وسط حضور دولي كبير شهدت العاصمة الهولندية أمستردام فعاليات المؤتمر الأوروبي لأمراض الكبد حيث تم عرض مئات الأبحاث الجديدة عن مستقبل العلاجات الدوائية والتدخلات الجراحية للكبد،
كما أطلقت منظمة الصحة العالمية تقريرا عن الأمراض الفيروسية الكبدية لتأكيد ضرورة مكافحة العدوي الفيروسية والتخلص منها بحلول 2030 خاصة في ظل التطور المتلاحق في مجال العلاجات الدوائية والتطعيمات حيث يقدر عدد المصابين حول العالم بفيروس «بي أو سي» بحوالي 325 مليون مريض منهم 71 مليون مريض بفيروس «سي».
ويقول د. وحيد دوس أستاذ أمراض الكبد بطب القاهرة إن من الجلسات المهمة التي أقيمت مناقشات العلماء حول توقيت علاج حالات زرع الكبد لدى المصابين بفيرس «سي» وهل يعطي العلاج قبل عمليات الزرع أم بعدها حيث اتفق الخبراء الدوليون علي أهمية وجدوي العلاج بعد عمليات الزرع مباشرة تجنبا لنشاط الفيروس كلما تأخر الأطباء في منح العلاج بعد الزرع. إلي جانب ذلك أقامت الجمعية المصرية لرعاية مرضي الكبد جلسة خاصة علي هامش المؤتمر للحديث عن دور الجمعيات الطبية في علاج مرضي فيروس سي بمصر. وخلال الجلسة تحدث كبار أساتذة الكبد عن التجربة المصرية في علاج أكثر من مليون مريض والسياسات الوطنية لمكافحة المرض بالإضافة إلي تكاتف الجهود مع الجمعيات الأهلية وشركات الدواء المصرية لتوفير العلاجات الحديثة بأسعار زهيدة. ونظرا لأهمية التجربة المصرية في علاج مرضي فيروس «سى» وإطلاق الحملة الدولية tour n Cure لعلاج مرضي فيروس سي من مختلف دول العالم بمصر، تحمست العديد من الهيئات الدولية للاستفادة من الخبرة المصرية والتعاون مع الشركات المحلية للوصول لعلاجات دوائية فعالة وزهيدة الثمن موجهة للدول ذات الدخول المتوسطة والمنخفضة مثل دول أمريكا اللاتينية وإفريقيا وجنوب شرق آسيا.
وتقول د. إيزابيل ماير رئيسة الفريق البحثي لفيروس «سى» بالمنظمة الدولية لإتاحة الدواء للأمراض المهملة DNDI إنهم يعملون حاليا بالتعاون مع إحدي شركات الدواء المصرية للوصول لبروتوكول دوائي جديد مازال قيد الدراسة لعلاج مرضي فيروس سي بتكلفة أقل بكثير مما هو متاح عالميا ونأمل إتاحته في العديد من الدول التي لايمكنها توفير الأدوية الحديثة بالأسعار المرتفعة حيث تصل أسعار الدواء إلي 20 ألف دولار للمريض الواحد ونأمل من خلال التعاون مع مصر أن تنخفض أسعار الأدوية إلي 300 دولار للمريض الواحد. وحاليا تجري التجارب البحثية علي البروتوكول العلاجي المقترح في العديد من الدول بخلاف مصر مثل فيتنام وماليزيا وجنوب إفريقيا وتايلاند للتأكد من كفاءة الأدوية المقترحة علي مستوي الفصائل الجينية لفيروس «سى»، وكذلك لضمان عدم تفاعلها مع أدوية أخري خاصة للحالات التي تعاني من أكثر من مرض مزمن بخلاف فيروس «سى».
وخلال المؤتمر، عرض فريق بحثي من إسبانيا دراسات حول فرص عودة الأورام الكبدية بعد علاج المرضي من السرطان، ثم منحهم علاجات فيروس سي الحديثة وسعيا لتقييم هذا الجدل العلمي أوضح د. ماسيمو كولمبو أستاذ أمراض الكبد بجامعة هيومانيتا بإيطاليا في جلسة خاصة للصحفيين أن هناك تضاربا في نتائج تلك الدراسات في العديد من دول أوروبا، ففي إيطاليا علي سبيل المثال هناك دراسات كثيرة تناقض هذه النتائج وفي الوقت الراهن فإن التوصيات التي اتفقنا عليها هي ضرورة المتابعة الطبية للحالات التي تعاني من تليف متقدم بالكبد أو أصيبت بالورم الكبدي قبل علاجها من فيروس سي فمن الوارد أن تكون هناك أورام ثانوية غير مرصودة قبل العلاج بالأدوية الحديثة إضافة إلي المتابعة الدورية بعد العلاج من الفيروس. وطبقا للإحصاءات العالمية فإن احتمالات عودة الأورام الكبدية بعد العلاج تقدر بنحو 7% كما أن احتمالات عودة الأورام تتضاعف خاصة في الرجال الذين يعانون من السكر وفي مراحل عمرية متقدمة ومصابين بتليف كبدي متقدم. ومن بريطانيا عرض فريق بحثي بجامعة برمينجهام دراسة ميدانية حول مضاعفات الإصابة بفيروس «سى» في سن الطفولة. وطبقا للدراسات الميدانية وجد أن النسب الأكبر لإصابة الأطفال والشباب بفيروس «سى» في بريطانيا يرجع لإعادة استخدام الحقن بين المدمنين كما أن احتمالات تطور المرض والإصابة بالمضاعفات الكبدية تتضاعف 26 مرة في حالة الإصابة في مراحل الطفولة والشباب.
كما عرضت د. منال حمدي السيد أستاذ أمراض كبد الأطفال بطب عين شمس دراسة أولية عن علاج مرضي فيروس سي من الأطفال ممن يتراوح أعمارهم ما بين (15 إلي 16) سنة بالأدوية الجديدة لفيروس «سى» وتبين نجاح وفاعلية العلاجات الحديثة ومن المنتظر أن تستكمل هذه الدراسات علي شرائح عمرية أصغر في المرحلة القادمة. وأشار العلماء إلي أن التحدي الحالي في مجال الأمراض الكبدية هو في ارتفاع نسب حالات الكبد الدهني بسبب ارتفاع معدلات السمنة والإصابة بالسكر وسوء العادات الغذائية حيث احتلت مصر والعديد من دول العالم العربي مراكز متقدمة في الإصابة بالسمنة والإصابة بالكبد الدهني خاصة بين السيدات وهو ما يهدد بالعديد من المضاعفات الكبدية من التهابات وتليف للكبد وأوضح د. أشرف عمر أستاذ أمراض الكبد بطب القاهرة أن التوصيات في الوقت الراهن هي بضرورة تغيير النمط الغذائي وممارسة الرياضة واتباع النظام الغذائي لدول البحر المتوسط حيث أظهرت الدراسات أن اتباع هذا النظام الغذائي يسهم في خفض الدهون علي الكبد.
رابط دائم: