رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أمريكا تتأهب لما بعد تحرير الرقة

> رسالة واشنطن ــ ‎توماس جورجيسيان
القضايا الخاصة بسوريا بعد القضاء على داعش في الرقة مطروحة بشدة هذه الأيام علي ساحة النقاش في واشنطن. وبالتأكيد هي أيضا الملفات المثارة داخل قاعات الاجتماعات الخاصة بصناع القرار الأمريكي.

الجنرال جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي في جلسة استماع له أمام الكونجرس ذكر أن استراتيجية شاملة للتعامل مع الواقع الجديد المرتقب (بعد اخراج داعش من الرقة) لم تستكمل بعد وأنها أخذة في التكوين والاكتمال. كما ذكر انه يعمل في هذا الأمر بالتشاور مع ريكس تيلرسون وزير الخارجية للوصول الى استراتيجية لها مكون عسكري وأيضا مكون دبلوماسي تضمن بها واشنطن احتواء الموقف وتسيير الأمور في الرقة.ـ

‎وعكست آراء وتعليقات المراقبين تضارب مواقف أركان الادارة وصناع القرار بها حول مشاعر القلق ومخاوف التعامل مع ملفات سوريا بتعقيداتها المتعددة. اذ يوجد قلق من تغلغل ايران وتغولها على امتداد سوريا وأيضا من نفوذ روسيا وتبعات قيامها بالدور المساند للدولة والنظام السوري. في المقابل تتزايد المخاوف تجاه التحركات والتحرشات التركية ورغبة أنقرة في الحصول على نصيبها من خريطة النفوذ في سورياـ مع ضمان قيامها بتلجيم الطموحات الكردية في تقرير مصير الأكراد واستقلالية القرار في أماكن تمركزهم.

‎بينما تسعي الادارة لوضع استراتيجية تأخذ في الاعتبار التدخل الأمريكي وأن تكون أمريكا أكثر انخراطا في الأزمة السورية تتعالى أصوات وهي ليست بقليلة لتشدد على حتمية التمسك بسياسة عدم التدخل المباشر التي تبنتها واشنطن منذ تفجر الأوضاع في سوريا. وأيضا نجد ما يتم ذكره حول خلاف وصدام قائم ومستمر بين البيت الأبيض من جهة والبنتاجون من جهة أخرى. المؤسسة العسكرية ترى غالبا في التدخل أو التورط العسكري انجرافا نحو نفق بلا نهاية فيه استنزاف متواصل للأفراد والأموال من أجل هدف في الغالب لا يمكن تحقيقه بالقوة العسكرية.

و‎فيما يخص الأجواء التي تعكس صراع دول النفوذ في سوريا فان ما تردد من تصريحات انتقادية أو تحذيرية عقب اسقاط الطائرة السورية (وأيضا طائرة درون ـ بدون طيار وهي صناعة ايرانية) من جانب أمريكا بالتأكيد أثار الشكوك والمخاوف بخصوص تصعيد التوتر في سوريا والمساس بقنوات التواصل الأمريكي الروسي التي قامت واستمرت من أجل تفادي الصدام أو تقليل من احتمالات المواجهة العسكرية بين واشنطن وموسكو. ووسط تحذيرات روسية من مصادمات أخرى في المستقبل، أكد الجنرال جوزيف دانفورد رئيس الأركان الأمريكي استمرار التنسيق الأمريكي الروسي وشدد على ضرورة التمسك بهذا التواصل بهدف تخفيف التوتر واقصاء الصدام المحتمل - الأمريكي الروسي في سوريا. الا أن هذه الأجواء بشكل عام وبسبب التحركات العسكرية التي تحدث على أرض الواقع مع انكماش مساحات تواجد داعش ومناطق نفوذه تنذر بمواجهات ومصادمات محتملة ومرتقبة بين القوى الساعية لبسط وجودها وأيضا نفوذها على امتداد الأراضي السوريةـ

وفي ملف آخر خاص بسوريا كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» منذ أيام عن اتصال هاتفي تم في بداية عهد ترامب (شهر فبراير الماضي) أجراه مايك بومبيو مدير الـ»سي آى ايه مع على مملوك رئيس مكتب الأمن القومي السوري للتباحث معه حول امكانية الافراج عن أمريكي يدعى «أوستن تايس» محتجز في سوريا منذ خمس سنوات. و»تايس» يوصف بأنه صحفي حر كان في السابق ضابطا في المارينز الأمريكية. وأشارت الصحيفة الى أن هذا التواصل لم يستمرطويلا مع بدء توتر الأوضاع ومع قيام واشنطن بقصف صاروخي

‎لسوريا.

‎وكانت اسرائيل قد قامت بقصف جوي لمواقع داخل الأراضي السورية ـ بالقرب من حدودها يوم السبت الماضي (٢٤ يونيو) مثلما فعلت من قبل في نوفمبر من العام الماضي وفي مارس من العام الحالى.ـ

‎صحيفة «وول ستريت جورنال» ألقت الضوء أخيرا على قنوات الاتصال والمساعدات المالية والعلاجية والعتادية التي تقدمها اسرائيل لعناصر مسلحة سورية معارضة ( وعددهم أكثر من ٨٠٠ فرد) منهم مجموعة تسمى نفسها «فرسان الجولان» وكيف أن اسرائيل تحاول من خلال هذه القنوات التي بدأت منذ عام ٢٠١٣ في منطقة القنيطرة الحفاظ على منطقة عازلة بالقرب من الجولان لمواجهة أى احتمالات مستقبلية لتحركات من جانب حزب الله من داخل الأراضي السورية.ـ وذكر التقرير أيضا أن اسرائيل ـ حسب تصريحاتها أقرت بأنها قامت بعلاج نحو ثلاثة آلاف جريح سوري في مستشفياتها، أغلبهم من العناصر المعارضة للنظام السوري.ـ

‎ما لفت انتباه المراقبين أن القوات الأمريكية فتحت النار على عناصر موالية لايران في سوريا ثلاث مرات ‎على الأقل خلال الأسابيع القليلة الماضية. وهذا التصعيد القتالي أوالاستهداف العسكري لمواقع ومجموعات أخرى غير داعش ينبئ بما قد يأتي بعد التخلص من تنظيم الدولة. احتشاد عناصر مسلحة متعددة مع توافر كميات ضخمة من الأسلحة بالاضافة الى وجود فراغ أمني (فوضى ان جاز التعبير) يمكن اشغاله واستغلاله من أى جانب ـ كلها عناصر تتجمع لتوجد الخلطة القابلة للاشتعال في «سوريا ما بعد داعش». واشنطن منذ فترة ليست بقصيرة شهدت نقاشات حول أحتمالات الاستفادة من التجربة العراقية (ما بعد سقوط بغداد وصدام) وأساليب تفادي تكرار حدوثها في سوريا.

‎وفي سياق متصل، فان الاشارة الى أن الطلعات الجوية الأمريكية المنطلقة من قاعدة العديد في قطر ربما تأثرت بالأزمة القطرية ـ الخليجية الأخيرة فان هذا الأمر نبه الى ضرورة الخروج من هذه الأزمة في أقرب فرصة ممكنة .كما أن قيام أنقرة بارسال قوات تركية الى الدوحة ربما عقد الأمور أكثر وصار أمرا قلقا يثير تساؤلات حول تطلعات أردوغان وخططه المستقبلية في المنطقة. ـ

‎وقد أعربت أنقرة من جديد عن رفضها التام والعلني للتعاون القائم والمستمر ما بين القوات الأمريكية وقوات من الأكراد السوريين وذلك حسب ما أعلنته أنقرة، فان تركيا تتخوف وتتوقع أن يقوم الأكراد بالسيطرة على مساحات من الأراضي المحررة في الرقة. كما أنهم سيقومون بنقل الأسلحة التي قامت واشنطن بامدادها للأكراد في سوريا الى حزب العمال الكرداستاني. وهذه المجموعة يتم تصنيفها وتعريفها كمجموعة ارهابية بالنسبة لأنقرة وأيضا لواشنطن.واشنطن من جانبها حرصت على طمأنة أنقرة عن هذا الأمر تحديدا الا أن أنقرة كانت وما تزال ترى الأكراد الخطر الأكبر لها وترى في الصراع الدائر الآن حول سوريا المستقبل فرصة لحسم موضوع الأكراد ووضع حد لتطلعاتهم التاريخية في تقرير المصير.

‎ما قد يتم تحقيقه أو انجازه في الرقة أو الموصل ليس بالطبع نهاية المطاف فالمواجهة مع داعش .. كما أكد الجنرال دانفورد رئيس الأركان هي حرب أجيال أو بتعبير آخر هي حرب لن تننهي في يوم وليلة. وبالطبع المواجهة الحقيقية لداعش وتوابعه هي مسئولية دول المنطقة ومدى رغبتها وقدرتها على حسم الأمر والقضاء على الارهاب في مهده وأيضا تجفيف منابع تمويله مع استئصال أسباب تواجده وتوحشه.ـ انها مهمة شاقة وطويلة الأمد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق