رئيس مجلس الادارة

هشام لطفي سلام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الفكر المتطرف.. وآليات المواجهة ( 13 )
حماية الكنائس .. واجب مقدس فى الإسلام..تطبيق العقوبات يردع المجرمين عن تكرار ترويع الآمنين

تحقيق ــ حسنى كمال


◄ نشر مفاهيم المواطنة يجب أن يكون أولوية أعمال المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب

 

إن الناظر في التاريخ يرى مصداق خبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث رحب أقباطُ مصر بالمسلمين الفاتحين، وفتحوا لهم صدورهم، وعاشوا معهم في أمان وسلام، لتصنع مصر بذلك أعمق تجربة تاريخية ناجحة من التعايش والمشاركة في الوطن الواحد بين أصحاب الأديان المختلفة.

والمنهج الإسلامي يكرم الإنسان بصفة عامة، ويترفع عن معاني الظلم والإيذاء، ويضفي خصائصه الحضارية الموسومة بالرحمة والتعايش السلمي والحب وسائر القيم الأخلاقية مع أهل الديانات الأخرى، فالمسلم يعتقد بكرامة الإنسان من حيث هو إنسان، والمسلمون يؤمنون بذلك إيمانًا عميقًا، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، وقال تعالى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا). وتفجير الكنائس واحدة تلو الأخرى يدق ناقوس الخطر في مجتمع لا يقبل مثل هذه الأحداث وخاصة أننا نسيج واحد، تربينا وتعلمنا وعشنا معا، واختلطت دماؤنا، وشربنا من ماء واحد.

وإذا كانت المؤسسات الإسلامية جميعها أدانت حادث تفجير الكنائس ووصفوه بالعمل المجرم والجبان والخسيس، وأكدت أن الإسلام يحمي الديانات السماوية جميعها ودور عباداتها وأن حمايتها ومن فيها من الاعتداء عليها مقصد شرعي، فإن من يعتدي على هذه الدور متجاوز لحدود الله تعالى.

ويطالب علماء الدين جميع مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام بتبني نشر مفاهيم «المواطنة» وهو مصطلحٌ أصيل في الإسلام شعَّت أنوارُه الأولى من دستور المدينة المنورة، ويؤكدون أن المجتمعات العربيّة والإسلامية تمتلكُ تراثًا عريقًا في ممارسة العيش المشترك في المجتمع الواحد. كما أشاروا إلى أن تبنِّي مفاهيم المواطنة والمساواة والحقوق يَستَلزِمُ بالضرورة إدانةَ التصرُّفات التي تتعارَضُ ومبدأ المواطنة من مُمارساتٍ لا تُقِرُّها شريعةُ الإسلام. وطالب العلماء بأن تتضمن توصيات المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب الذي أعلنت رئاسة الجمهورية عن تأسيسه مواجهة الفتاوى الشاذة التي تبث بذور الفتنة الطائفية وتعمل على تمزيق نسيج المجتمع والتعاون لنشر الفهم الصحيح للوحدة الوطنية، وذلك باعتبارها الآن من أهم قضايا تجديد الخطاب الديني .

تحصين الجبهة الداخلية

وأوضح الدكتور صابر طه، عميد كلية الدعوة الإسلامية السابق ورئيس قسم الأديان والمذاهب بكلية الدعوة بجامعة الأزهر، أن أهم عوامل تحصين الجبهة الداخلية من المحاولات والمؤامرات الخارجية لإثارة الفتنة الطائفية، هي: تعميق الانتماء للوطن، وجود القدوة الحسنة من العلماء والرواد في كل مكان، عقد ندوات مع الشباب والمثقفين وفتح مجال الحوار بين هؤلاء الشباب، وتأمين الجبهة الداخلية وتعريف الشباب بأضرار الفتنة على وطننا وعلى اقتصادنا وشبابنا وأمتنا، وإظهار المستفيد الوحيد من هذه المؤامرات على بلادنا، لابد أن نوضح من هو المستفيد من هذه الأشياء، وحمايتها عسكريا واقتصاديا وأمنيا، كل في موطنه وعمله يحمي الجبهة الداخلية.

تقوية النسيج الوطني

وأشار د. صابر طه، إلى أن دور المؤسسات الدينية والإعلامية والتعليمية والثقافية في تقوية النسيج الوطني مهم للغاية، وخاصة أن المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف، عليه دور أساسي وواضح في تعميق هذا الجانب، وذلك بعقد دروس وندوات وتوعيات وإرسال قوافل دعوية مركزة تجوب أنحاء المحافظات في مصر لتعريف الشباب بعاقبة الفتنة الطائفية في مصر، وتعريف الشباب بحقوق غير المسلمين، لما ثبت في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وأيضا هناك دور بارز لا يقل أهمية عن دور مؤسسة الأزهر وهو دور الإعلام والمؤسسات التعليمية والثقافية يجب أن يتبنوا القيام بهذا الواجب وأن يتم استضافة خبراء من علماء الاجتماع، وأيضا من علماء الاقتصاد ومن رجال الأمن حتى يوضحوا للناس العواقب الوخيمة الناتجة على الفرد والمجتمع من هذه الفتنة.

كتب وفتاوى الفتنة

وفي سياق متصل، يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن فكر الخوارج يعمد إلى لى اعناق النصوص، مع تأويلات خاطئة، ومن صور ذلك، نقولات لبعض مرويات تراثية كانت استثنائية لظروف خاصة، للأسف تولى كبرها وبعثها بعض الفرق، بالإضافة إلى (كتاب إقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة)، نشر وتوزيع المؤسسات السلفية، فيجب دون هوادة ولا أنصاف حلول التصدي لهذه الآراء الشاذة التي تصطدم مع القرآن الكريم، والسنة النبوية، وهدي السلف الصالح الحقيقيين، بمثابة التدابير الوقائية، وإنفاذ العقوبات الدنيوية الزجرية، بعدالة ناجزة وليست بطيئة للحفاظ على المواطنة والوطنية ومدنية الدولة، ولفت إلى وجود عدد من الآيات القرآنية التي يتم تحريفها عن سياقها وتأويلها غير ما تحتمل لتبرير عدد من السلوكيات المنحرفة عن صحيح الدين.

لا تمييز بين مسلم وغيره

ويقول الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، إن الإسلام غرس في نفوس المسلمين التسامح والمساواة بين أفراد المجتمع بغض النظر عن دينهم أو معتقداتهم أو لونهم، فقد حث النبي، صلى الله عليه وسلم على احترام أصحاب الديانات الأخرى من أهل الذمة والمعاهدين، والمستأمنين، بأن شبه الاعتداء على واحد منهم بأنه إيذاء له صلى الله عليه وسلم، ولذلك ضرب المثل بنفسه في قيامه بالاستدانة والتجارة مع غير المسلمين، بل واختياره من غير المسلمين من هم أصحاب كفاءة وخبرة، كالدليل الذي استعان به في رحلة الهجرة، وضمن لغير المسلمين حماية نفوسهم وأعراضهم وأموالهم، دون تمييز بين مسلم وغير مسلم.

المواطنة والبر بالشركاء

وأشار إلى أن الإسلام جعل لغير المسلمين، التمتع بالحقوق والمزايا التي يتمتع بها المسلمون، ما التزموا بما يلتزم به المسلمون تجاه هذه الدولة، من واجب رعايتها وحمايتها وحفظها والذود عنها، ووثيقة المدينة ببنودها ترسخ هذا المعنى في أول دولة إسلامية أقيمت في الأرض، حيث اقتضت أن يقيم بالدولة الإسلامية غير مسلمين، وأن يكون لهم من الحقوق ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم، وهذا هو التطبيق العملي لمعنى المواطنة بالمفهوم الذي يريده المعاصرون من إطلاق هذا المصطلح، وبمقتضى ذلك أقام غير المسلمين في الدولة الإسلامية، يعملون في مرافقها، ويتمتعون بما يتمتع به المسلمون من حقوق: التعامل، والتعلم، والعمل، ونحو ذلك من حقوق، مما يسطر للإسلام صفحة ناصعة، أراد بعض سوداوي الفكر والتوجه، ممن ضل سعيهم, أن يشوهوها، في غياب تام للجهات التي نيط بها مواجهة الفكر الضال، حيث قنعوا بالتصريحات الرنانة، والشو الإعلامي، بدلا من مواجهة الفكر المنحرف بما يصححه، ويوقف استفحال أمره، ولا ننسى أن لنا شركاء في الوطن، وعلينا أن نبرهم ونحسن إليهم، وإن هذا الفعل يندرج تحت باب الإحسان الذي أمرنا الله عز وجل به مع الناس جميعا دون تفريق، لقول الله تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا).

الحماية مقصد شرعي

ووصف الدكتور عبدالفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن، صانع التفجيرات بأنه من المجرمين والجبناء، ونفى أن يكون هذا العمل من الإسلام، وأكد أن الإسلام أوجب حماية دور العبادة, وأعطاهم حرية بناء هذه الدور، وأوجب على المسلمين حمايتها ومن فيها من أي اعتداء، وكفل الإسلام لهم الحق في ممارسة شعائر دينهم، دون أن يتعرض لهم أحد، وكفل لهم بقاء دور عبادتهم دون هدم أو تنكيس أو استعمالها في غير ما خصصت له. وأشار إلى أن المسلمين الفاتحين أعطوا عهودا لأهل البلاد التي دخلت تحت سلطانهم بكل ذلك، حيث أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لنصارى نجران حين قدم عليه وفدهم في المدينة أن يؤدوا صلاتهم في مسجده، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأهل نجران أماناً شمل سلامة كنائسهم، وعدم التدخل في شئونهم وعباداتهم، وأعطاهم على ذلك ذمة الله وذمة رسوله، ومثل هذا النهج سلكه الخلفاء الراشدون، فقد كفل نحو هذا لأهل الذمة الخليفة عمر بن الخطاب، في العهدة العمرية التي كتبها لأهل القدس، وتطبيقا لذلك أبقى المسلمون للنصارى كنائسهم ورؤساءهم ومدارسهم، وأزالوا عنهم الخوف والاضطهاد الذي وقع عليهم من بعضهم البعض لاختلاف مذاهبهم، فمارسوا عباداتهم بأمان واطمئنان.

حرمة الاعتداء

وأضاف: إن الذين دأبوا على ترويع الآمنين، وتكرار نفس الفعل، لم توقع عليهم أية عقوبة، فلا ضير أن يكرروا ارتكابها عدة مرات، ولا ينبغي لأحد أن يلوح بأن ما يفعله من أحكام الإسلام ومبادئه تجاه غير المؤمنين به، فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، توعد من يؤذي أصحاب الديانات الذين لهم عهد وذمة، أو يلحق بهم ضررا، أنه لن يراح رائحة الجنة،

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق