فى مثل هذه الأيام منذ أكثر من ٦٠ عاما، كان نحو ٥٠٠ عامل مصرى يشيدون أعلى برج فى مصر وإفريقيا حينها، ليكون بعدها إحدى العلامات المميزة لأم الدنيا بعد أهرامات الجيزة. هو برج القاهرة أو « الجزيرة «
حيث يقف شامخا فوق أرض جزيرة الزمالك، بتصميمه الفريد المستوحى من زهرة اللوتس رمز الحضارة المصرية القديمة. تعددت روايات بناء البرج الذى رآه الامريكان على شكل» فاكهة الاناناس» فأطلقوا عليه «أناناسة ناصر» ، لكن الثابت أنه بنى ببضعة ملايين من الدولارات التى منحتها المخابرات المركزية الأمريكية بشكل غير رسمى لمجلس قيادة الثورة، بهدف تخلى مصر عن دعمها لحركات التحرر الوطنى فى المنطقة العربية، خاصة فى الجزائر، فما كان من الرئيس جمال عبد الناصر إلا أن أودع المبلغ فى خزينة المخابرات المصرية، وقرر أن يستغله فى بناء رمز خالد ،يكون عنوانا لاستقلال الارادة الوطنية ورفض الخضوع للاملاءات الخارجية.
البرج الذى يفوق ارتفاعه هرم خوفو بـ٤٣ مترا، صممه المهندس المعمارى الشهير نعوم شبيب صاحب تصميم الكاتدرائية المرقسية فى العباسية ، وجعل قاعدته من الجرانيت الاسوانى الذى بنى به المصريون القدماء معابدهم الخالدة، وعلى واجهته نسر الجمهورية مصنوعا من النحاس الأحمر بارتفاع ثمانية أمتار، وبعد خمس سنوات استغرقها البناء ، تم افتتاح البرج فى ١١ أبريل ١٩٦١. ومنذ ذلك الحين أصبح مقصدا لتصوير الافلام السينمائية، ولكل من يرغب فى الاستمتاع بمشهد بانورامى ساحر للقاهرة، بكل معالمها المميزة يخترقها النيل شريان الحياة، كما كان مقرا رئيسيا لبث الإذاعات التى انطلقت من القاهرة لتغطى قارتى إفريقيا وآسيا .. وفى الصور التى نعرضها اليوم من أرشيف الفنان سمير الغزولي، نتابع مراحل بناء البرج بطريقته الفريدة التى سجلها شبيب كبراءة اختراع باسمه، وبينما كان العمال يقومون بعملهم، كانت مباريات الاهلى والزمالك بجمهورها الحاشد فى النادى الاهلى شاهدة على عمل ضخم، خلد موقف سياسى سجلته كتب التاريخ.
رابط دائم: