رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب» بعيون علماء الدين:
رؤية موحدة للمواجهة وتوصيات ملزمة بالتنسيق بين جميع الجهات

تحقيق ــ حسنى كمال ــ خالد أحمد المطعنى ــ إبراهيم عمران
على مدى عامين كاملين ظل الرئيس عبد الفتاح السيسي يؤكد أن تجديد الخطاب الديني هو السبيل الوحيد لاجتثاث جذور الإرهاب وتجفيف منابع الفكر المتطرف، وكرر في أكثر من مناسبة دعمه المتواصل للمؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر.

ومع ازدياد وتيرة الإرهاب كان حادثا كنيستي الإسكندرية وطنطا مسار تحول في السياسة المصرية التي استوجبت الإعلان عن تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف في مصر.

وإذا كانت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب قد طالبت الحكومة بالإسراع في إرسال مشروع قانون إنشاء المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، تمهيدا لمناقشته بالجلسة العامة في بداية دور الانعقاد الثالث, كما صرح بذلك اللواء يحيى كدواني وكيل اللجنة فإن علماء الدين يطالبون بأن يضم المجلس في تشكيله ممثلين عن الوزارات والهيئات والمؤسسات الأمنية والفكرية والإعلامية لمواجهة منابع الإرهاب على المستوي الفكري وليس علي المستوي الأمني فقط، وأن تكون توصياته ملزمة لجميع جهات الدولة، للقضاء على التطرف فكريًا وقانونيًا وأمنيًا، فضلًا على وقف مصادر تمويله سواء في الداخل أو من الخارج. كما طالبوا بأن يضم المجلس عددًا من اللجان المتخصصة المسئولة عن إصدار التوصيات والقرارات الخاصة بمكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرف. وحتى لا نقع في دائرة اختلاف الرؤى والتصورات حول مفهوم المواجهة وآلياتها وأدواتها، يرى علماء الدين أنه ينبغي وضع استراتيجية لتحديد مفهوم الإرهاب.

ويقول الشيخ محمد زكي، أمين عام الدعوة الإسلامية والإفتاء بالأزهر: إنه يجب على المجلس الأعلى لمكافحة الارهاب أن يهتم بتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تستغلها التنظيمات الإرهابية في جذب عناصر جديدة من الشباب، نتيجة الفراغ والبطالة والحالة الاقتصادية المتدنية، وأوضح أن تشكيل هذه اللجان الآن ضرورة ملحة لمواجهة الجمود الذي نعيشه منذ فترة، ونحن كمؤسسة دينية نسعى من جانبنا إلى التعاون مع الجميع ونهتم بتجديد الخطاب الديني، وبالتالي لا يتعارض دور المؤسسات الدينية مع دور المجلس لمكافحة الارهاب وستكون جميع قراراته ملزمة لكل جهات الدولة.

الجرائم الإلكترونية

ويؤكد الدكتور سعيد عامر، الأمين العام المساعد للدعوة ورئيس مجلس لجنة الفتوى بالأزهر، أن المجلس تقع على عاتقه مهام كبيرة يتوقف عليها أمن وسلامة البلاد، ولابد أن تتكاتف جميع مؤسسات الدولة وأن نتبادل الأفكار بالتعاون والمشورة مع أهل التخصص كل في مجاله، والتنسيق بين جميع المؤسسات، لأن المجلس يضم لجانا قانونية وأمنية وفكرية وإعلامية، حتى تتكون النخبة المناسبة التي تستطيع التواصل مع كل أطياف المجتمع، والتنسيق مطلوب بين كل الهيئات والمؤسسات بشكل قاطع ودوري، لمواجهة التحديات التي تهدد أمن مصر في الوقت الراهن. وطالب د. عامر بوضع ضوابط آلية وعلمية من المتخصصين في مجال الالكترونيات لمواجهة الجرائم الإلكترونية التي باتت أشد خطرا على المجتمع وتهدد الأمن والسلم .

المواجهة الفكرية

وحول كيفية وضع المجلس الأعلى لمواجهة التطرف، استراتيجية للقضاء على التطرف فكريًا وثقافيًا وقانونيًا وأمنيًا، أوضح الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، أنه يجب ان تكون هذه الاستراتيجية متكاملة الأركان، وتعتمد بشكل كبير على المواجهة الفكرية، لأن التجربة والواقع أثبتا أن الحلول الأمنية وحدها لا تكفى، هذا بالإضافة إلى الشق القانوني والأمني، على أن تتولى اللجان تنسيق الدعم لأسر ضحايا العمليات الإرهابية، بالإضافة إلى إعداد الاستراتيجيات الإعلامية المتخصصة لمواجهة الإرهاب والفكر المتطرف.

مفهوم الإرهاب

من جانبه أكد الدكتور بكر زكي عوض، العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أهمية وضع استراتيجية لتحديد مفهوم الإرهاب، يتفق عليها الجميع، وتقسيم الإرهاب إلى صور ثلاثة، إرهاب فكري، وحسي، وأخيرا فكري وحسي، والإرهاب المادي المتمثل في هدم المنازل وقتل النفس بكل صوره، وأحيانا يجمع بين الفكري والمادي، مثل الكتابة التي تمثل تحريضا على الإرهاب، وتحديد اختصاص كل طائفة انضمت إلى هذا المجلس، مع إحداث التكامل لا التنافر، والحرص على تحقيق الغاية لا تبديد الجهود، فمثلا قد تبذل الشرطة جهدها في ضبط تكفيري، ثم ينظر في الأمر قضائيا ويتم الطعن في الإجراءات، فتكون البراءة نتاج هذا، أو يكون الحبس لحين الإفراج على ذمة القضية، وبهذا تكون النيابة أضاعت جهد الشرطة أو الجيش، وقد تطالب الشرطة بالقبض عليه ثانية، فلا تدركه، لأنه اختفى أو تم تهريبه، فلا بد من تعديل بعض القوانين، ومثل ذلك أيضا حدوث توافق بين نظرة علماء الدين وعلماء النفس والاجتماع وما شاكلهم، فلا يفسر عالم النفس أو عالم الاجتماع ما وقع على أنه نتيجة أزمات نفسية، أو أحوال اجتماعية بما يساعد الإرهابي على الإفلات من العقاب.

التوصيات الملزمة

وأوضح د. بكر زكي عوض، أنه ينبغي للحد من ظاهرة الإرهاب تأليف وكتابة كتب في التربية الدينية، لملء الفراغ الديني، لأن كتاب الأخلاق هذا جزء لا يكفي، فالدين عقيدة وشريعة وأخلاق، فلا يتأتى تدريس ثلثه، وترك ثلثيه، ويمكن الإتيان ببعض النصوص التي تحقق معاني سامية، بشأن المواطنة من التوراة والإنجيل مثل: (أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا لمبغضيكم، صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم) وهو يتفق في المعنى مع قول الله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)، وتدريس الثقافة الإسلامية في الجامعات بما يتناسب وروح العصر، كالقيم العليا المشتركة، مثل المواطنة، والسلام الاجتماعي، والعدل، والمساواة، والحرية، لأن الفراغ الثقافي الديني في مرحلة الجامعة هو الذي مكن التيارات السلفية وغيرها من استقطاب كثير من الشباب في مرحلة التعليم الجامعي، وإظهار أهل الاعتدال والالتزام في الفكر الإسلامي في القنوات الرسمية لطرح الفكر الوسطي بدلا من الغلو أو التحلل الفكري، كما يجب على هذا المجلس الاستعانة بخبراء الدعوة ممن لهم رصيد فكري قائم على الاعتدال والالتزام.

مواجهة الحروب الحديثة

وأضاف: إن ما يثار بحق رئيس الدولة والحكومة والواقع الاجتماعي على وسائل الاتصال الحديثة، هو ضرب من ضروب الحروب الحديثة، التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار وإفساد العلاقة الطيبة بين الحاكم والمحكوم، وكل ذلك من صناعة شباب الجماعات المتطرفة الذين جندوا أنفسهم لهذه الغاية، يشككون في الثوابت، ويطعنون في الحقائق، ويروجون للقلاقل، والرد على هؤلاء لا يكون إلا بشباب وطني أكفأ منهم وأقدر في التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة، يرد أباطيلهم من ناحية، ويظهر الحقائق من ناحية ثانية، ويكشف كل جرائمهم، حتى لا يؤثروا على الرأي العام المصري أو الإسلامي. مع عقد لقاءات مفتوحة مع شباب الجامعات ومدارس التعليم الثانوي لمناقشة بعض القضايا الشائكة بكل وضوح وصراحة بما يحقق قناعة من ناحية ويشكل مناعة من ناحية ثانية، وذلك لمنع نزيف استقطاب الشباب تجاه المفاهيم المغلوطة، مع الإكثار من إصدار كتيبات صغيرة تحدد المفاهيم الشرعية لبعض المصطلحات، مثل الجهاد، القتال، الاستشهاد، الإيمان، الكفر ..الخ

من جانبه طالب الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، أعضاء المجلس باستغلال معطيات العصر وتقنياته ووسائل تخاطبه لإحداث التغيير الفكري, الذي من شأنه القضاء على الإرهاب, وتصحيح المفاهيم. وناشد وسائل الإعلام المختلفة توخي الدقة في نشر الأخبار.

وفي السياق ذاته طالب الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن، بمنح المجلس سلطة اتخاذ القرارات التي من شأنها القضاء على الإرهاب, أيا كانت صورته, سواء كان إرهابا فكريا, أو أمنيا, أو مجتمعيا, أو اقتصاديا, أو نحو ذلك, ولا تحتاج قراراته التي يتخذها في هذا الصدد أن تعرض على الجهات النيابية أو غيرها في المجتمع, انطلاقا من إلزامية قراراته, وحاجتها إلى سرعة التنفيذ لمواجهة الخطر الذي يتهدد هذا المجتمع في مناحيه كلها، ومن أولى مهام المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب وضع إستراتيجية كفيلة بالقضاء على الإرهاب الفكري والثقافي, ونحوهما, ووقف وسائل مده داخليا وخارجيا. وأضاف: إن الخطاب الديني يحتاج إلى جهود جماعية, لدى أصحابها رؤية وبصيرة بأوضاع المجتمع, ولذا فإن هذا الخطاب يفتقر إلى خبرات العلماء المتمرسين في مجاله, ليجددوا منه, ليجعلوه أكثر قابلية لاجتذاب الناس, وتصحيح فكرهم, وإبعادهم عن التطرف, بدلا من الخطاب الديني السائد الذي نكب المجتمع باستمراره وثباته وعدم التغيير من وتيرته.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق