بعد 6 شهور علي تحرير سعر الصرف ، يمكن رصد تعاظم الآثار الايجابية ، مقابل تراجع التداعيات السلبية ، حيث سجل اجمالي التدفقات الدولارية في القطاع المصرفي ما يقرب من 20 مليار دولار ،
تحديدا 19.2 مليار دولار حتي منتصف ابريل اي خلال 5 شهور ونصف، وفقا لبيانات البنك المركزي ، 5 مليارات دولار من تلك التدفقات جاءت من الاستثمار الاجنبي في ادوات الدين المحلي ، والبورصة ،وفقا لنائب وزير المالية احمد كوجك ، الامر انعكس ايجابيا بشكل واضح علي معالجة الاختناقات بالاسواق ، وتوفير العملات الاجنبية لتمويل عمليات التجارة الخارجية ، حيث وفر القطاع المصرفي نحو 30 مليار دولار ، لم تعد هناك مشكلة في تمويل البنوك لاستيراد السلع الاساسية اوغيرها – القطاع المصرفي وفر 6.5 مليار دولار لاستيراد المواد البترولية خلال هذه الفترة - كما لم تعد هناك مشكلة تراكم السلع والبضائع بالموانئ ، الاهم ان معدلات التشغيل بالمصانع ارتفعت الي مستوياتها الطبيعية ، بعد ان واجهت مشكلات ليست بسيطة في استيراد مستلزمات الانتاج بسبب نقص العملات الاجنبية قبل تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر 2016 .
احتياطي النقد الاجنبي قفز الي 28.5 مليار دولار في نهاية مارس الماضي ، وهو اعلي مستوي له منذ مارس 2011 ، بما يتجاوز تغطية واردات 6 اشهر ويصل الي ضعف المعدل العالمي الآمن ، ثمة مؤشرات مهمة تعزز من التفاؤل فيما يتعلق بتزايد معدلات التدفقات الدولارية ، حيث ان 3 مليارات دولار دخلت الجهاز المصرفي في 3 اسابيع منذ 27 مارس الماضي وحتي 17 ابريل الحالي بحسب البنك المركزي ، حيث بلغ اجمالي التدفقات الدولارية 16.2 مليار دولار حتي 27 مارس الماضي ، كما ان مايزيد علي 350 مليون دولار دخلت البنوك من استخدام الاجانب بطاقات الائتمان في مصر ، وفقا لمسئول ماستركارد بمصر ، في المقابل ثمة تراجع كبير في استخدام تلك البطاقات في الخارج بعد تحرير سعر الصرف ومعالجة التشوهات في سوق الصرف .
وفي هذا الاطار تتوالي شهادات المؤسسات الدولية التي تؤكد سلامة اجراءات الاصلاح وترصد انعكاساتها الايجابية علي الاقتصاد المصري ،واحدث تقرير صادر عن البنك الدولي منذ ايام ، حيث توقع تراجع معدل التضخم في العام المالي المقبل 20117/2018 الي 14.2% هبوطا من معدلاته الحالية ، علي ان يستمر هذا التراجع الي 11.3 % في العام المالي 18/19 ، لاشك ان تراجع معدل التضخم يظل التحدي الاكبر امام الاصلاح الاقتصادي ، حيث ان ارتفاعه اثر سلبا علي معدلات الاستهلاك المحلي مما اثر بدوره علي معدل النمو خلال العام المالي الحالي لتنخفض التوقعات بشأنه الي نحو 4% بدلا من 4.5% كما كان مستهدفا ، ولعل التوقع بتراجع معدل التضخم يفسر توقع صندوق النقد الدولي بتسارع معدل النمو في العام المالي المقبل ليصل الي 4.6% وهو نفسه المعدل الذي تستهدفه الحكومة ، وفقا لوزيرة التخطيط والمتابعة والاصلاح الاداري الدكتورة هالة السعيد .
تقرير البنك الدولي توقع ان تنتعش استثمارات القطاع الخاص في النصف الثاني من السنة المالية 2017، وذلك من خلال تعزيز القدرة التنافسية بالاستفادة من تحرير سعر الصرف ، والتطبيق التدريجي لإصلاحات بيئة الأعمال ، الي جانب تعافي قطاع السياحة بشكلٍ مطرد لنفس السبب ،. و يتوقع البنك الدولي أن تساعد السياسة النقدية الحذرة علي انحسار التضخم خلال فترة التوقعات بعد أن تزول الآثار المحدودة لتحرير سعر الصرف ، وإصلاحات نظم الدعم، وتطبيق الضريبة علي القيمة المضافة.
يبقي القول ان التحدي المهم الآخر الذي يواجه الاصلاح الاقتصادي يكمن في ارتفاع الدين العام المحلي بعد ان سجل 104% من الناتج المحلي الاجمالي ، ولكن مايطمئن هو تراجع العجز الأولي بموازنة العام المالي الحالي إلي 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي بدلاً من 4.2% العام المالي الماضي، وفقا لصندوق النقد الدولي ، وتوقع استمرار التراجع ليصل الي صفر او يتم تحقيق فائض في العجز الاولي بموازنة العام المقبل ، وفقا لنائب وزير المالية د. محمد معيط ، فإن تراجع العجز في الموازنة العامة الي 9.8% ، يؤكد اهمية السيطرة علي عجز الموازنة في معالجة ارتفاع الدين العام المحلي ، وخفضه الي 95% العام المقبل ثم الي 85 % في العام 18/19 ، كما ان خفض عجز الموازنة يسهم بشكل كبير في خفض التضخم وعدم الضغط علي قيمة الجنيه .
رابط دائم: