يشيع البعض عن جهل أو من منطلق التحريض على القوات المسلحة المصرية بإن الجيش المصرى يدخل فى المشروعات الاقتصادية فى الدولة ويستحوذ عليها وينافس القطاعين العام والخاص، هذا الامر بعيد كل البعد عن الواقع، فالقوات المسلحة تشرف فقط على تلك المشروعات، اما الشركات العامة والخاصة فهى تنفذ فقط، وذلك لما تتسم به القوات المسلحة من الجدية والانضباط وسرعة التنفيذ، بالاضافة الى الإشراف الفنى على تلك المشروعات.
وعندما يتحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن تدخل القوات المسلحة فى المشروعات القومية، أو توفيرها المستلزمات الحياتية للشعب، فإن ذلك لإزالة اللغط لدي البعض وللرد على الأقاويل المغرضة التى تتهم القوات المسلحة بانخراطها داخل المجتمع والتدخل فى كل كبيرة وصغيرة، فالقوات المسلحة تفعل ذلك من منطلق حمايتها الامن القومى المصرى بمفهومه الشامل، وهذا هو دورها فى وقت الازمات إلي جانب مهامها الاساسية في حماية الشعب والحفاظ على مقدراته.
ولا يمكن ان ننسى الدور الذى تلعبه القوات المسلحة فى عمليات الاغاثة التى تنفذها فى جميع المناطق والمحافظات التى تتعرض لأزمات وكوارث، وتوزيعها ملايين من الكراتين التى تحتوى على سلع غذائية تباع بنصف ثمنها لرفع المعاناة عن كاهل المواطنين .
إن الهدف الاساسى والرئيسى للقوات المسلحة المصرية حماية الامن القومى بمفهومه الشامل ولا يمكن حصر دورها فى حماية الحدود فقط، أو ترك الدولة تغرق فى أزماتها دون التدخل وحل تلك الازمات، فحماية الامن القومى لا تقف عند المفهوم العسكرى فقط، ولكنها تشمل الامن السياسى الاجتماعى والاقتصادى والامنى والعسكرى والبيئي، فإذا حدث أى خلل فى أى عنصر يؤثر ذلك بشكل مباشر على الامن القومى للدولة، كما انه يؤثر على استقرارها ووحدتها. لقد ظهر دور الجيش خلال ثورة يناير عندما انحاز لمطالب الشعب ورفض ان ينحاز لطرف آخر، وذلك حفاظا على ارادة الشعب، وتحملت قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقتها الكثير من الانتقادات، وعندما خرج الشعب مرة اخرى فى 30 يونيو ضد الفاشية الدينية انحازت ايضا القوات المسلحة للشعب مرة اخرى حفاظا على الامن والاستقرار داخل الدولة. وإذا تتبعنا دور القوات المسلحة فى حماية الامن القومى بجميع المجالات اعتبارا من ثورة يناير حتى الآن، فسنجدها فى المجال السياسى استطاعت ان تقوم بإدارة شئون البلاد فى ظل ظروف غاية فى الصعوبة، وكانت هناك سيولة واضحة فى الشارع المصري، وبرغم محاولات عديدة لإسقاط الدولة المصرية، وإدخال الجيش المصرى فى صراع مسلح مع الشعب ليتم تكرار النموذج السورى والليبى وتدمير الدولة المصرية، إلا أنه بحكمة وحنكة المجلس العسكرى عبرت الازمات التى كانت ستؤدى بها الى مصير مجهول.
كما ان المجلس العسكرى اشرف على العديد من الانتخابات والاستفتاءات فى صورة لم تظهر من قبل على الساحة المصرية، وفى إطار ديمقراطى لم تشبه شائبة، بل كانت هناك اشادات عالمية بها. كل ما فعله المجلس الاعلى للقوات المسلحة خلال تلك الفترة كان فى اطار العمل السياسى الذى هو احد المجالات المهمة للامن القومى بمفهومه الاشمل، وحقق فيه نجاحات وحمى الدولة المصرية من السقوط والانهيار والدخول فى حمامات الدماء.
اما فى المجال الاجتماعي، فقد اخذت القوات المسلحة على عاتقها عدم نقص المواد الغذائية او الوقود أو الادوية من الاسواق حتى الآن، وذلك من خلال جهاز المشروعات الوطنية التابع للقوات المسلحة، وإذا عدنا للخلف وقت انشاء هذا الجهاز فسنجد أنه بعد معاهدة السلام بين مصر واسرائيل أسهمت القوات المسلحة فى المشروعات داخل الدولة من خلال انشاء العديد من الكبارى والطرق، حتى تم انشاء ذلك الجهاز من خارج الوعاء التجنيدي، ولا يؤثر بأى شكل من الاشكال على القدرات القتالية للجيش المصري، واستطاع ان ينفذ هذا الجهاز العديد من المشروعات الخدمية للمواطنين ومن فائض إنتاج القوات المسلحة.
فالقوات المسلحة تتدخل دائما فى وقت الازمات وتوفر السلع الغذائية للمواطنين فى محاولات لاحتواء جشع التجار الذى يهدد الاستقرار داخل الدولة، ولذا نرى دائما خلال الفترة الماضية حتى الآن جهدا دءوبا لجهاز الخدمة الوطنية عن طريق منافذ البيع التابعة له التى تقدم خدمات مميزة للمواطنين، كما ان الجهاز لا يسعى الى الربح إنما هدفه الاساسى تحقيق الاستقرار والامن الاجتماعى داخل الدولة. ولا يتوقف الامن الاجتماعى عند الغذاء فقط بل يمتد الى مجال الصحة من خلال إنشاء المستشفيات العسكرية التى تقدم خدماتها للمواطنين والعسكريين على حد السواء، التى تحتوى على أحدث المعدات بجانب الخبرة الطبية المتميزة.
وبالنسبة للامن الاقتصادى وحمايته، فنجد بعد ثورة 30 يونيو حتى الآن تحتاج الدولة الى حماية اقتصادها من الانهيار، ولن يحدث ذلك إلا بجذب الاستثمارات الاجنبية وتنفيذ مشروعات عملاقة لتوفير فرص عمل للشباب، ولان القوات المسلحة تمتلك الخبرة والانضباط فى العمل قامت بالإشراف على المشروعات القومية العملاقة التى نفذت خلال عامين فقط، وتأتى مشاركة القوات المسلحة من خلال الإشراف والتعاون مع مئات الشركات المصرية التى نفذت تلك المشروعات وبأياد وخبرة مصرية .
اما بالنسبة للمجال العسكرى، ففى التوقيت نفسه الذى تتم فيه إعادة بناء الدولة اقتصاديا واجتماعيا حققت القوات المسلحة طفرات لم تحدث فى تاريخها من خلال التطوير والتحديث والتدريب للقوات المسلحة وانضمام احدث الاسلحة للجيش المصري، واجراء تدريبات مشتركة مع معظم الدول الفاعلة عالميا. كما ان القوات المسلحة تخوض حربا شرسة مع التنظيمات الارهابية فى سيناء واستطاعت ان تحقق نجاحات غير مسبوقة بل انه خلال فترة زمنية بسيطة سيتم تطهير سيناء بالكامل من العناصر الارهابية التى تسللت الى مصر بعد ثورة يناير وإبان حكم جماعة الاخوان الارهابية الدولة.
إن القوات المسلحة متداخلة فى الحياة المدنية بصفتها الحامى الاول للامن القومى المصرى بمفهومه الشامل. كما انها لن تدخر جهدا فى سبيل رفعة الشأن المصري، والحفاظ على مقدرات الشعب.
[email protected]
رابط دائم: