◄ 32 مليار دولار وفرها الجهاز المصرفى لعمليات التجارة الخارجية إضافة لسداد الالتزامات الدولية
◄ القضاء على السوق السوداء ومخطط حرمان الاقتصاد من تحويل دولارات المصريين بالخارج
◄ توفير المنافسة العادلة للقطاعات الإنتاجية المحلية وتحفيز التصديرعلى حساب الاستيراد
◄ 52 مليار دولار فاتورة الاستيراد المتوقعة العام الحالى والتخلص من عجز الحساب الجارى المزمن
◄ 25% زيادة فى تحويلات المصريين بالخارج والصادرات .. و8 مليارات دولار استثمارات 150 صندوقا عالميا
◄ السؤال : هل تأخر قرار تحرير سعر الصرف ؟وهل كان هناك بديل عنه ؟
الأرقام اصدق انباء من الكلام المرسل فى دقتها ، ما اسهل الكلام وتوجيه سهام النقد ، ولكن لحسن الحظ فانه عندما يتعلق الامر بالسياسة النقدية ،فنحن امام ارقام وليس كلاما مرسلا ، الامر يتعلق ايضا باعتبارات المهنية والتخصص ، تحرير سعر الصرف ، قرار لم يكن سهلا ، ولا احد كان يتوقع ان يتم اتخاذه ما لم يكن هناك ارادة سياسية تسعى الى حل المشكلات المتراكمة من جذورها من اجل معالجة التشوهات التى ظلت مقيدة لحركة الاقتصاد القومى ، واسفرت عن هيكل اقتصادى هش يشجع على الاستيراد على حساب الانتاج المحلى والتصدير ، كما يحفز على انماط استهلاكية للسلع المستوردة بديلا عن الادخار والانتاج ، يدعم فرص العمل فى الدول الموردة ويكرس البطالة لدينا .
6 اشهر على قرار تحرير سعر الصرف ، قد تكون مناسبة – رغم انهاغير كافية وفقا لتجارب الدول التى سبقت مصر فى هذا المجال – للوقوف على نتائج وتداعيات هذا القرار التاريخى ، من واقع الارقام والبيانات الرسمية ، فإنه يمكن رصد اهم النتائج فيما يلى :
ارتفاع الاحتياطى الاجنبى لدى البنك المركزى الى الضعف تقريبا ، حيث تشير التوقعات ان يصل لنحو 30 مليار دولار بنهاية الشهر الحالى ، وهوما يغطى 6.3 شهر واردات ، مايفوق الاحتياطى الاجنبى بتركيا التى يصل الناتج المحلى لديها 4 اضعاف الناتج المحلى لدينا ، وقد ارتفع الاحتياطى الاجنبى رغم سداد نحو 850 مليون دولار من مستحقات الشركات الاجنبية فى البترول منها 100 مليون دولار فى ديسمبر الماضى ، كما يتوقع سداد 750 مليونا الشهر المقبل ، وهو ما ساعد فى ضخ تلك الشركات مزيدا من الاستثمارات للبحث و التنقيب والإسراع باستخراج البترول والغاز الطبيعى .
قفزة هائلة فى تدفقات النقد الاجنبى لتسجل 46 مليار دولار حتى 5 مايو الحالى ، منها 23 مليار دولار من تحويلات المصريين بالخارج التى تزايدت بنسبة 25% ، اضافة الى تخلص عدد كبير من مكتنزى وحائزى الدولار وبيعه بالبنوك للاستفادة من الشهادات مرتفعة العائد ، الى جانب 8 مليارات دولار حجم استثمارات الصناديق العالمية فى ادوات الدين المحلى والبورصة ، و15 مليار دولار من اتفاقيات دولية .
استعادة ثقة المؤسسات المالية والاستثمارية العالمية ، و اصبحت السوق المصرية وجهة للصناديق العالمية الكبرى ، حيث اجتذبت 150 صندوقا عالميا للاستثمار فى ادوات الدين المحلى والاسهم ، وهناك زيادة مطردة فى تدفق استثمارات هذه الصناديق العالمية.
طفرة كبيرة فى تدفقات العملات الاجنبية لدى البنوك والقطاع المصرفى ، ادت الى توفير 32 مليار دولار لتمويل عمليات التجارة الخارجية حتى 5 مايو الحالى ،مليار دولار شهريا منها لاستيراد الوقود ، ولم يعد هناك اية شكوى من تأخر فتح الاعتمادات وتمويل مستندات التحصيل لاستيراد السلع الاساسية وغير الضرورية، الى جانب مستلزمات الانتاج واحتياجات المصانع ، وانتهت ازمة تكدس البضائع بالموانئ ، كما ليس هناك اية سلعة غائبة بالاسواق .
كما وفرت البنوك 700 مليون ريال للمعتمرين هذا العام .
معالجة التشوهات بتحرير سعر الصرف وفق آليات العرض والطلب ، حيث ادى الدفاع عن قيمة الجنيه وتثبيت سعر صرف الجنيه بأعلى من قيمته، الى تشجيع الاستيراد والسياحة الخارجية للمصريين ،ودعم منتجات الدول التى نستورد منها ، كما ترتب على ذلك وجود عجز بصافى ميزان السياحة لاول مرة ووجود فارق فى الانفاق على السياحة للخارج مقارنة بالسياحة الوافدة الى مصر فى نصف العام المالى الاول قبل قرار تحرير سعر الصرف ، وتشير النتائج الى تصحيح هذا الامر وعودة الاوضاع الى مستوياتها الطبيعية ، ولعل ابرز مؤشر على ذلك تراجع طلبات الحج هذا العام بنحو 70% .
تراجع حجم الواردات الى مستوياتها الطبيعية ، بعدما شهدت زيادة كبيرة بعد ثورة 25 يناير رغم التباطؤ الاقتصادى ما يعنى انها زيادة فى السلع الاستهلاكية ، حيث تراجعت قيمة الواردات فى مارس الماضى لتسجل 3.8 مليار دولار مقابل 4.4 مليار دولار فى نفس الشهر من العام الماضى بنسبة 13.6 % ، وتشير معدلات التراجع خلال الاشهر الماضية الى استعادة فاتورة الواردات الى مستوياتها الطبيعية لتصل الى نحو 52 مليار دولار بنهاية العام ،ما يعنى التخلص من عجز الحساب الجارى بعدما شهد تفاقما بشكل كبير ليصل الى 20 مليار دولار فى 2016 ، مقابل 4 مليار دولار فى 2010 .
ولعل هذا التطور بالغ الاهمية وجدير بان نتوقف عنده ، حيث ان العجز فى الحساب الجارى كان مزمن خلال الاعوام الماضية وبلغ ذروته فى 2016 ، مما اسفر عن ضغوط على قيمة العملة المحلية ، ومعنى التخلص من هذا العجز رغم عدم تعافى حركة السياحة ان هناك فرصا مستقبلية وواعدة وهذا تطور ايجابى كبير لا يمكن اغفاله فى انتهاء مشكلة النقد الاجنبى .
يبقى السؤال المهم ، هل تأخر اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف ؟
ثمة بعض الآراء التى ترى – رغم تسليمها باهمية قرار تحرير سعر الصرف – ان القرار تأخر بعض الوقت ، وكان يمكن تقليل كثير من تداعياته السلبية ، اذا ما تم اتخاذه قبل ذلك بعدة اشهر لاسيما عقب اعلان طارق عامر محافظ البنك المركزى النية فى ترك سعر الصرف للعرض والطلب وعدم استنزاف الاحتياطى الاجنبى فى الدفاع عن قيمة الجنيه وذلك فى يوليو 2016 ، وقد يكون فى وجهة النظر هذه بعض الوجاهة ، غير ان معرفة المعلومات من المسئولين ، تزيل الغموض ، حيث ان التحضيروالاستعدادات لهذا القرار كانت تستدعى اجراءات استغرقت وقتا ، ومنها على سبيل المثال الانتهاء من الاتفاقيات الدولية لزيادة الاحتياطى ، حيث تم التوقيع على الاتفاق مع الصين لتبادل العملة معها قيمة 3 مليارات دولار قبل قرار تحرير سعر الصرف بثلاثة ايام فقط . علنا نتذكر ايضا اوضاع تدفق النقد الاجنبى بالقطاع المصرفى والسوق المصرية قبل تحرير سعر الصرف ، وذلك المناخ الذى ساعد فى تنفيذ مخطط الجماعة الارهابية بحرمان الاقتصاد المصرى من تحويل اموال المصريين بالخارج، بشراء الدولار فى الخارج ، الى جانب تفاقم السوق السوداء واستحواذها على 90% من تحويلات المصريين بالخارج ، وكذلك استفحال ظاهرة الدولرة ، وتحول الدولار الى سلعة !
رابط دائم: