رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

«تغريبة القبطى»

فى « تغريبة القبطى الأخير» وهى أولى الأعمال الروائية لكاتبها الشاعر يوسف إدوارد وهيب، الصادرة عن دار «الدار» للنشر والتوزيع 2017، يتلمس وهيب جوهر اللحمة الوطنية التى تجمع المصريين رغم تنوع أمزجتهم وتعدد معتقداتهم الفكرية والدينية وما «عقل مراد»

إلا ذاكرة هذه الأرض، يملى رسائله وما عايشه وعاناه، على موريس، ذلك الخيال الذى قلّما تسمع له صوتًا طوال الرواية، هو يكتب ما يملى عليه من عقل القبطى ومن حمدية عبد اللطيف شقيقته فى الرضاعة وحبيبته التى لا يستطيع أى منهما أن يعلن هذا الحب، فى مدن وقرى تتواطأ فيها بعض الأجهزة مع المتطرفين من السلفيين والجماعات المتأسلمة طوال حقب من تاريخ مصر، وفى الأخير يدفع الوطن كله ثمن هذه المراهنات و الصفقات التى لم تتوقف حتى الآن، وكثيرًا ما تسمع على لسان قيادة أمنية ما أنه يجب على المسيحيين ألا يغضبوا السلفيين ببناء أو تصليح كنيسة على سبيل المثال.

يغوص عقل القبطى كاشفًا عبر آلامه الشخصية وإصابته بالعمى والصمم، ولا يتعنت كثيرا حين يضيع أولاده وزوجته ويبتعدون عنه بفعل الأسلمة الشكلية، وهو ما تجسده رسالته إلى ابنه «وديع»: التى تكشف كثيرا عن الأجواء التى تحيط بالشخصيات والمكتوبة بالعامية عمدا لتمتزج مع بساطة هذه الشخصيات على مافيها من عمق: «ابنى الحبيب وديع.. ببركة أم النور وقوة الشهيد مار جرجس مازلت قادرًا على الحياة، وخصوصاً بعد وفاة أمك، لا داعى لتذكرها الآن، ربنا قوى .. أرسلت لك يا وديع يا ولدى مع عمك مصطفى وهو راجع من الغيط قلت له: إن كنت ها تعدى من شارع الكنيسة القبطية يا أبو خيرى يا ريت تقول لوديع إن أنا مشتاق ليه، قل له يُطلّ على ولا أعرف يا ولدى ما الذى جعل الرجل ينزل من على حماره ويقف مبهوتاً وهو يتمتم «لا إله إلا الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، عليه العوض وطبطب عليَّ: يا عم عقل صلى ع النبى ولا مجِّد سيدك وحياة النبى لتهدأ، اقعد خد ولع السيجارة دى .. اللى غاظنى يا ولدى إنه قال لي: حاضر ها ابعته لك تتصور فاكرنى اتجننت، وقعد يبكى جنبي.. عملت له الشاى وواسيته، وقلت له: يا أبو خيرى دى حكمة ربنا، أنا ما قصرتش فى حاجة، كنت بحرم نفسى من كل شيء وأخليها لهم، لما كانت بتطلب حاجات الحريم كنت باروح البندر مشى على رجليَّ وأجيب لها أغلى حاجة، وبعدين ما تعجبهاش، وتروح باعته أختك الصغيرة هناء للحاج عبد العاطى من ورايا، وآخر النهار كان الحاج يبعت بنته زينب بالحاجات، أبص فيها ألاقيها من الرخيص، أطلع على الباب وأقول حكمتك يا رب».

شخصيات القصة متوائمة مع الأحداث بشكل كبير وينقل أجواء حقيقية من واقع الحياة المصرية الصميمة بآلامها وآمالها التى تبدو ساذجة وصغيرة ولكنها فيها حكمة القرون التى تترجمها شخصية المصرى البسيط فى حوارات يحسها من ينفذ إلى كنهها ولمن يريد أن يدرك هذه شفرة هذه الرواية التى أبدع فيها يوسف وهيب الذى صدر له منذ سنوات عدة مجموعات شعرية منها «البنات الرخام» و«المسروق فضاؤه».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق