، إلا بعدما أيدها الشيخ عثمان بطيخ مفتى الديار التونسية، وأيدها أيضا عدد من الناشطين والناشطات من دعاة حقوق الإنسان والجمعيات المحسوبة على الفكر الغربي.

ودخل علماء الأزهر طرفا فى الأمر مؤكدين انه لا يحق لأحد من المؤمنين - من بعد إختيار الله - التدخل فى نصوص قطعية ثابتة الدلالة لا تحتمل التأويل أو التبديل ولا مجال فيها لاجتهاد أو تجديد.


وإزاء الإصرار على الاستمرار قدما فى إصدار قانون بتونس يساوى بين المرأة والرجل فى الميراث، حسم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب هذا الجدل وأصدر بيانا أكد فيه أن المواريث من النصوص الشرعية، قطعية الثبوت والدلالة التى لا تقبل الاجتهاد، وأن الخوض فى مثل هذه الأحكام يفتح الباب لضرب استقرار المجتمعات.

دعوة قديمة

هذه الدعوة ليست وليدة اليوم فهى دعوة قديمة متجددة تتنادى بها منظمات وهيئات وجمعيات عابرة للدول، ولها أتباعها فى كل قطر من أقطار العالم الإسلامي، يدعون فيها الى المقاربة مع الحضارة الغربية، ناسين أن النصف الذى ترثه المرأة أكبر من النصيب الكامل للرجل.

وأكدت دار الإفتاء المصرية وعلماء الأزهر أننا إذا خرجنا عن النصوص القرآنية سنظلم المرأة لأنه فى أربع حالات فقط تأخذ المرأة نصف ميراث الرجل، وما دون ذلك إما أن ترث أكثر منه أو ترث بالمساواة، وأن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه أو ترث هى ولا يرث هو.

المرأة مثل الرجل

وأوضحت دار الإفتاء المصرية، أن هناك حالات ترث المرأة فيها مثل الرجل، وهى 10 حالات: الأب والأم فى حالة وجود الفرع الوارث، والثانية الأخ والأخت لأم، والثالثة أخوات مع الإخوة والأخوات لأم، والحالة الرابعة البنت مع عمها أو أقرب عصبة للأب (مع عدم وجود الحاجب). أما الحالة الخامسة التى ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، هي: الأب مع أم الأم وابن الابن، والسادسة زوج وأم وأختان لأم وأخ شقيق على قضاء عمر رضى الله عنه، فإن الأختين لأم والأخ الشقيق شركاء فى الثلث، والحالة السابعة انفراد الرجل أو المرأة بالتركة بأن يكون هو الوارث الوحيد، فيرث الابن إن كان وحده التركة كلها تعصيبًا، والبنت ترث النصف فرضًا والباقى ردًّا. وذلك أيضًا لو ترك أبًا وحده فإنه سيرث التركة كلها تعصيبًا، ولو ترك أمًّا فسترث الثلث فرضًا والباقى ردًّا عليها، والحالة الثامنة زوج مع الأخت الشقيقة؛ فإنها ستأخذ مثلما لو كانت ذكرًا، بمعنى لو تركت المرأة زوجًا وأخًا شقيقًا فسيأخذ الزوج النصف، والباقى للأخ تعصيبًا، ولو تركت زوجًا وأختًا فسيأخذ الزوج النصف والأخت النصف كذلك. والحالة التاسعة، الأخت لأم مع الأخ الشقيق، وهذا إذا تركت المرأة زوجًا، وأمًّا، وأختًا لأم، وأخًا شقيقًا؛ فسيأخذ الزوج النصف، والأم السدس، والأخت لأم السدس، والباقى للأخ الشقيق تعصيبًا وهو السدس، ونوهت بأن الحالة العاشرة هى ذوو الأرحام فى مذهب أهل الرحم، وهو المعمول به فى القانون المصري، وهو إن لم يكن هناك أصحاب فروض ولا عصبات فإن ذوى الأرحام هم الورثة، وتقسم بينهم التركة بالتساوى كأن يترك المتوفى (بنت بنت، وابن بنت، وخالا، وخالة) فكلهم يرثون نفس الأنصبة.

افتراء على الله

من جانبه أوضح الدكتور سعيد عامر أمين عام لجنة الفتوى والدعوة بالأزهر، أن حكمة الميراث فى الإسلام خفيت على كثير من الناس، ذلك أن أنصبة الميراث تتفاوت بين الوارثين والوارثات لعدة اعتبارات، الاعتبار الأول، درجة القرابة بين الوارث ذكرا كان أو أنثى وبين المتوفي، فكلما اقتربت الصلة زاد الوارث ذكرا كان أو أنثي، وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب فى الميراث، دونما اعتبار لجنس الوارثين، والاعتبار الثاني، موقع الجيل الوارث من التتابع الزمنى للأجيال، فالأجيال التى تستقبل الحياة، عادة يكون نصيبها فى الميراث أكبر من نصيب الأجيال التى تستدبر الحياة، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات، والاعتبار الثالث، العبء المالى الذى يوجب الشرع الإسلامى على الوارث تحمله، والقيام به حيال الآخرين، وهذا هو المعيار الوحيد الذى يتم (تفاوتا بين الذكر والأنثي)، لكنه تفاوت لا يفضى إلى أى ظلم للأنثي، بل ربما كان العكس هو الصحيح، فالذكر هنا مكلف بإعالة أنثى هى زوجة مع أولادهما بينما الأنثى أخت الذكر إعالتها مع أولادها فريضة على الذكر المقرن بها، فهى مع هذا النقص فى ميراثها (حالة النصف) بالنسبة لأخيها أكثر حظا منه فى الميراث، فميزاتها إعفاؤها من الإنفاق الواجب، وميراثها ذمة مالية خالصة ومدخرة لتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات، وتلك حكمة إلهية قد تخفى على الكثيرين.

حقيقة مذهلة

وأشار د. عامر إلى أن هناك أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل، كما أن هناك حالات أخرى (أضعاف هذه الحالات الأربع)، ترث فيها المرأة مثل الرجل تماما، كما فى الأخوات لأم، فإن الواحدة منهن إذا انفردت تأخذ سدس الميراث، كما يأخذ الأخ لأم وكذلك إذا انفرد، وإذا كانوا ذكورا وإناثا اثنتين فأكثر يشتركون جميعا فى الثلث، للذكر مثل الأنثي، قال تعالي: (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِى الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ) فهنا اشتركوا معا، (فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء فى الثلث) وهذه حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل تماما على سبيل المثال لا الحصر.

حالات ترث المرأة فقط

وأشار د. عامر إلى أن هناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال، أى أن هناك أكثر من 30 حالة، تأخذ فيها المرأة الميراث دون الرجال، مثال: (إن كان للمتوفى إخوة ولم يكن له ولد) فإن نصيب الأم ( سدس)، أى سينقص من الثلث إلى السدس، قال تعالي: (فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ) ، والأمر الرابع، إذا وهو أن المرأة ترث نصف التركة، إن لم يكن لها أخ وهى مفردة، أخذت نصف التركة، قال تعالي: (وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) فإن كان البنات أكثر من واحدة أى كن بنتين فأكثر فلهن ثلث التركة، قال تعالي: (فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ). وغير ذلك من الحالات التى تزيد على ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، أو ترث هى ولا يرث نظيرها، من الرجال، فى مقابل أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل، وتلك لحكمة إلهية، ولقد اهتم القرآن والسنة اهتماما عظيما بتثبيت حق المرأة الذى كان ضائعا مهضوما وحمياها من الظلم والإجحاف، فالزعم بأنه لم ينصف المرأة زعم باطل.

حكمة بالغة فى توزيع التركة

وفى سياق متصل أشار الدكتور أسامة فخرى الجندى الباحث الإسلامى بالأزهر، إلى أن الناظر بعمق فى أنصبة الوارثين والوارثات يجد أن للإسلام حكمة بالغة فى توزيع الأنصبة منها درجة القرابة بين الوارث والمتوفي، فكلما اقتربت الصلة بالمتوفى زاد النصيب من الميراث، ومنها موقع الجيل الوارث بمعنى أن الأجيال التى تستقبل الحياة عادة يكون نصيبها أكبر فى الميراث، وهذا بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة، والدليل أن بنت المتوفى ترث أكثر من أمه، وكلاهما أنثي، وترث البنت أكثر من الأب، (ماتت الأم وتركت بنتا وزوجا وأبا، فالبنت فى هذه الحالة لها النصف فرضا) أى تنفرد بنصف التركة، بمعنى أنها حصلت على أكثر من الأب والزوج، وكلاهما من الذكور. ومنها أيضا العبء المالي، لأن العبء والإعالة والنفقة على الرجل، لأنه مكلف بإعالة المرأة زوجة كانت أو بنتا أو أما أو أختا، بينما المرأة التى ترث فهى معالة من أخيها أو أبيها أو زوجها، فكأنها ترث مع إعفائها من الإنفاق، ويكون ما ترثه ذمة مالية خاصة بها.


د. أسامة فخرى - د .سعيد عامر



30 حالة لصالح المرأة

وأضاف: إن هناك أربع حالات المرأة ترث فيها نصف الرجل، وهناك حالات أضعاف هذه الحالات الأربع ترث فيها المرأة مثل الرجل تماما، كما أن هناك حالات أخرى تزيد على عشر أو تزيد ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، بالإضافة إلى حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال، ومعنى هذا أنه باستقراء حالات ومسائل الميراث سنجد أن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه أو ترث هى ولا يرث هو، وذلك فى مقابل أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل، فليس هناك اجتهاد مع وجود النصوص القرآنية التى تخبر بأنصبة الوارثين.

المرأة ترث والرجل لا يرث

واعترض د. الجندى على ذلك مؤكدا أنه إذا كان من يطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة، وهو ما يصادم النص القرآنى المشرف فمعنى هذا أننا أمام أربع حالات نطلب فيها المساواة، التى تأخذ فيها المرأة نصف الرجل، وبقية الحالات كلها ستظلم المرأة هنا ظلما قاطعا، فإذا خرجنا عن النصوص القرآنية سنظلم المرأة لأنه ثبت بالفعل أنها أربع حالات فقط، تأخذ المرأة نصف الرجل، وما دون ذلك إما أن ترث ولا يرث الرجل، أو ترث أكثر منه أو ترث بالمساواة، إذن لا صدام ولا اجتهاد مع وجود النص القرآنى والخروج عن المنهج الإلهى هو اتباع للهوى وتعطيل للمنهج الإلهى الذى أعطى لكل شيء قدره وحقه الموزون وفق حكمة إلهية رصينة يدركها الله عز وجل.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق