فقدت السياسة الخارجية الامريكية واحد من أبرز وأشهر صقورها وهو زبيجنيو بريجنسكي، الذى عمل مستشارا للامن القوميً في عهد الرئيس جيمي كارتر (١9٧٧- ١٩٨١) وساهم في تحقيق اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
وكان بريجنسكي الذى توفى يوم الجمعة الماضى هو من تبني وساند المجاهدين الافغانً في حربهم ضد السوفيت. وموقفه هذا صار وظل «لعنة» طاردته علي مدي العقود الماضية وخاصة بعد هجمات ١١ سبتمبر.وانتشار وصعود التيارات الجهادية والجماعات الإرهابية.
خلال عمله مع كارتر عاش سنوات الاضطراب السياسي مع ازمة الرهائن مع ايران والغزو السوفيتي لافغانستان الا انه أعاد العلاقات مع الصين.وشارك في تحقيق اتفاقات خاصة بنزع الأسلحة وقناة بنما.
بريجنسكي الذي ترك دنيانا وهو في الـ٨٩ من عمره كان ايضا المفكر السياسي والاستراتيجيً الدبلوماسي صاحب الشخصية القوية والاراء الحادة والصادمة. أهل واشنطن كانوا غالبا يلجأون الي رأيه مهما يكن رأيهم هم في مواقفه وانتقاداته. واعتزازه (غروره) الفكري. وانتقد بشدة غزو العراق عام ٢٠٠٣ ووصف قرار الرئيس بوش بانه كارثي. عاصر ست ادارات أمريكية بما لها وبما عليها. وقد قال ما قاله وكتب ما كتبه مثيرا في اغلب الأحوال غضب أعدائه وأصدقائه ( إن وجدوا) علي السواء.اصدر مذكراته عام ١٩٨٣ تحت عنوان «السلطة والمبدأ». ربما لا يمكن الاتفاق حول شخصيته وآرائه إلا انه لا يمكن الاختلاف حول جديته في طرح الأفكار بحدة وذكاء وبالطبع لا يمكن تجاهله او التقليل من شان آرائه ومواقفه.
وجوده علي الساحة السياسية والإعلامية استمر الي شهور مضت. كان يحلل الأحداث والأوضاع في العالم. ويبحث عن الدور القيادي الامريكي واهمية دور ومهمة أمريكا في التعاون مع اوروبا وفِي مواجهة روسيا والصين. وفي انتقاد تخبط الإدارات في تحديد السياسات واختيار المواقف.
بريجنسكي المولود في وارسو بولندا ظل عداؤه للاتحاد السوفييتي حيّا لسنوات طويلة ومن ثم ولدتً شراكته مع الجهاد الاسلامي. ولذلك نسمع ما نسمع ونقرأ ما نقرأ كلما أتي ذكر اسمه. وبالطبع نجد أنفسنا في طوفان من المؤامرات والتأويلات وخلط الأوراق وهو في الاعلام العربي بشكل خاص قد لا يحتاج الي تعريف الا ان ما يقال ويكتب عنه كلما ذكر اسمه غالبا يظل مشوشا ومشوها ومحيرا ايضا
بريجنسكي سوف يظل في الذاكرة بالقدرة علي الاستمرار والرؤية الاستراتيجية لطبيعة العلاقات الدولية ومكانة أمريكا علي خريطة العالم، وايضاً بمن يقول رأيه بعلم ودراية وفِي الوقت نفسه بتعالي العارف وعناد المفكر واباء صاحب الموقف. ولا يمكن ان ينسي احد صورة له في كامب ديفيد وهو يلعب الشطرنج مع مناحم بيجِن رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك الصورة التي تنطق وتقول الكثير.
رابط دائم: