رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حيرة أردوغان بين تأييد قطر وإثارة غضب جيرانه

سيد عبد المجيد
بعد أن التزم الصمت طويلا أحتجاجا ورفضا للنظام الرئاسي، ها هو أخيرا يخرج دون أن يطلب منه أحد ذلك على مواطنيه، الذين اعتقدوا أنه أعتزل الحياة السياسية برمتها ، ليعلن على الملأ مدى محبة بلاده لقطر" الغالية "، التى وقفت بجانب الإمبراطورية العثمانية فى سنوات أفولها قبل مايزيد على المائة عام .



أنه أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء السابق، الذى قطع إحتجابه فالازمة مع الدوحة بدت بالنسبة له مصاب جلل لا يحتمل أن يسكت عليه ولابد من التصدى له ، وعلى تركيا أن تقف بجوار شقيقتها القطرية .

إلى هذه الدرجة ؟ أذن تحتل الأخيرة مكانة أثيرة فى قلب وريثة رجل أوروبا المريض بثوبها الأردوغانى المتأسلم، والمواقف كثيرة منها وهذا على سبيل المثال لا الحصر أمتعضت دورية مقرءوة مقربة جدا من صانع القرار الساكن فى قصره بضاحية بيش تبة بالعاصمة أنقرة ، واصفة بإزدرا صحيفة أمريكية بــ" الفوبيا المقيتة ضد الدين الحنيف " لأنها هاجمت الإمارة المسلمة لتشييدها مسجدا فى السويد ".

ثم مضت قائلة " أى حرب قذرة هذه التى تشن على عباد الله المسلمين " على ذات المنوال ومع أية إنتقادات توجه لتلك الدويلة " الحبيبية لقلب كل تركى "،سرعان ما ينبرى حشد من الإعلاميين يدبججون المقالات والتحليلات للدفاع عن ذلك النتوء الصغير الذى يكاد يلفظه الخليج العربى . وهذا لا ياتى من فراغ فخلال حكم العدالة «المديد» على مدى خمسة عشر عاما والأواصر تمتد وتتشعب ، فكم هى المئات من ملايين من الدولارات التى زحفت على الأناضول فى صور إستثمارات ومساندة للعملة المحلية الليرة المترنحة فى حربها غير المتكافئة ضد الدولار وتأسيس جمعيات خيرية ظاهرها ذو القربى والمساكين، ولا أحد يعلم ما فى باطنها .

غير أن المصادفة، وهى ليست كذلك ، جاءت فى تزامنها مع أنباء وحكايات ، نعتها أصحابها ــ وهم من المناوئين لادروغان واركان حكمه ــ بالحقيقية الموثقة بالأدلة الدامغة ، أزاحت الستار عن رباط متين جمع البلدين بجهاديين وأصوليين فى الشام المتناحر والعراق المنقسم، ولم يكن الأمر بغريب ، فى أنه ومع تلك الحميمية تراجعت العلمانية واختفت من خطاب الساسة الأتراك ليحل محلها نقيضها، وعقب محاولة الإنقلاب الفاشلة على العدالة والتنمية الحاكم منتصف يوليو الماضى ، عبر كاتب قطرى عن فرحته الغامرة " لأن الله نصر اردوغان، لأنه الزعيم الذى خلص موطن الخلافة " العظيمة " من ميراث أتاتورك الكافر وأعادها من جديد إلى تراث الأجداد من السلاجقة الأقوياء الذين رفعوا راية الأسلام عالية خفاقة".

بإختصار أستطاعت الدوحة، أن تخلق لها أرضية مساندة خلف جبال طوروس، وأوجدت لها أنصار فى كل مرافق الجمهورية التى لم تعد كمالية ، وأن ظلت المعارضة عصيه عليها إذ لم تفلح فى إختراقها . ولأن أجواء الذهنية " الادروغانية والتميمية " التواقة إلى الإسلام السياسى بروافده التكفيرية تشابهت وتشابكت كان طبيعيا أن تثور أنقرة غاضبة وناقمة على حصار " الصديقة المظلومة والمفترى عليها" .

وفى رد فعل سريع التأم البرلمان وعقد جلسة سريعة، أقر فيها أتفاقية سبق ووافقت الحكومة عليها، وتقضى بتأسيس قاعدة عسكرية على الاراضى القطرية، وفى اليوم التالى صادق عليها الرئيس لتصبح نافذة ، فى خطوة متعمدة ولها دلالة بيد أن الهدف منها كان إيصال رسالة واضحة لا تقبل اللبس تؤكد عزم تركيا دعم حليفتها وحمايتها من غضبة جيرانها .

لكن يبدو أن أهل الحكم وبنفس السرعة أدركوا أن مسلكهم كان جنوحا وتهورا لأنه لم يكن فى حاجة إلى تفسير وهو أنه تحدى غير محسوب العواقب للسعودية والإمارات والبحرين أما مصر فالعلاقات أصلا سيئة ، ولرأب صدع محتمل بل وقريب جدا وهو أمر ليست البلاد فى حاجة إليه خصوصا بذلك التوقيت العصيب خاصة مع موجات هادرة على مواقع التواصل الاجتماعى طالبت بوقفة حاسمة ضد تركيا، هنا تراجعت حدة التصريحات وما أن انتهت مباحثات وزير الخارجية البحرينى الذى زار إسطنبول لساعات قليلة حرص نظير الأخير مولود تشاويش أوغلو أن يوضح للكافة أن ماحدث بالمجلس التشريعى ما هو إلا إجراء برتوكولى روتينى كما أن القاعدة هى لحماية مجمل الخليج وليس دولة بعينها.

صحيح أن الأناضول منقسم على نفسه بين مؤيد للحكم الحالى وآخر رافض له ، إلا أن فريقا من الموالين لاردوغان ، من الصعب تجاوزه كونه مؤثر وبالدائرة المقربة من صناع القرار ، تباينت رؤاهم هم أيضا ، يدلل على ذلك تأكيدهم أن بلادهم لا يجب أن تفعل شيئا حتى لا تخسر كل شئ ، ومنهم من شدد على أن أنقرة لديها مصالح حيوية مع الدول التى بادرت وقطعت علاقاتها مع قطر ومن ثم أى إجراء مساند للدوحة ستترتب عليه عواقب «نحن فى غنى عنها»، أخرون ، دعوا بأن تقود تركيا وساطة من جانب والعمل على التهدئة وعدم التصعيد. واشار مراقبون إلى أن وقوف الحكومة التركية لجانب قطر سيجعلها عرضة لإتهامات عديدة من دول عربية وأمريكا بدعم التيارات والتنظيمات الإرهابية، وقالوا أيضا أن حكومة العدالة والتنمية فى موقف صعب وحرج للغاية وليس هناك أمامها سوى الأختيار إما المتطرفين أو المعسكر المناوئ لهم. ورغم أنه وعلى مدار تاريخه الطويل ينظر للرياض نظرة شك وريبة ، إلا أن الشعب الجمهورى العلمانى بات على قناعة أن الدوحة أحد الداعمين الرئيسيين للأصولية الإسلامية ولم يجد زعيم الحزب " كمال كيلتش دار أوغلو " غضاضة فى أن يطالب الأخيرة صراحة بقطع علاقاتها فورا مع الأخوان المسلمين كحل وحيد للأزمة داعيا بالتوازى السلطة ببلاده بوقف دعمها هى الأخرى لتلك الجماعة واتخاذ موقف واضح ضد الإرهاب والإرهابيين ومموليه . النخب الثقافية ، التى صارت تتحسر على تآكل دور بلادهم وإندفاعها يوما بعد آخر ، إلى الأنزلاق فى مستنقع الشرق الأوسط ، أصبحت أكثر تشاؤما إذ وصلت إلى نتيجة مؤداها وهى أن اردوغان لن يهدأ له بال إلا بعد أن يستيقظ على خبر سحب العواصم الخليجية : الرياض وأبو ظبى والمنامة سفراءهم وغلق القاهرة سفارتها وقنصليتها. وبالمناسبة بعض مستشاريه لم يستبعدوا ذلك ولهذا دعوه إلى الحذر ولا بأس من الأقتراب نحو قطر فقط إلى النقطة التى بعدها تصبح مصالح تركيا الإستراتيجية فى خطر

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق