الأحداث المتتابعة التى شهدتها بريطانيا فى الآونة الأخيرة دفعت البعض فى تل أبيب للمطالبة بهجرة يهود بريطانيا إلى إسرائيل بحجة الخوف عليهم مما يسمى موجة معاداة السامية هناك ومن هؤلاء إيزى لبلار الذى كتب فى صحيفة إسرائيل اليوم يقول : عندما انتخب جيرمى كوربين المناصر للفلسطينيين كرئيس لحزب العمال البريطانى بعد هزيمة آد ملنبر، اهتزت الجالية اليهودية لأنه إضافة إلى كراهيته لإسرائيل ، شعر المعادون للسامية فى ظل وجوده بأنهم أحرار فى البدء بهجوم علنى . اضافة إلى المطالبة بمقاطعة إسرائيل . وشارك جيرمى من قبل فى مظاهرة معادية لإسرائيل.
الامر المثير للقلق كما يقول لبلار هو أنه خلال الحملة الانتخابية زعم كوربين أن العمليات الإرهابية والتفجيرات فى بريطانيا هى نتيجة السياسة الخارجية العدائية لبريطانيا والتى تحرض ضد المسلمين. وفى الانتخابات الأخيرة قام يهود بريطانيا بالتصويت ضد كوربين ويرى لبلار أن اليهود فى المملكة المتحدة يعتبرون منبوذين من قبل جزء كبير من المواطنين ومناهضة إسرائيل وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، سواء فى المظاهرات فى الشوارع أو فى الجامعات، حيث يطلب من كثير من الطلاب اليهود هناك عدم الكشف عن هويتهم اليهودية. وفى حالات معينة يعبرون عن عدائهم لإسرائيل من اجل أن يتم قبولهم وفى المدارس والمعابد اليهودية هناك حاجة إلى حراس مسلحين ويرى البعض فى إسرائيل انه يجب على جميع اليهود أن يسألوا انفسهم إذا كان يجب عليهم فى ظل هذه الاجواء العدائية التفكير فى الهجرة إلى إسرائيل، أو على الأقل تشجيع أولادهم على فعل ذلك، كى يتمكنوا من العيش فى محيط يقبلهم ويوفر لهم الحماية .
وتسعى الحكومة الإسرائيلية بالتعاون مع الوكالة اليهودية لتهجير يهود العالم خاصة الغربى إلى الدولة العبرية وتسلك فى سبيل ذلك عدة طرق آخرها تنظيم برنامج خاص باسم " رحلة " للاقامة لفترة معينة فى إسرائيل لتشجيع يهود أوروبا خاصة الشباب على ترك دولهم والهجرة إلى إسرائيل ، لكن يبدو أن طريقة تفكير الشباب تختلف عن طريقة تفكير الآباء والامهات فمن يخططون لعملية التهجير لديهم إشكالية وهى رفض كثير من الشباب اليهودى ترك الدول التى نشأوا فيها للانتقال للإقامة فى إسرائيل وقد طرحت صحيفة معاريف سؤالاً يقول : لماذا يرفض جيل الشباب اليهودى فى اوروبا الهجرة إلى إسرائيل ؟ وكتبت الصحيفة تقول ان هؤلاء الشباب الذين تعرضوا لموجة من الكراهية أو ما يسمى بمعاداة السامية فى الغرب صرحوا بأنهم لا يرون سبباً منطقيا يدفعهم لترك اوربا . وهو ما دفع بعض خبراء إسرائيل للمطالبة بضرورة تطوير وسائل الجذب ووضع خطة هجرة تهتم بالاحتياجات الفعلية للمهاجرين فلا يمكن الادعاء ان احداً يعانى فى اوروبا فالحياة هناك اكثر راحة من اسرائيل . الصحفى اليهودى بمجلة أتلانتك جيفرى جولدبرج نشر تحقيقا صحفيا بعنوان " هل اليهود فى حاجة إلى مغادرة أوروبا " ؟ استطلع فيه رأى العديد من الشباب اليهودى حول مستقبلهم كيهود وجاءت إجابة إحداهن وتدعى ياعيل لوبيز ياقطين 25 سنة من هولندا كالتالى : مستقبلى يمكن ان يكون فى امستردام أو فى تل ابيب لكن هذا لا يتعلق بمعاداة السامية انا ساختار المكان الذى احبه فأنا يهودية وهولندية لذا سأظل فى هولندا ولن اغادرها وإذا كان الآخرون يريدون الهجرة فهذا شأنهم. أما بورشا لوكوش 28 سنة من بودابست بالمجر فتقول انها مستعدة للخيارين وهما إما الهجرة إلى إسرائيل أو البقاء فى المجر و إذا قررت الهجرة لاسرائيل فإن هذا لن يكون بسبب ما يسمى بمعاداة السامية أما مارك توملينسون 24 سنة من بريطانيا فيقول انه لا يشعر بأى قلق وانه يخطط للبقاء والحياة فى بريطانيا لأنه يحيا حياة جيدة للغاية فى بريطانيا وانه لا يرى سبباً يدفعه لمغادرتها أو مغادرة اوروبا . ويعلق جيفرى جولدبرج على ذلك بقوله : اعترف بان إجابات الشباب كانت مفاجأة لى ليس هذا فقط بل ان احاديثى مع بعض الاسر اليهودية فى اوروبا اكدت انهم أيضا لا يرغبون فى الهجرة إلى إسرائيل خاصة من يعيشون فى دول مثل فرنسا وبلجيكا والسويد والدانمارك رغم الحوادث العديدة هناك ومنذ حادث القتل فى مدرسة " كنز التوراة " اليهودية فى تولوز بفرنسا عام 2012 . وقد طرح مسؤلو برنامج رحلة سؤالا على الشباب المشاركين فى البرنامج وهو هل يوجد مستقبل لليهود فى الدول التى تعيشون فيها ؟ لوبيز ياقطين قالت نعم يوجد مستقبل للطائفة اليهودية فى امستردام. أما أليس ليفى 27 سنة من باريس فتقول : اعتقد انه يوجد مستقبل لليهود فى فرنسا لان الجميع يريد ان يستمر فى ان يكون فرنسيا وهو نفس ما ذهب اليه توملينسون حول يهود بريطانيا فالحكومة البريطانية على حد قوله تحافظ على حقوق اليهود فيها وهو نفس ما أكدته لوكوش حول يهود المجر حيث تقول ان هناك مائة ألف يهودى يعيشون فى المجر اليوم لا يشاركون فى نشاط الطائفة اليهودية وعدد كبير منهم لا يعلم عن جذوره اليهودية شيئاً. وهو عكس ما ذهب اليه الدكتور ديف ميمون وهو باحث فرنسى من أصل يهودى حيث يرى انه خلال 15 عاما سيهاجر 50 % من يهود أوروبا بسبب ما يسمى معاداة السامية فلا يوجد مستقبل جيد لليهود فى اوروبا .. مديرة برنامج " رحلة " ليران بن حورين تعتقد ان إجابات الشباب المشاركين فى البرنامج عن معاداة السامية فى فرنسا واوروبا تثير القلق لان معاداة السامية امر واقع هناك وتحدث بالفعل والدليل هو وجود جنود فرنسيين يقومون بحماية كافة المؤسسات اليهودية ، وتقول ليران ان المشاركين فى برنامج رحلة يبلغ عددهم 12 ألف شاب نحو 80% منهم يقررون الهجرة إلى اسرائيل فور انتهاء البرنامج وعدد آخر يهاجرون بعد ذلك بعدة سنوات وتضيف ليران ان مدير مدرسة يهودية كبرى فى فرنسا أكد لها ان مستقبل يهود فرنسا هو فى إسرائيل.
رابط دائم: