بعيدا عن التحقيقات الجارية حول تحديد أسباب حادث اصطدام قطارى الإسكندرية وتحديد المسئولين عن الحادث، فإننا نتناول الحادث من ناحية مقارنة مرفق السكة الحديد الذى لم تتم إجراءات تطويره ـ طبقا لتصريحات المسئولين عن هيئة السكة الحديد ـ منذ 45 سنة بمستوى إدارة مرفق قناة السويس الذى شهد العالم كله بجودة أدائه وحُسن انضباطه،
خاصة أن المرفقين أنشآ منذ أكثر من قرن مضى، فاحتفظت قناة السويس بمستوى واحد من الأداء وحُسن الإدارة وتحقيق الأمن للسفن التى تمر بالقناة دون أى حوادث أو كوارث تقريبا، فى الوقت الذى سجلت فيه السكة الحديد حوادث متلاحقة أسفرت عن مئات الضحايا، واعتبرت كوارث لضخامة أعداد ضحاياها كان أهمها أعوام 2002، 2006، 2009، 2012، 2017، وكشفت عن أن الثغرات والسلبيات التى أدت إلى وقوع هذه الحوادث كانت تكرارا لنفس الأخطاء التى أدت إلى وقوع الحوادث السابقة عليها، وكان يتعين الاستفادة من الدروس المستخلصة منها وتنفيذ الإجراءات الوقائية والتدابير الفنية التى وضعت لتداركها، وهو ما يرجح أن بعض المسئولين عن تسيير القطارات.. إما أنهم تقاعسوا عن تنفيذها، أو أنهم نفذوها بطريقة شكلية أو مظهرية، وأن تغيير أكثر من رئيس للهيئة لم يضع حدا للحوادث المماثلة، برغم أن المسئولين كانوا فى أعقاب كل حادث يسارعون إلى التصريح بأنهم سيتخذون الإجراءات المناسبة للحد من هذه الحوادث وعلاج ما كشفت عنه من ثغرات وتدبير المعدات والأجهزة المطلوبة، ومع ذلك فقد مرت عشرات السنين على حوادث مؤسفة دون أن يشهد المرفق تطويرا ورفعا لمستوى الأداء، مما يؤكد أن جوهر العلاج يتطلب ـ إلى جانب توفير المعدات والإشارات الكهربائية وتجديد القضبان والسيمافورات وغيرها ـ أن يعتمد العمل بالمرفق على المتابعة والرقابة الجادة على تنفيذ هذه الإجراءات وما تنص عليه التعليمات واللوائح، ووضع مبدأ الثواب والعقاب موضع التنفيذ الفعلى على ضوء تقييم الأداء. وكل ما نرجوه ـ هذه المرة ـ أن يتم تنفيذ ما اتفق على اتخاذه وتدبيره من إجراءات وإمكانات مثل استكمال كهربة الإشارات، وأن يتم تدبير 200 جرار، وتجديد 1200 كيلو متر من القضبان، وإنشاء المنظومة التكنولوجية الحديثة لتأمين حركة القطارات، وأن يتم التنفيذ من خلال خطة زمنية محددة تتم متابعتها دوريا لتأمين القطارات وركابها!.
فؤاد جاد ـ المدير العام بوزارة الداخلية سابقا
رابط دائم: