«ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» (الروم 41)..إنه نبأعظيم من رب عظيم فى كتاب عظيم، ولم يتغير هذا الناموس منذ بدء الخليقة، ولن يتغير حتى قيام الساعة،
وكان قدر المصلحين، وفى مقدمتهم الأنبياء والمرسليون أن يعانوا ويصبروا على أذى الناس مهما كان شكل وحجم هذا الأذى الذى لم يسلم منه أفضل الخلق محمد صلى الله عليه وسلم بل ربما كان الأكثر معاناه حتى إن الأذى طال شرفه وبرأه الله من فوق سبع سماوات، ونحتاج فى هذه الأيام إلى أن نتذكر ونتأمل ونصبر، ونحن نتعامل مع فساد ضرب كل شيء واستفحل أمره وطال أمده، ولابد أن نعترف أننا جميعا بصورة أو بأخرى إلا من رحم ربى مسئولون عن هذا الفساد سلبا أو إيجابا، وتتمثل الصعوبة التى يواجهها الإصلاح حاليا فى حجم المستفيدين من الفساد والذين وطنوا أنفسهم ورتبوا حياتهم اعتمادا على ممارسة صنوف الفساد من رشوة وإهمال واستحلال المال العام والاعتداء على حقوق الآخرين، والأكثر خطورة أنهم يبررون ذلك بشتى السبل، وظهر لهم فلاسفة ومنظرون ومريدون لم يتورعوا عن استخدام كل الوسائل حتى الدين فينتقون منه ما يساعدهم على تكريس منهج الفساد وجعله أسلوب حياة، مستغلين جهل وحاجة كثيرين من الناس. وعلى الجانب الآخر تبدو محاولات الإصلاح على جديتها وصدقها، قاصرة عن تحقيق تقدم ملموس لأسباب كثيرة بدءا من أهميه التزام المصلح بالشرائع والأعراف والأخلاقيات حتى لا ينزلق إلى مستنقع التجاوزات مرورا بنقص الإمكانيات وتحلل أهل الفساد من كل الحدود وتجاوزهم كل الخطوط الحمراء، وهنا تبدو الحاجة ملحة إلى إيجاد آلية جديدة غير نمطية تهدف إلى القفز فوق مستنقع الفساد دون الخوض فيه بأمل إصلاحه وبناء مواقع جديده تتفق وتساير ما وصل إليه العالم من تقدم فى كافة المجالات وربما كان هذا ما يحدث فعلا فى مصر من مشاريع وإنجازات كثيره تخاطب المستقبل وإن كنا فى حاجة ملحة إلى اقتحام قوى لمشكلة التعليم مهما تكن التكاليف والتضحيات.
د. سمير قطب
أستاذ بطب المنصورة
رابط دائم: