رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أردوغان عندما يتوهم أنه انتصر

رسالة أنقرة سيد عبد المجيد
أسابيع والاستعدادات كانت تجري على قدم وساق في وريثة الإمبراطورية العثمانية، والتي كانت يوما تتزين بثوب الجمهورية الكمالية نسبة لمؤسسها مصطفي كمال أتاتورك، أما عن السبب فهو الاحتفال بما وصف بـ «ساعة الحقيقة»، تلك التي انتصفت عقاربها في ليلة الخامس عشر من يوليو العام الماضي،

لتعلن عن ما تم نعته بـ «انتصار الإرادة الوطنية على الانقلابيين»، الذين» ستعلق رءوسهم على أسوار إسطنبول قريبا جدا «بعد المحاكمة» التي سيزفون اليها وقد ارتدوا الزي البرتقالي أسوة بسجناء معتقل جوانتاناموا السيئ السمعة ببحر كوبا المتلاطم». هكذا كشف من يحكم بقبضته الفولاذية على الأناضول ــ والملقب من قبل بعض الشاردين عنه بـ « الهتلر السلطاني الجديد» ـــ عما يدور بداخله ويتمناه للذين أرادوا الإطاحة به، في محاكاة لما كان يحدث في الأزمنة المتوحشة الغابرة.

المارقون والمتحسرون على ما آلت إليه بلادهم من هوان، لا يكفون عن إطلاق سهامهم نحو اردوغان، كان آخرها ما زعموه بأن معاونيه وفريقه الطبي كم مرة تدخلوا في محاولات مضنية لطمس» هالات سوداء» تسللت خلسة لتظلل جفونه « المريضة كانت أو المجهدة» من «فرط سهرها على أحوال الرعية»!! ولكن عبثا أبت الخضوع متحدية الرتوش والمساحيق لتقول إنها موجودة. وبالطبع وكما عادة استحقاقاته ، سُخرت المؤسسات الرسمية بكاملها للحدث المفصلي ، في سباق محموم لتدشين أهازيج النصر الصاخبة ، والتي يراد لها أن تكون مدوية، وبحيث ترسل رسالة حاسمة وقاطعة للقاصي والداني وللأشرار سواء المحليون أو الدوليون ، الذين لا يكفون عن تدبير المؤامرات ضد الدولة التركية ورئيسها «المحبوب» رجب طيب اردوغان للتأكيد، «أن الأناضول يقظ على الدوام راصدا مخططات الأعداء وأنه لن ينسي أبدا قوى الحقد المتآمرة وانتصاره في ذلك اليوم التاريخي ما هو إلا تجسيد لكفاح ونضال أمة عبر قرن من الزمان ضد الإلحاد والكفر وعنوانهما معا «العلمانية الخائنة».

وكما هو متوقع تم تجهيز الحافلات بالمئات لنقل الجموع الغفيرة بالمجان، وصدرت التعليمات لآلاف المساجد في 81 محافظة بعموم البلاد ، لتحفيز المواطنين على المشاركة، والبلديات التي منحت العطايا « من المال العام ونصبت مبكرا المنصات بالميادين والساحات وقد زودتها بمكبرات الصوت الضخمة والشاشات العملاقة» وأعداد لا تحصي من أعلام الحزب الحاكم رغم أن كل الاحزاب والقوى السياسية نددت من الوهلة الأولي بتحرك وحدات من الجيش لكن لا مكان سوى لإشارات وجدرايات العدالة الحاكم وزعيمه الأبدي. وعشرات من الشبكات التليفزيونية الموالية وتلك التي تم ترويضها، تبث على مدار الساعة ما من شأنه تمجيد المنتصر « فصوته الذي جاء عبر هاتف محمول هو الذي ألهب الأفئدة في تلك اللحظة المصيرية قبل عام، ومعه زحفت « الملايين للشوارع لحماية الديمقراطية».

يالها من مغالطات فالأخيرة وئدت، وأن وجدت فهي «معلبة» ومبرمجة على ألا تنتقده أبدا هو وأركان نظامه، ودعوته لانصاره لم تكن لتنطلق إلا بفضل مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية التي يعاديها الآن بشكل مفرط . في المقابل قال «الخبثاء» وكم هم كثر, إن أردوغان عندما كان في مأمنه انتظر لما سوف تسفر عنه المحاولة الإنقلابية « الساذجة» فإذا نجحت تمكن من الفرار بطائرته المعدة، وفي حال كان العكس عاد مكللا بأكاليل الغار.

هذه الإمكانات الهائلة كان يفترض معها أن يحتشد الملايين من كل صوب وحدب، ولكن هيهات فالأرقام التي ناضلت الميديا مكتوبة ومرئية من أجل تضخيمها، لم تكن عند مستوى توقعات الرئيس الذي تصور أنها ستكون أضعافا مضاعفة لمن شاركوا في مسيرة « العدل» التي قادها حزب الشعب الجمهوري وانطلقت سيرا على الأقدام من أنقرة وفي نقطة نهايتها باسطنبول غمرت الحشود التي قدر عددها بمليونين ميدان ملتبة بالكامل، دون أي منح أو اغراءات فالجميع نزلوا طواعية ولهذا اتسمت صرخاتهم الهادرة بالصدق، وجاءت الهتافات «حقوق.. قانون..عدالة»، عاكسة لمجمل الإخفاقات السياسية والاقتصادية التي يعيشونها وفي نفس الوقت اعتبرت التحدى الأكبر الذي يواجه نظام أردوغان القمعي بعد محاولة الانقلاب. والحق أن ختام المسيرة الذي وافق التاسع من يوليو الحالي، والذي تم إهماله عمدا من السلطة حتى لا يستحوذ على يومها، أظهر بجلاء وهم الانتصارات الزائفة التي يروج لها اردوغان واركان حكمه، ومن ثم هو الذي يستحق أن يكون يوما تاريخيا بكل ما تحمله الكلمة من معان.

ورغم حالة الحصار الإعلامي، فإن مشاهد الحيرة والاضطراب والقلق إضافة إلى الاستقطاب والاحتقان اللذين صار عنوان الواقع المعيش، تفلت من الستار الحديدي ، فقطاع مهم من الشعب كسر حاجز الخوف هذا ما أكده زعيم المعارضة كمال كيلتش دار أوغلو الذي قال ايضا إن مئات الآلاف الذين تجمعوا بالقرب من المعتقل الذي يقبع وراء قضبانه البرلماني والصحفي أنيس بربر أوغلو، هو بداية طريق شاق وطويل من أجل إسقاط الديكتاتورية وإعادة الحرية مجددا بعد أن قضي عليها من قبل الذين يتشدقون ليلا نهارا بأنهم ديمقراطيون في حين هم فاشيون.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 1
    مصرى حر
    2017/07/26 08:23
    0-
    0+

    دعوه يعيش الوهم والخيال والتهيؤات كعادة المغرور والمتغطرس
    وبعدها يسقط فى هوة عميقة من الخيبة والوكسة
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق