رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بعد تحديد موعد الإستفتاء
هل تنفصل كاتالونيا عن إسبانيا؟

دينا عمارة;
«هل تريدون أن تكون كاتالونيا دولة مستقلة على شكل جمهورية؟».. هذا هو السؤال الذي سيضطر سكان إقليم كاتالونيا الإجابة عليه فى الأول من شهر أكتوبر المقبل وذلك بعد إعلان رئيس المنطقة كارلوس بيجمونت التى تشهد حركة انفصالية كبيرة وتطالب منذ وقت طويل بحكم ذاتي أوسع، تنظيم استفتاء على الاستقلال من جانب واحد في تحد صارخ لمدريد التي تعارض مثل ذلك التصويت.

الحقيقة أن الدعوات لانفصال الإقليم الواقع شمال شرق إسبانيا ليست بجديدة على الساحة الإسبانية، فجزء كبير من سكان الإقليم يعتبرون أنفسهم ليسوا بإسبان وأن لغتهم وحضارتهم مختلفة كلية عنهم، وهو ما تم التعبير عنه في العديد من الاستفتاءات الرمزية التي تم إجراؤها بالإقليم، وكذلك عبر مسيرات الاستقلال الضخمة من خلال اللافتات والشعارات التي رفعت مثل «برشلونة ليست إسبانية» و«نحن مختلفون عن اسبانيا، وعلى الرغم من ذلك فإنه بحسب أخر إستطلاع للرأى أجرته حكومة الإقليم أظهر إنقساما واضحا للكاتالونيين بهذا الشأن، إذ يعارض 48.5% منهم الاستقلال مقابل 51.5% من المؤيدين.

ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية فى إسبانيا والنتائج الوخيمة التي خلفتها على المواطن، بدأت دعوات الانفصال تلقى مزيدا من الدعم والتأييد، فهناك أسباب كثيرة تقف وراء ذلك، أولها الرغبة فى بناء بلد جديد وأفضل، فكاتالونيا تطمح إلى أن تصبح هولندا أو الدنمارك في جنوب أوروبا، بمعنى بلد صغير ولكن لديه صلات تجارية قوية مع بقية العالم.

أما السبب الثاني فهو الرغبة في تعزيز اللغة الكاتالونية والسماح لها باستعادة المكان الذي تستحقه بين اللغات المتنوعة والغنية في أوروبا.

السبب الثالث هو الحق فى الاعتراف بشعب الإقليم ككاتالونيين وليس إسبانيين, فهناك عدد كبير ومتزايد من سكان الإقليم فقدوا أي ارتباط عاطفي بإسبانيا، كما أن العلم الكاتالوني يمثل ثقافة سكان الإقليم وقيمهم.

أما السبب الرابع فيرجع إلى الحاجة لتحسين الاقتصاد، فيقول سكان الإقليم إن لديهم الحق والإرادة لإدارة موارد كاتالونيا وفقا لاحتياجات المجتمع، واستخدامها بطريقة رشيدة ومستديمة.

ولعل من أهم أسباب الدعوات إلى الإنفصال هو إيمان مواطني الإقليم بحقهم في اتخاذ القرار بأنفسهم وضرورة وضع حد للتبعية إلى البرلمان الإسباني في مدريد, كل هذا بجانب الرغبة في تحسين البنية التحتية فيما يتعلق بالطرق والمطارات والموانئ، فالكثير من الناس يموتون على الطرق الكاتالونية بسبب نقص الاستثمار أو بسبب سوء إدارة الحكومة المركزية. وأخيرا الرغبة فى تشجيع المنتخبات الكاتالونية الرياضية, حيث أن كاتالونيا لا تستطيع أن تنافس على أي من الأحداث الرياضية الدولية، وحتى لو كانت ترغب في المشاركة، مثل اسكتلندا أو ويلز، فان الحكومة الإسبانية تحظر ذلك.

وعلى الطرف الآخر يظهر موقف الحكومة الإسبانية التى انتقدت بشدة الاستفتاء المزمع تنظيمه, بل قلّلت من شأنه مؤكدة عدم إمتلاكه لأى سند قانوني, أيضا طالبت رئيس الإقليم بعدم زيادة الاضطرابات في إسبانيا وتعهدت باللجوء إلى القضاء للحيلولة دون إجراء الاستفتاء.

إذن الأمور أكثر تعقيدا مما تبدو عليه, فهناك عدة عوائق في طريق مساعي الكاتالونيين للتحرر، إذ يعتبر الكثيرون أن إعلان كاتالونيا لانفصالها مخالف للدستور الإسباني لأنه يتعارض مع الفصل الثاني الذي ينص على وحدة الدولة والحق في الحكم الذاتي والذي يقر بحق المقاطعات في تسيير شئونها بنفسها ولكن يمنع بشكل قاطع انفصالها.

كما أن مسألة اندماج كاتالونيا في القارة الأوروبية بعد انفصالها تعد مسألة صعبة، فالاتحاد الأوروبي يؤكد أن انفصال أي منطقة عن دولة من دول الاتحاد تعني بالضرورة إقصاء هذه المنطقة من هذا الاتحاد الذي يضم 28 دولة.

مدينة برشلونة أيضا ستخسر الكثير من خلال انخفاض عائداتها من التصدير بسبب تطبيق رسوم جمركية على سلعها الموجهة لأوروبا، بالإضافة إلى مغادرة عدة شركات عالمية متمركزة في كاتالونيا لا ترغب في تحمل تبعات مغادرة هذه المقاطعة للسوق الأوروبية المشتركة، كما تواجه كاتالونيا خطر انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تأتي بنسبة 80% من جهات أوروبية.

أما على المستوى الوطني فتواجه كاتالونيا إمكانية التعرض لحملة مقاطعة من قبل السلطة المركزية، وهو أمر خطير بالنظر إلى أن نصف مبادلاتها التجارية التى تتم مع بقية أجزاء إسبانيا, كما يبرز سؤال آخير يطرحه أحباء كرة القدم في إسبانيا والعالم وهو: أين سيلعب فريق برشلونة؟ إذ سيتم بصفة آلية إقصاء كل الفرق الكاتالونية من الدوري الإسباني في حالة الانفصال، وبالتالي سيجد فريق برشلونة نفسه مجبرا على اللعب في دوري كاتالوني مصغر وضعيف أو السعي للانضمام لدوري أوروبي آخر، وفي كل الحالات يؤكد الخبراء أن ذلك سيعود بالضرر على عائدات ومستوى هذا الفريق.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق