رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تجارب دول المغرب العربى
كيف نحصن المساجد من التطرف ؟

كارم يحيى;
مع افتتاح ندوة بتونس تضم مسئولين عن المساجد والوعظ بدول المغرب العربي الست تحت عنوان «محاضن الإرهاب و استراتيجيات تفكيكها» طرح وزير الشئون الدينية للدولة المنظمة التونسي القاضي أحمد عظوم معضلة استخدام المساجد لغير ما أهلت وأعدت له داعيا للتوصل إلى اقتراحات عملية لمعالجة خطورة ظاهرة توظيفها لبث الفكر المتطرف . وقال أن المسجد الذي تأسس على التقوى لايجب أن يكون مكانا للمجرمين وللتحريض على القتل.

وعلى مدى أيام الندوة الثلاث درات النقاشات حول كثير من الأمور النظرية العامة وعكست تباينا في فهم النصوص المقدسة والتراث في الإسلام. لكنها انتهت الى توصيات تضمنت إعادة الاعتبار للمسجد كآلية لمكافحة الإرهاب. ولعل الفارق بين تساؤل الافتتاح وتوصية الختام تعكس طموحا للانتقال من هيمنة متطرفين على المساجد وتوظيفها لبث الفكر التكفيري وللتجنيد لجماعات العنف الى المساعدة على تجفيف منابع الإرهاب. وكان في حضور هذا الجمع من المسئولين عن الشئون الدينية من دول المغرب العربي فرصة لنقاش جانبي خاص حول تجارب هذه الدول في تحصين المسجد من التطرف والمتطرفين.

والبداية مع الجزائر أكثر الدول المغاربية معاناة مع التطرف والإرهاب باسم الدين ومعها ذاكرة حية نازفة لعشرية سوداء في عقد التسعينيات خلفت نحو 200 ألف قتيل . وهنا يقول «يوسف مشرية» مستشار وزارة الأوقاف والشئون الدينية ببلاده إن الجزائر بها حاليا نحو 17 ألف مسجد ولم يعد منها مسجد واحد خارج اشراف الوزارة اعتبارا من عام 1996. ويوضح : كان لا بد من مقاربة ذكية ووضع استراتيجية لمكافحة التطرف. فلا يمكن اغلاق المساجد والمصليات التي يسيطر عليها أو يرتادها متطرفون ويتخذونها منابر لأفكارهم. بل يجب احتواؤها و ازاحة المتطرفين منها واستبدالهم بكفاءات وكوادر دينية ذات سمات وسطية معتدلة.. وفي كثير من الحالات جرى الاحتواء و الاحلال على نحو متدرج وبمساعدة أهالى المناطق المحيطة بالمساجد نفسها حتى لا يتكرر الصدام. «ويوضح» : لا نسمح بالجزائر بعد تجربة العشرية السوداء ببناء مساجد أهلية.وكل المساجد تتبع الوزارة .وهذا لم يكن قائما قبل العشرية. و لأننا دفعنا نحو مائة شهيد من أئمة وخطباء المساجد قتلوا فيها وفوق منابرها. هؤلاء كانوا من بين ضحايا الارهاب ومن بين من دفعوا فاتورته « ويضيف» : في عام 1999 تبنت كل المساجد بتوجيه من الوزارة مشروع السلم والمصالحة الوطنية وأسهم أئمتها بدور مهم في اقناع المتطرفين بإلقاء السلاح والعودة الى جادة الوسطية والصواب. وبشأن كتب التطرف والتكفير في المساجد قال مشرية : مكتبات المساجد بين أيدي أمناء مكتبات تابعين للوزارة وتجرى حملات تفتيش دوري عليها. وبصفة عامة فإن الجزائر تحظر تداول كتب التطرف لسيد قطب وغيره. هي فقط متاحة في الجامعات والمعاهد كي يدرسها المتخصصون.. أما أن تكون متاحة للقارئ العام فهذا غير ممكن. وتتضمن استراتيجة مكافحة التطرف بالمساجد على الطريقة الجزائرية ـ وفق مشرية ـ الاستعانة بالمرشدات الدينيات و بصفحات فيس بوك للمساجد والأئمة لنشر التسامح والوسطية بين المرأة والشباب .

ومن المغرب يحدد «أحمد عاطف» رئيس قسم الأنشطة الثقافية بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمملكة سياسة وقاية المساجد من التطرف في بلاده بأمرين: الأول خطة تأهيل المساجد التي اعتمدتها الوزارة، وهي تحدد رسالة المسجد وتوفر الكوادر المؤهلة والمدربة لإدارة المساجد بما في ذلك الواعظات أوالمرشدات الدينيات النساء. وفي الخطة المغربية هناك أربعة ثوابت (المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وإمارة المؤمنين والتصوف السني).. والثاني أن كافة المساجد تحت اشراف الوزارة، بما في ذلك تلك التي تقوم جمعيات أهلية ببنائها ورعايتها بمقتضي قانون. ويؤكد: لا يسمح لاشخاص ببناء مساجد أو ادارتها .هذا غير ممكن. ووفق ما قاله عاطف فإن بالمغرب بها نحو 25 ألف مسجد بينها نحو 6500 جامع كبير ولا يسمح بأن يوجد داخل اي منها أي كتاب سوى القرآن الكريم . ويشدد على اهمية اشراك النساء في مكافحة التطرف قائلا :”منذ عام 2006 بدأنا تجربة المرشدات الدينيات. وهن يخضعن لتأهيل علمي وشرعي في معهد متخصص يتبع الوزارة بالرباط العاصمة .

ومن موريتانيا يحدد «سيدي محمد ولد ميابة» مستشار وزارة الشئون الاسلامية والتعليم الأصلي السياسة المعتمدة تجاه المساجد في عبارة من كلمتين هي: «التدخل النافع». ويوضح قائلا: الدولة في موريتانيا ترعى المساجد رعاية كاملة معنويا وماديا .لا نتدخل في خطبة الجمعة في هذا المسجد أو ذاك .لكن الأئمة كلهم يتبعون ادارة في الوزارة ويتلقون منحا مالية منها . ونشدد على الهيئة المشرفة على كل مسجد ألا تسمح بأي خطاب أو كتاب يخرج عن الوسطية وينحو للتطرف . ويضيف قائلا : قبل سنوات خاضت الوزارة تجربة فتح حوارات علمية فقهية ناجحة مع السلفيين استعانت فيها بهيئة كبار العلماء بالدولة. وليس لدي ولد ميابة احصاء او تقديرا شاملا بعدد الجوامع والمساجد في موريتانيا لكنه يقدر عددها بالعاصمة نواكشوط بنحو خمسمائة مسجد. ويضيف: بعض المساجد اقامها الأهالى ويقومون على رعايتها .لكن كل المساجد تحت اشراف الوزارة على نحو غير مباشر. وإذا ما لاحظ مراقبوها تحولا في الخطاب هنا او هناك نحو التطرف نلجأ الى الحسني أولا ثم من لا يوجد في موريتانيا الآن مسجد واحد يسيطر عليه متطرفون.

أما في التجربة التونسية، فثمة رقم مفزع عند نجاة الهمامي المكلفة بالإعلام في وزارة الشئون الدينية حين تبلغنا بأن العديد من المساجد سيطر عليها متطرفون وتكفيريون في السنوات التالية على الثورة وأن ألفي مسجد من إجمالي نحو 5500 خرجت عن سيطرة الوزارة حتى أمكن استرجاعها. وتوضح استراتجية الهجوم المضاد للوزارة في متابعة الخطاب الديني و استعادة كل المساجد تحت سيطرة الدولة أولا، ثم تدريب الأئمة الخطباء بواسطة المعهد العالي للشريعة واعادة تأهيلهم بما في ذلك امكانات التواصل الالكتروني لاستقطاب الشباب، وثالثا تطوير الخطاب الديني بالمساجد وبالإعلام .وأشارت الهمامي الى اهتمام الوزارة بلقاء الشباب في المناطق المستهدفة بالفكر المتطرف عند الحدود أو في المرتفعات والأماكن النائية . وتضيف أن الوزارة أخذت بتدريب واعظات دينيات وعقدت ندوة عن المرأة والإرهاب.وأكدت أن سياسات وزرارة الشئون الدينية اصبحت جزءا لا يتجزأ من استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب وضعتها الدولة بمؤسساتها الرسمية ومجتمعيها السياسي والمدني منذ العام الماضي.

وبالطبع لم يكن ممكنا عرض التجربة اللييبية نظرا لما يمر به البلد المغاربي الأقرب الى مصر من انهيار الدولة ووقوع لعديد من المساجد هناك في مناطق تسيطر عليها الجماعات والميليشيات والقبائل في غياب سلطة مركزية موحدة . لكن يبقي أن نشير الى كون تونس والجزائر والمغرب توفد بعثات دينية الى مساجد أوروبا حيث يتوافر حضور مهم لرعاياها . ويجمع المسئولون في وزارات الشئون الدينية بها على أن هذه البعثات الى مواطنيهم في الخارج لها اهمية كبرى في الحرب على التطرف وتجفيف منابع الإرهاب.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق