وصلنا إلى الحالة التى أصبح فيها الحديث عن السعادة من قبيل شطط الفكر وتفاهة العقل وزيف الأحلام لا يقدم عليه إلا البلهاء من البشر، وصار الباحث عن معطياتها وسبر أغوارها كمتطلب فى الماء جذوة نار
وربما كان الارتكان وراء هذا الظن وعدم محاولة تغييره سببا فى تفشى أوجاع بأجسادنا ومجتمعاتنا لم تكن أبدا فى أسلافنا، مع أن الوصول إليها ليس بالوعر العسير بعيد المنال فثمة مفاتيح للسعادة إذا تم ضخها فى شرايين حياتنا سوف تدفع أبوابا حسبناها موصدة عصية على الفتح إذا تعاملنا وسطا مع خالقنا سبحانه بين الخوف والرجاء، ووسطا مع أنفسنا بين المنع والعطاء، ووسطا مع طعامنا بين الشبع والجوع، ووسطا مع أجسامنا بين التعب والراحة، ووسطا مع أهلنا بين الشدة واللين، ووسطا مع أقراننا بين الجد والهزل، ووسطا مع وطننا بين ما نطلبه من خيره وما نعطيه له من كد وجهد، ووسطا مع مالنا بين بسط اليد بالكلية وغلها بالكلية، ووسطا مع أولادنا بين القسوة والرحمة، ووسطا فى طموحاتنا بين المتاح والمطلوب، ووسطا مع ظننا بالناس بين أحسنه وأسوئه، ووسطا مع تلاميذنا بين الوقار والانبساط.. عندئذ ندخل فى زمرة أهل النفس المطمئنة السعيدة الراضية المرضية، فنقلل بذلك من العبوس والكآبة التى ارتسمت على قلوبنا وجباهنا.
عبد الحى الحلاوي
مدير عام بالمعاش ـ قنا
رابط دائم: