«المعراج» وسيلة لصعود كل البشر إلى السماء!
إذا كان الله تعالى قد ذكر «الإسراء» صراحة فإنه سبحانه لم يذكر كلمة «الإعراج» أو «المعراج» فى كتابه الكريم وأيضا النبى صلى الله عليه وسلم كل ما ذكره عن (الإسراء والإعراج): «انى اسرى بى الليلة».. و«ليلة اسرى بى».
أما ما ذكره عن (الاعراج): «ثم عرج بنا إلى السماء».. و«حتى اعرج بى».. «أتى بالمعراج».
ونحن لا نقول عن يوم أو ليلة (الحرث) ليلة (المحراث) لان المحراث آلة تعتبر جزء من الحرث حيث لابد من وجود أرض صالحة وحيوانات لجره وبشر.
وكذلك ليلة الاعراج أو العروج اشمل من (المعراج).. فالمعراج وسيلة صعود أرواح كل البشر إلى السماء كما قال صلى الله عليه وسلم: « لما فرغت مما كان فى بيت المقدس أتى «بالمعراج» ولم أر شيئا قط احسن منه وهو الذى يمد اليه ميتكم عينيه اذا أحضر (لحظة الاحتضار وخروج الروح) فأصعدنى صاحبى (سيدنا جبريل عليه السلام) فيه إلى السماء الأولى.
وهو عكس البراق وسيلة انتقال الانبياء فقط على الأرض.
.................................................................................
عقاب قبل العذاب لأهل النار!
>قال المصطفي [ تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا )الأولي( فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا يقول خيرا ويدعو به حتي لقيني ملك من الملائكة فقال مثل ما قالوا ودعا بمثل ما دعوا به إلا أنه لم يضحك ولم أر منه من البشر (السرور) مثل ما رأيت من غيره فقلت لجبريل: يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم.. فقال لي جبريل أما إنه لو ضحك إلي أحد كان قبلك أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك لضحك إليك.. ولكنه لا يضحك، هذا مالك خازن (حارس) النار فقلت لجبريل الا تأمره أن يريني النار قال: بلي.. يا مالك أر محمدا النار قال: فكشف عنها غطاءها ففارت وارتفعت حتي ظننا لتأخذن ما أري فقال يا جبريل مره فليردها إلي مكانها.. فقال لها: اخبي (اختفى).. فرجعت إلي مكانها الذي خرجت منه.. ورد عليها غطاءها.
>وقال المصطفى [: ثم رأيت رجالا لهم مشافر(شفاه) كمشافر الإبل في أيديهم قطع من نار كأفهار (أحجار صلبة ناعمة) يقذفونها في أفواههم فتخرج من ادبارهم فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء أكلة أموال اليتامي ظلما.
>وقال النبى [ :ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل (في طريق) ال فرعون يمرون عليهم كالإبل المهيومة(الهائمة النافرة) حين يعرضون علي النار(صباحا ومساء) يطأونهم لايقدرون علي أن يتحولوا من مكانهم ذلك.. قلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء أكلة الربا.
> وقال المصطفى [ : ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم سمين طيب إلي جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث النتن ويتركون السمين الطيب.. فقلت من هؤلاء يا جبريل؟
قال: هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء ويذهبون إلي ما حرم الله عليهم منهن.
>وقال [ لما دخلت السماء الدنيا رأيت بها رجلا جالسا تعرض عليه ارواح بني ادم فيقول لبعضها إذا عرضت عليه خيرا ويسر به ويقول: لبعضها إذا عرضت عليه: أف ويعبس بوجهه ويقول: روح خبيثة خرجت من جسد خبيث..
قال: قلت ومن هذا يا جبريل؟ قال: هذا أبوك آدم تعرض عليه أرواح ذريته.
>رأي النبى [ أبانا آدم في السماء الأولي وفي السماء الثانية ابني الخالة سيدنا عيسي بن مريم وسيدنا يحيي بن زكريا وفي السماء الثالثة سيدنا يوسف وفي الرابعة سيدنا إدريس وفي الخامسة سيدنا هارون وفي السادسة أخاه سيدنا موسي وفي السابعة سيدنا إبراهيم عليهم جميعا صلوات الله وسلامه.
وقد وصف النبى [ بعض أنبياء الله فقال: «أما إبراهيم فلم أر رجلا أشبه بصاحبكم (سيدنا محمد) [ ولا صاحبكم أشبه به منه، وأما موسي فرجل آدم (أسمر) طويل ضرب (ضخم) جعد (متموج الشعر) أقني (ذو أنف محدب) واما عيسي بن مريم فرجل أحمر (ذو بشرة حمراء). بين القصير والطويل، سبط الشعر (شعره مرسل ناعم) كأنه خرج من ديماس (حمام) تخال رأسه يقطر ماء وليس به ماء.. وقال عن سيدنا يوسف» :صورته كصورة القمر ليلة البدر».
>رأي سيدنا محمد [ سيدنا جبريل عليه السلام في صورته الحقيقية كملك له ستمائة جناح مرتين.. وشتان ما بين المرتين..
في المرة الأولي بعد بدء الوحي في غار حراء وكان علي شكل إنسان عندما قال له «اقرأ» وبعد الخروج من الغار والنبي يتصبب عرقا فإذا بصوت خلفه يناديه يا محمد أنا جبريل فنظر فإذا به في صورته الحقيقية يكاد يسد الأفق فأغمي علي النبي وسقط فتحول سيدنا جبريل إلي بشر وأخذ يمسح عن وجهه التراب حتي فاق وذهب وهو يرتجف إلي السيدة خديجة عليها السلام وهو يقول زملوني زملوني )غطونى غطوني).
أما المرة الثانية التي رأي فيها المصطفى [ سيدنا جبريل عليه السلام علي صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها فكانت في رحلة الإعراج عند سدرة المنتهي في السماء السابعة ولم يحدث له شيء وهذا دليل علي أن الله سبحانه قد هيأه لتحمل هذه الرحلة الجبارة كما ذكر الله تعالى فى سورة النجم:
(ما كذب الفؤاد ما رأى * أفتمارونه علي ما يرى* ولقد رآه نزلة أخرى* عند سدرة المنتهى)
صدق الله العظيم
.................................................................................
.. فويل لمن تركها
في السماء السابعة سدرة المنتهي والسدرة) شجرة النبق), حيث ينتهي إليها كل ما يصعد من الأرض فيقبض منها وإليها يهبط كل أمر إلهي من تحت العرش فيقبض منها.. فهي الحد الفاصل الذي لا تستطيع المخلوقات بما فيها الملائكة وعلي رأسهم سيدنا جبريل عليه السلام أن تتجاوزه وإلا احترقت من نور الجلال الإلهي..
حتي الجبال العواتي لا تتحمل نور الجلال فعندما تجلي الله علي الجبل جعله دكا وخر موسي صعقا كتجربة حية أثبت الله تعالي بها لسيدنا موسي عليه السلام عجز قدرة الكون والبشر عن تحمل نور الجلال الإلهي عندما طلب أن يراه.
ولكن الله تعالي هيأ سيدنا محمدا [ ليتجاوز سدرة المنتهي دون سائر خلقه تكريما وتعظيما له كآخر المرسلين وإمامهم للناس والجن أجمعين.. لذلك قال له سيدنا جبريل عليه السلام: «لو تقدمت لاحترقت ولو تقدمت انت لإخترقت».
وقال المصطفى [ عن السدرة: رأيت يغشاها فراش من ذهب ورأيت علي كل ورقة من ورقها ملكا قائما يسبح لله عز وجل.. وغشيها نور الله وألوان وبهاء يعجز مخلوق عن أن يصفها من حسنها.. كما ذكر الله تعالي:
» إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر ما طغى«
صدق الله العظيم
وقد رأي النبى [ أربعة انهار تخرج من أصل سدرة المنتهي نهران باطنان في الجنة ونهران ظاهران نزل بهما سيدنا جبريل علي الأرض هما النيل والفرات.
وقال سيدنا أبو ذر الغفاري سألت رسول الله [ هل رأيت ربك؟ فقال المصطفي: نور أني (كيف) أراه؟ والنور حجاب يمنع الإدراك .. وقال: رفعت لمكان أسمع فيه صريف (صوت) الأقلام التي تسجل كل شيء».
«وفي السماء السابعة نهر يقال له الحيوان (من الحياة) يدخله سيدنا جبريل كل يوم فينغمس فيه انغماسة ثم يخرج فينتفض انتفاضة يخر عنه سبعون ألف قطرة يخلق الله من كل قطرة ملكا ويؤمرون أن يأتوا البيت المعمور ويصلوا فيه فيفعلون ثم يخرجون فلا يعودون إليه أبدا» صدق رسول الله.
في السفر إلي الفضاء يكون الدنو والاقتراب أولا من المكان ثم لابد من التدلي والنزول.. عكس السفر علي الأرض حيث يكون(التدلي) اولا ثم (الدنو) بعد ذلك وهذه معجزة قرآنية.... وهذا ما حدث لسيدنا محمد [ ليكون في حضرة رب العزة فكان قاب (قدر) قوسين (ذراعين) أو أدني كما في قوله تعالي المعجز:
» ثم دنا فتدلى* فكان قاب قوسين أو أدنى»
صدق الله العظيم.
في هذا الموقف الجليل قال النبى [ التحيات لله والصلوات والطيبات لله.
ورد رب العزة: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
فقال سيدنا محمد: السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين أشهد ألا إله إلا الله.
وقال سبحانه وتعالي: واشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وهتفت الملائكة في السماوات السبع مترنمة: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
نردد هذه (التحيات) والدعاء النوراني9 مرات يوميا مرتين في كل صلاة من الصلوات الخمس ماعدا الفجر نقوله مرة واحدة.. ونزيد علي المرات التسع مع صلوات السنن.
وفي هذا الموقف الجليل تلقي المصطفى [ من تحت العرش الوحي مباشرة من الله سبحانة وتعالي حيث أعطي الصلوات الخمس لقداستها وأساسها الفاتحة وأصبحت التحيات المتبادلة بين رب العزة وسيدنا محمد جزءً من الصلاة كما أعطي خواتيم سورة البقرة وآية الكرسي بها, وغفر لمن لا يشرك بالله شيئا.
قد لا يستطيع الإنسان أن يؤدي فريضة الحج أو الزكاة أو الصيام لأسباب شرعية ويكون إسلامه صحيحا بعد التشهد مرة واحدة.. ولكنه لا يستحق أن يكون مسلما إن امتنع عن أداء الصلاة التي جعلها الله فرضا علي المحارب والمريض والمسافر...
ويسر الله تعالي كل السبل لأدائها حيث تجوز علي تراب الأرض الطاهرة ويستطيع الإنسان أن يؤديها واقفا أو جالسا أو بجفون عينيه إن كان مريضا.. لأنها كما قال النبى [: «الصلاة عماد الدين ..وقال: «أول عمل يسأل عنه ابن آدم الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله..« فويل لمن تركها!!
والصلاة أكبر وأعظم تكريم للسنة النبوية فرغم أهميتها فلا يوجد نص في القرآن الكريم يبين كيفية أدائها رغم النصوص الكثيرة التي تفصل أركان الإسلام الأربعة الأخري.. فالنبى [ ـ هو الذي علم الناس عدد ركعاتها وكيفية ادائها.
وقد فرضها الله في البدء خمسين صلاة.. ولكن الفضل بعد الله لسيدنا موسي عليه السلام في جعلها خمس صلوات.. وجعلها سبحانه بثواب خمسين صلاة لتكون أعظم رحمة للناس في رحلة الإعراج. كما قال تعالي:
» فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى» . صدق الله العظيم
رابط دائم: