رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فضيلة الإمام
من ساحة الطيب إلى مشيخة الأزهر
صاحب مشروع تنويرى لنشر ثقافة السلام ومواجهة التطرف والإرهاب

كتبت ــ مروة البشير
وسط عالم يموج بالصراعات.. لا يزال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب يحمل على عاتقه رسالة الإسلام والسلام، ليثبت في كل موقف أنه حصن الأمان، فمنذ توليه مشيخة الأزهر في التاسع عشر من شهر مارس عام ٢٠١٠ وهو يسعى في بقاع الأرض ناشرا الصورة الصحيحة للدين الإسلامي شرقا وغربا، ولا يدخر وقتا أو جهدا في سبيل نشر الوسطية والاعتدال في شتى بقاع العالم، رغم المتغيرات والظروف الصعبة التى مرت بها مصر والعالم خلال السنوات الأخيرة.

....................................................................................

وإيمانًا من فضيلة الإمام الأكبر بأهمية الأزهر الشريف باعتباره بيت العلم والعلماء وموئل المفكرين والرواد ومجدد الثقافة الإسلامية الخالدة، والقبلة المعرفية والفقهية التي يفد إليها في كل عام ألوف من الطلاب من كل فج عميق، ابتكر وسائل كثيرة يستنهض من خلالها همم المهتمين والمحبين لتلك المؤسسة العالمية العريقة، فقد عمل الإمام الأكبر طيلة سبعة أعوام منذ توليه منصبه عام 2010 ، وإلى يومنا هذا على التجديد والتطوير، فكانت أعوام الإمام السبعة القاعدة الصلبة التي أُسس عليها مشروعه التنويري الكبير.

وتجديد الخطاب الدينى يمثل جانبا رئيسيا فى المشروع التنويرى لشيخ الازهر، كما يقول الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، تلك القضية شغلت أذهان الناس كثيراً فى الفترة الأخيرة، وبالرغم من ان هناك اختلافات كثيرة فى وجهات النظر ، فإن الإمام الأكبر له وجهة نظر واضحة فى تجديد الخطاب الدينى، وهو أنه ضرورة شرعية ولاخلاف حول ضرورته وحتميته بين علماء الأزهر ولا يمكن أن يجحده من له دراية بعلوم شريعتنا السمحة، وإذا لم نجدد نكون مخالفين لشرعنا، لأن الشرع هو الذى أمر بالتجديد، ويكفينا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، "إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة دينها أو أمر دينها". والمائة عام، يظهر فيها علماء كثيرون، وليس كما يظن البعض أنه عالم واحد، و كثرة التحديات التى تواجه عالمنا الإسلامى تحتاج إلى تسريع الوتيرة فى هذا الإطار.




ويقول الدكتور عباس شومان: ليس الأزهر هو من بدأ التجديد ولا هو وليد زماننا وانما بدأه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهناك وقائع كثيرة جداً حول ذلك، فقد كان رسولنا ينهى الصحابة فى بداية الأمر عن تدوين السنة ويأمر بالاكتفاء بكتابة القرآن ويقول:"لاتكتبوا عنى غير القرآن ومن كتب عنى شيئا غير القرآن فليمحه" وحين اطمأن إلى قدرتهم على التمييز بين ماهو قرآن وما هو سنة لاسيما وهم أهل فصاحة وبيان أذن لهم بكتابة السنة أيضا، وهذا تجديد. فقد تغير الحكم فى الأمر الواحد لتغير الحال وزوال علة المنع الأول، وهو خشية اختلاط القرآن بالسنة، كما كان -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن زيارة القبور خشية الافتتان بالموتى كما كان يفعل الجاهليون ثم أذن فيها بعد ذلك للاعتبار والاتعاظ، وحتى الأحكام الشرعية التى بين أيدينا حدث فيها تغيير ربما أكثر من مرة حتى استقرت على مانعرفه الآن، كمعاقبة الزناة من الحبس فى البيوت إلى الرجم أو الجلد، وشاربى الخمر من الضرب بالجريد ونحوه إلى الجلد المحدد، ونكاح المتعة من الإباحة إلى الحظر كل ذلك وغيره من الأمثلة كثير بتوجيه من الله عز وجل،وهذا هو عين التجديد للفكر الدينى ليناسب الزمان والمكان ويحقق مقصوده وهو تحقيق مصالح العباد بدفع المفاسد عنهم وجلب المصالح لهم.

ويضيف الدكتور شومان أن شيخ الأزهر أوضح قبل ذلك أن لدينا أحكاما تحتاج إلى إعادة النظر فيها، وخاصة فيما يتعلق بعمل المرأة وأن بعض أحكامها التى كانت فى الماضى لا تصلح الآن، ففى الماضى كان أفضل شئ للمرأة، هو قرارها فى بيتها، لكن الآن اختلطت بالمجتمع وأصبحت المسألة صعبة، وأصبح لابد أن يعاد النظر فى هذه الأحكام، وضرب أمثلة بأن المرأة أصبحت قائدة طائرة وضابطة شرطة وجيش،وطبيبة وقاضية ،ومحامية، ومهندسة ووزيرة بل ورئيسة دولة فى بعض دول العالم، مما يوجب علينا معاودة الاجتهاد واستخراج الأحكام التى تناسب الزمان والمكان بالنسبة لعمل المرأة وعدم الجمود عند حدود ما انتهى إليه السابقون، علما بأن هؤلاء السابقين من السلف الصالح الذين يهاجمهم البعض الآن هم أنفسهم الذين قالوا: "لا تجمدوا عند حدود ما انتهينا إليه"، ونصوا على ذلك فى كتبهم وقالوا: "إن الوقوف إلى حد ما انتهينا إليه من الضلال المبين" كما ذكر الإمام القرافى وغيره، فنظرة الأزهر للتجديد أنه لابد أن يستمر، لكن بضوابط، ولا يكون "سداحا مداحا"،وليس لكل من لايجد عملا فيصبح مفكرا وكاتبا إسلاميا ومجددا إن اقتضى الأمر، فالتجديد لأهله، ولا أعنى أنه حكر على الأزهر ولكنه حكر على المؤهلين بأدواته وأسسه وضوابطه، ويصعب أن يتحقق هذا فى عوام الناس وإنما فى خواص الخواص من العلماء، فالتجديد ضرورة يقوم بها العلماء المؤهلون بالعلوم اللازمة، وبالمناسبة ليس كل من تخرج فى الأزهر يكون قادراً على التجديد، وليس كل من تخرج فى الأزهر يكون مؤهلا للإفتاء وقادرا عليه ففى الأزهر تخصصات كثيرة، كل تخصص له أهله من العلماء .




المشروع التنويرى

فى عام 2011 ،وإدراكًا من شيخ الأزهر لقوة العلاقة التاريخية بين جناحي الوطن مسلميه ومسيحييه، دعا فضيلة الإمام إلى قيام "بيت العائلة المصرية " ليجمع بين الأزهر الشريف، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والكنيسة القبطية الكاثوليكية، والكنيسة القبطية الإنجيلية، والكنيسة الأسقفية الأنجليكانية.

كما يجمع بيت العائلة شخصيات كبرى من خارج الأزهر، ومن خارج الكنائس، ومن متخصصين في علوم الحضارة والأديان والتاريخ والاجتماع والقانون والشريعة والتربية. فجاءت الفكرة منذ بدايتها فريدة في نوعها، وفي رسالتها، وفي أهدافها؛ مما جعلها محل إعزاز وتقدير لدى كل المصريين.

ولعب الدكتور أحمد الطيب دورا كبيرا فى المساعدة على استقرار البلاد خلال الفترة العصيبة التى شهدتها مصر عقب ثورة ٢٥ يناير، ففى يونيه 2011، دعا الإمام الأكبر لاجتماع كوكبة من المثقفين المصريين على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والدينية مع عدد من كبار العلماء والمفكرين في الأزهر الشريف، وصدرت وثيقة "مستقبل مصر" لتوجيه مستقبل مصر نحو غاياته النبيلة وحقوق شعبه في الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية.

وقد أكدت الوثيقة دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، واعتماد النظام الديمقراطي، والالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي، والاحترام التام لآداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار.

كما أصدر الإمام الأكبر وثيقة "منظومة الحريات الأساسية" فى يناير 2012،في فترة اتسمت بالاستقطاب بين فئات عدة؛ وذلك لتحديد الموقف الإسلامي الداعم للحريات الأساسية، كحرية العقيدة، وحرية الرأي والتعبير، وحرية البحث العلمي، فضلا عن حرية الإبداع الأدبي والفني.

وأطلق شيخ الأزهر مشروع قوافل السلام، وهي مجموعات علمية أزهرية متخصصة في الشريعة الإسلامية وعلومها، يتحدثون لغة الدولة التي يقومون بزيارتها، وتقوم هذه القوافل بتنظيم أنشطة علمية وفكرية مكثفة ، تهدف كلها لتصحيح المفاهيم، وتخفيف حدة التوتر الديني، وقد جابت القوافل خلال الفترة الماضية العديد من الدول في قارات العالم، فقد زارت انجلترا وفرنسا والمانيا واسبانيا وايطاليا وباكستان واندونيسيا والصين وكازاخستان ونيجيريا وتشاد وجنوب افريقيا والولايات المتحدة الأمريكية .

فى عام 2015 تم إنشاء مرصد الأزهر باللغات الأجنبية بقرار الإمام الأكبر ،ويضم عشرات الباحثين المتخصصين في اللغات الأجنبية، كما يشمل فريق العمل عددًا من الخبراء الشرعيين للإسهام في إعداد المادة العلمية اللازمة لتوضيح المفاهيم وتصحيح الأفكار المغلوطة.

ويهدف مرصد الأزهر إلى تعزيز الصورة الإيجابية للإسلام ومكافحة الفكر الإرهابي والمتطرف ودعم السلم المجتمعي.

وفى مارس هذا العام عقد الازهر الشريف المؤتمر الدولي "الحرية والمواطنة..التنوع والتكامل" برئاسة الإمام الأكبر، الذى حضره أكثر من 200 شخصية من 60 دولة من النخب الدينية والمدنية والثقافية والسياسية الإسلامية والمسيحية فى الوطن العربي وفى العالم، وقد أكد الإعلان أن مصطلح المواطنة أصيل في الإسلام، مشددًا على إدانة كل التصرفات التي تقوم على التمييز وتتعارض مع مبدأ المواطنة، وتبرئة كل الأديان من الإرهاب بشتى صوره، كما عقد الازهر فى ابريل المؤتمر العالمى للسلام بحضور البابا فرانسيس بابا الفاتيكان والذى زار مشيخة الازهر الشريف للمرة الأولى فى التاريخ، وجاء هذا اللقاء ثمرة للقاء شيخ الازهر مع البابا فرانسيس فى الفاتيكان مايو الماضى.



ساحة الطيب

من الأقصر انطلق الدكتور أحمد الطيب إلى العالم أجمع، ولكنه مازال مرتبطا بها وبأهله هناك خاصة من خلال ساحة الطيب التى تقع بقرية القرنة وتستقبل الآلاف من كل مكان لحل مشكلاتهم وتلبية احتياجاتهم، ويحدثنا الشيخ محمود العبد امام مسجد المقشقش بالاقصر ومن ابناء ساحة الطيب، عن الساحة التى يرتادها رواد من جميع انحاء العالم وتقوم بالصلح بين الناس وانهاء الخصومات ومساعدة الفقراء والمحتاجين والمرضى من البلاد المجاورة.

ويقوم الشيخ محمد الطيب شيخ الطريقة الصوفية، وهو الأخ الاكبر للدكتور احمد الطيب شيخ الازهر بتكوين لجان من أعيان البلاد ،ففى كل بلد تكون لجنة مكونة من ٣ او ٥ افراد ، لدراسة المشاكل بين العائلات وخاصة المشاكل الثأرية فلها الاهمية الكبرى فى الصعيد ، تليها المشاكل على الاراضى والحدود الزراعية، وايضا المشاكل بين الازواج والمشاكل الاسرية بشكل عام، وكل هذا اخلاص لله لا يريدون عليه جزاء او شكورا. وفى خلال هذا العام ٢٠١٧ تم حل خمس مشاكل ثأرية.

ويقول الشيخ محمود إن الساحة تخدم غير المسلمين ايضا حتى الاجانب،الذين يأتون للسياحة، وأخرهم شخص انجليزى يدعى تونى ، استولى رجل من الصعيد على مائة ألف جنيه منه،فذهب للشيخ محمد الطيب الذى استدعى الشاب الاقصرى واخذ منه المبلغ واعاده للسائح مرة أخرى،وقد عبر عن شكره وتقديره الشديد للشيخ محمد الطيب والذى اعاد له حقه فى ساعات معدودة فور علمه.

وهكذا استمد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب صفة الشموخ والعزة من نشأته فى أحضان الدير البحرى معبد حتشبسوت، ثم تربى تربية صوفية علمية على يد والده الشيخ محمد الطيب فاكتسب منها صفتين هما خدمة الفقراء، والتواضع، وكنا نسمعه ونحن صغار يقول له:" يا احمد .. الفقير لا تتركه الا لما تقضى مصلحته " ،كما تلاحظ التواضع فى تصرفاته مع الجميع ، فيجلس على الدكة بجانب الغنى والفقير ، الكبير والصغير ،ويضيف أنه يوصينا كثيرا فى خطب الجمعه بالحفاظ على حقوق المرأة ، واحترامها وحق الزوجة ، ويلتقى بأهل الصعيد كل ٢١ يوما، ودائما ما يرشدنا ويمدنا بالكتب والتفاسير لنشر رسالة الازهر الوسطية، ومن أبرز صفاته أيضا الزهد إلى درجة الورع ، ولا يتقاضى مرتبه كشيخ للأزهر ، فهو يخدم الاسلام والمسلمين لوجه الله تعالى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق