فى مؤتمر الشباب بالإسكندرية شارك شريف دلاور الخبير الاقتصادي، وهو من خارج دائرة المسئولين الحكوميين، وركز حديثه على الثورة التكنولوجية والصناعية والزراعية التى سيشهدها العالم مع إطلالة عام 2030،وهو ما يتطلب منا الاستعداد للاحتمالات المقبلة لكى نواكبها لا أن نصل- بعد ما سنبذله من جهد – إلى وضع نجد أنفسنا فيه متخلفين عن عالم تقدم بشكل مذهل وسبقنا بمسافات شاسعة،
فمن المنتظر أن يكون لـ «النانو تكنولوجى» دور بارز فى الثورة المرتقبة، ففى مجال الزراعة سيتم التوسع فى استخدام مسمدات النانو عوضاً عن المسمدات التقليدية، مما سيؤدى إلى زيادة كفاءة المسمدات وامتصاص النبات لها، حيث أن ما يتراوح بين 50 و70% من عنصر النيتروجين على سبيل المثال يفقد ولا يستفيد به النبات فى ظل استخدام المسمدات النيتروجينية التقليدية، وإذا علمنا أن كميات ضئيلة جداً من مسمدات النانو تمد النبات بنفس كمية المغذيات التى يحتاج توفيرها إلى كميات كبيرة جداً من المسمدات التقليدية، فإنه يتضح أن هناك مزايا جمة لاستخدام المسمدات النانو سواء من المنظور الاقتصادي: ( خفض تكلفة عملية التسميد) أو كفاءة التسميد ( إتاحة المغذيات الموجودة بالسماد للنبات)، وهو ما سينعكس حتماً على إنتاجية الأراضى الزراعية، ومن ثم زيادة إنتاجية الغذاء الذى يمثل وبامتياز قضية أمن قومى باعتبار أن الأمن الغذائى هو أحد المقومات الرئيسية لهذا الأمن.
أما بالنسبة للثورة التكنولوجية المرتقبة فى مجال التصنيع الغذائي، فإنها تتمثل فى ميكنة عمليات التصنيع بحيث تصبح بكاملها مميكنة ومبرمجة بالحواسب الآلية، وتدار المصانع من غرف تحكم آلي، بما يعنى الحد من استخدام العمالة اليدوية، حيث سيحل الإنسان الآلى «الروبوت» محل العامل البشري، وتوجد الآن مصانع بالخارج وبمصر تدار بهذا النظام وتنتج مئات الأطنان من المنتج الغذائى يومياً ولا يزيد عدد العمال فى أى من هذه المصانع عن عدد أصابع اليد الواحدة.
أيضا من المتوقع أن تكون هناك ثورة تكنولوجية فى العبوات ومواد تغليف الأغذية المصنعة، ولعلنا نعيش الآن ارهاصاتها، فالعالم يتجه إلى استخدام العبوات الذكية التى لا يقتصر دورها على الشعار القديم «العبوة تحوى وتحمى وتبيع» إذ أنها ستعطى للمستهلك إلى جانب ذلك معلومات عن مدى مطابقة الغذاء للمواصفات القياسية ومعايير الجودة، ومن ثم مواءمته للاستهلاك الآدمي، ومن المتوقع أن يكون لتكنولوجيا النانو أيضاً دور بارز فى تصنيع عبوات مضادة للميكروبات ومن ثم تحول دون وصولها إلى الأغذية المعبأة، وهناك نحو 500 منتج نانو من مواد تعبئة وتغليف الأغذية فى السوق العالمية الآن، ومن المتوقع أن يكون 25% من مواد التعبئة والتغليف من المواد النانو خلال العقدين المقبلين، ولا شك فى أن استخدام هذه التكنولوجيا سيطيل مدة صلاحية الغذاء، وزيادة إنتاجيته وتداوله فى أنحاء العالم ولاسيما فى الأماكن المعرضة للمجاعات، إما بسبب الكوارث الطبيعية، أو بسبب الحروب والاضطرابات التى باتت بكل أسف، سمة من سمات عصرنا الراهن.
د. محمد محمود يوسف
نائب رئيس الجمعية العلمية للصناعات الغذائية
رابط دائم: