عندما بشرونا بالعولمة أوهمونا بحسن يوسفها كواحة دانية علينا قطوفها، مدعين أنه بين أعطافها عبقريات حسان كفيلة بأن ننفض بها عن كاهلنا أدران ثقافات غثة أمسكت بتلابيبنا وحالت دون وصولنا إلى مصاف الدول المتقدمة
ثم أفقنا على واقع مرعب بعد أن سببت هذه العولمة سقوطا لدروع ظلت تحمى مجتمعنا من نصال مسمومة عندما اكتشفنا أنها حولت مجتمعنا إلى (متجر) يتحكم فى ديناميكيته مبدأ (المكسب والخسارة) فقذفت بنا بعيدا عن مبادئ الأخلاق والقيم والمُثل العليا باعتبارها من قبيل تجاعيد الفكر ونسج الأساطير ومتلازمة السذاجة فأصبحنا نسمى الاحتيال ذكاء، والانحلال حرية، والرذيلة فناً، والاستغلال معونة، وأصبح القبح مظهرا من مظاهر التمدن والرقى ومواكبة العصر، وبات الدهماء نشطاء سياسيين، وأصاب الثقاة عجزا أمام جلد الفجار، وباتت أعمال البلطجة وقطع الطرق (ملحمة بطولية) تستحق الإشادة والثناء وليس الإدانة والاستياء، من ثم فإن مجابهتها بالحزم والشدة عمل آثم اعتبروه نكوصا عن مبادئ حقوق الإنسان، وأصبحنا مهرة فى ابتكار وسائل النصب والاحتيال، ومن ثم إلباس الحق بالباطل ولو على حساب الشرف والدين، فإذا اتفقنا أنه لا توجد ـ البتة ـ قوة تستطيع إيقاف ثقافة التغيير، فلا مناص إذن من تشكيل مجموعة «إدارة الأزمات»، بحيث يضطلع بها المخضرمون من علماء النفس والاجتماع والدين، وتكون وظيفتها زيادة المناعة الاستراتيجية لوأد غزو كل ما هو محطم لمجتمعنا، وتقوم على أساس الاعتماد على معرفة عملية بطبيعة التكوين النفسى للناس واتجاهات الرأى العام وملامح ما نصبو إليه فى الشخصية المصرية حتى يتسنى لنا مواجهة الأزمة وهو ما يسبب إعادة صياغة المفاهيم بشكل تنتج عنه طاقات إيجابية لأجيال جديدة تخرج منها أفعال تعلى شأن الوطن!.
عبدالحى الحلاوى
مدير عام بالمعاش ـ قوص
رابط دائم: