الشجاعة والإقدام والاستعداد للتضحية والفداء صفات عظيمة لدى المقاتل المصرى البطل فى كل زمان. وقد أخبرنا التاريخ بأن العلم والتفوق التكنولوجى أمر أساسى ولازم لتحقيق النصر.
واليوم نجد أن قوى الشر المتربصة بمصر تحديدا وبالعالم العربى بوجه عام قد أدركت أهمية الجانب العلمى والتكنولوجى للمواجهة. وتشير هجمات الإرهاب الأخيرة فى سيناء إلى أن العدو يستخدم الأرض والزرع سواتر لإخفاء قواته وتحركاتها بهدف تحقيق عنصر المفاجأة عند الهجوم والفرار والاختباء. ومنذ بداية المواجهة بدا أن مغارات الجبال والأنفاق فى قلب الأرض والزراعات تعد أبرز وسائل الحماية والتأمين لتحركات العدو فى المنطقة بعد أن تحققت للقوات المسلحة المصرية السيطرة على سطح الأرض وعلى الطرق التقليدية والمرتفعات الظاهرة.
وقد بدا إستناد العدو إلى قدر من التقدم التكنولوجى واضحا فى عمليات الإخفاء والتمويه تحت الأرض بحفر مخازن وأنفاق كاملة تتسع لإيواء ومرور الأفراد والسيارات، خاصة سيارات الدفع الرباعى، والدراجات النارية المستخدمة فى مهاجمة الأهداف وتوفير عنصر سرعة الحركة.
ولكن هذا التقدم يمكن مواجهته بوسائل علمية وتكنولوجية مستحدثة يتمثل أبرزها فيما يلى:
أ ـ رادار الاختراق الأرضى :
وهو الجهاز الذى يوفر المسح السريع والمفصل للتربة. ويعرف رادار اختراق الأرض تجاريا برادار قياس الأرض (وباللغة الإنجليزية :Georadar أو Ground Penetrating Radar).
وهو جهاز يقوم بقياس التغيرات فى طبقات الأرض عن طريق قياس تسجيل انعكاس الموجات الكهرومغناطيسية.
وفى الفيزياء الجيولوجية تساعد تلك الأجهزة على قياس الطبقات الأرضية العليا لأغراض التعدين وكذلك فى الأغراض العسكرية للبحث عن ألغام من مختلف الأنواع على أعماق مختلفة تصل إلى أكثر من 20 مترا.
ويُستخدم فى تلك الأجهزة رادار يتميز بحيز طول موجة عريض، حيث يرسل نبضات قصيرة جدا من على السطح وتكون موجهة إلى باطن الأرض، وتسجيل الصدى بعد انعكاس تلك الموجات على حدود الطبقات الأرضية أو انعكاسها على مناطق رواسب بين الطبقات.
وتنتشر الموجات الكهرومغناطيسية فى باطن الأرض انتشارا مختلفا تبعا لتكويناتها وشكلها وكثافة مادتها، كما يعتمد على تلك الخصائص شدة الانعكاس وتشتت الموجات وقابليتها للنفاذ فى الطبقات المختلفة للتربة التى يتم فحص ما تحتها. ويقوم جهاز بقياس وتسجيل السير الزمنى للانعكاس، وطور الموجات ومطالها.
وعلى سبيل المثال عندما تظهر انعكاسات الرادار المرتدة من تحت الارض على شكل قمعى فإنها تكون دليلا على وجود آثار قبور أو أنفاق تحت الأرض.
ومن الممكن عرض نتائج الأبحاث فى شكل نموذج ثلاثى الأبعاد لدراسة البيئة ويمكنه أن يرصد الكائنات التى تختلف فى كثافتها ورطوبتها عن البيئة المحيطة تحت الأرض كما يكشف التشكيلات الجيولوجية والفراغات وأى هياكل من صنع الإنسان تحت سطح الأرض.
وبوجه عام يشير الخبراء فى المجالات العسكرية إلى أن التجارب والدراسات وساحات المواجهة أظهرت أن الرادار هو المستشعر الوحيد، الذى استطاع التغلب على جميع المعوقات فى ميدان الكشف والمراقبة، بما فيها الظروف البيئية القاهرة، وعوامل الطقس والمناخ.
ومنذ سنوات أصبح استخدام أنظمة رادار المراقبة الأرضية فى المناطق الصحراوية له أهمية بالغة.
فالرادار يمكنه الكشف عن أهداف تقع على مسافات بعيدة فوق أرض وعرة، قليلة الارتفاع، أو هضبة صخرية، أو مناطق السهول الرملية. وكان الرادار التكتيكى بساحة المعركة ـ أى فوق سطح الأرض ـ قادرا على كشف مركبة كبيرة من على مسافة تبعد بمقدار 30 كم، ومركبة خفيفة أو طائرة عمودية على مسافة 20 كم، وعنصر بشرى من خلال رصد وقع الأقدام من مسافة 5 كيلومترات.
إلا أن كفاءة عملها يحد منها وجود الغبار العالق فى الجو، وارتفاع درجات الحرارة فى هذه المناطق ولكن بتطور الأبحاث فى ذلك المجال تم التغلب على الكثير من السلبيات فى النسخ الأحدث من تلك الرادارات.
ومن المعروف لدى العسكريين أن الجيش الأمريكى يستخدم فعليا أجهزة رادار محمولة، خفيفة الوزن، للعمليات الخاصة، القادرة على اختراق الأرض، ويمكنها اختراق حتى 8 بوصات من الخرسانة المسلحة، وتوفير صور ثلاثية الأبعاد عن الأجسام الموجودة حتى عمق 45.7 متر تحت سطح الأرض، ليظهر الأفراد خلفها على شاشة الجهاز. ويوفر الجهاز التقاط الأهداف لحظيا وتصنيفها، ويمكن أيضا كشف الأهداف وسط الركام فى المبانى المدمرة. وأبعاد الجهاز: 22 14 8 بوصة، وهو مغلف في علبة من البلاستيك، ومصدر الطاقة له بطارية من الليثيوم يمكن إعادة شحنها.
وهذا الرادار قد يساعد على جمع المعلومات عن الأنفاق والملاجئ ومصانع الأسلحة المحصنة تحت الأرض، وعدد كبير من النشاطات السرية الأخرى، ومن ثم، معرفة مدى خطورة مثل هذه الأهداف، واختيار أنسب الوسائل المتاحة لتدميرها.
وقد تم تركيب الرادار فى أثناء الاختبارات على متن مركبة أرضية، وتوقع الخبراء تطوير الأبحاث لاستخدامه على متن الطائرات المروحية (الهليكوبتر). وبعد أول سلسلة من الاختبارات على هذا الرادار، استطاع أن يرسم خريطة لشبكة أنفاق تحت الأرض، استخدمها مهربو المخدرات فى جنوب الولايات المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن وسائل الإعلام السعودية أعلنت منذ سنوات أن باحثين فى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالسعودية طوروا جهاز رادار لاختراق سطح الأرض يمكن من خلاله الرؤية خلال الكثبان الرملية لمدى 150 مترا.
ب ـ رادار اختراق أوراق الشجر:
أما فيما يتعلق باختفاء العدو وراء الأشجار والنباتات الكثيفة فقد تمت مواجهته بإنتاج الرادار الذى يستخدم التقنية المعروفة اختصارا باسم «سار». ووفق «جلوبال سيكيوريتى» فإن هذا النوع من الرادار هو نتاج تكنولوجيا معروفة لرسم الخرائط الأرضية عالية الدقة ثنائية الأبعاد. وتتحرك المنصة الحاملة للرادار، مثل السيارة أو طائرة أو قمر صناعى، على طول مسار مستقيم لمسح مساحات أرضية كبيرة بواسطة الهوائى الخاص به. ويتم إرسال نبضات قصيرة أو إشارات مشفرة طويلة بدلا من ذلك تتم تصفيتها باستخدام تقنية ضغط النبض من الهوائى وتستقبل إشارة العودة من الأرض بواسطة الهوائى وتسجل على طول المسار المستقيم.
ويمكن الكشف عن الأجسام الثابتة فى التضاريس الأرضية ذات التردد المنخفض. وللترددات المنخفضة خاصية اختراق طبقة الغطاء النباتى مع ضعف ضئيل نتيجة الهياكل الخشنة للأشجار. وهكذا يمكن للجهاز الكشف عن الأجسام الثابتة، مثل المركبات الثابتة، ولو فى غابة كثيفة. وقد ثبت ذلك علميا فى الكثير من التجارب التى أجريت فى السنوات الأخيرة.
ويتطلب الكشف عن الأجسام الثابتة فى الغابات باستخدام الترددات الراديوية المنخفضة التردد القدرة على التمييز بين الكائنات الحية والخلفية المتمثلة فى الأشجار والنباتات وهو الأمر الذى يحققه جهاز الرادار المخصص لاختراق أوراق الشجر.
تجدر الإشارة إلى أنه قد ظهرت بأسواق السلاح أجهزة رادار من هذا النوع زنة 50كيلوجراما.
رابط دائم: