رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

منتدى باكو العالمى يشخص مناطق ‫«‬القوة والمصالح‫»‬
من يعيد التوازن للعلاقات الدولية ‫..‬؟
إسماعيل سراج الدين‫:‬ لا بديل عن ظهور مشروع أممي جديد لتحقيق السلام فى العالم

عزت ابراهيم;
تشخيص ما يجرى على الساحة الدولية لم يعد مسألة ‫»‬هينة‫»‬ يمكن الإنتهاء منه فى اجتماع قمة على مستوى زعماء الدول الكبرى أو بترتيبات خاصة مثل ما حدث فى مرات عديدة لإعادة صياغة النظام الدولى فى الماضي‫.‬ فى باكو عاصمة أذربيجان اجتمعت نخبة من ٢٥٠ من الساسة والمفكرين الكبار من ٥٣ دولة ومنهم من يلعب دورا محوريا فى تشكيل السياسة العالمية الحديثة فى منتدى باكو العالمى الخامس‫.

من البداية، يقول‬ الدكتور إسماعيل سراج الدين، الرئيس المشارك لمركز نظامى جانجافى الدولي، ومدير مكتبة الإسكندرية، إن المنتدى يسهم إسهاما إيجابيا فى مساعى حل المشكلات العالمية‫ وتتمثل قوته فى حضور عدد كبير من رؤساء الدول من اسيا الوسطى ومنطقة القوقاز وشرق ووسط أوروبا. عقدت الدورة الحالية للمنتدى تحت عنوان‬ "مستقبل العلاقات الدولية: القوة والمصالح" ومن أبرز الحضور رؤساء لاتفيا وأالبانيا وجورجيا والجبل الأسود والسيد عمرو موسى والأمير تركى الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية‫.‬

فى الافتتاح ، تحدث إلهام علييف رئيس أذربيجان عن أهمية إعادة التوازن للاقليم من خلال مبادرات خاصة وقال نحن لا نعيش فى جزيرة معزولة ولكننا نتأثر بما يجرى حولنا ومنها قضية الهجرة والراديكالية فى الشرق الاوسط وأن واحدة من القضايا الملحة على الساحة الدولية هو إعادة التوجه الى التعاون الدولى مشيراً إلى أن ‫«‬فتح أسواق جديدة‫»‬ أمام أى إقتصاد يحتاج إلى علاقات دولية افضل مع مختلف البلدان‫.‬ فى الجلسة الأولي، قال مدير الجلسة إسماعيل سراج الدين إن مسألة إعادة التوازن الدولى تشكل تحديا كبيراً وما هو مطلوب بشكل عاجل ‫«بنظام دولي» يصل بنتائجه الى الجميع ويحمى نفسه من قدرة الناس العاديين على تدميره‫».‬ وهنا طرح سراج الدين سؤالا يلخص ما يستهدف المنتدى الوصول إليه‫:‬ كيف يمكن انشاء استقرار جديد‫؟‬ وهل ثمة قراءات اخرى ومقترحات بديلة لإشاعة الاستقرار ؟ هل هناك إمكانية لظهور مشروع أممى جديد لتحقيق السلام فى العالم ؟

وقد أبدى عمرو موسى تخوفه من تأثير العلاقات المضطربة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى على النظام الدولى وقال ‫»‬نحن نشعر بالقلق مما يجرى عبر الاطلنطي‫»‬، وأشار إلى أن نجاح أوروبا يصب فى مصلحة إعادة التوازن للعلاقات الدولية وهى مصلحة عربية ايضا‫.‬ كما أشار إلى القلق أيضاً من سياسات ترامب وعلامة استفهام كبيرة ازاء ما ينتويه فى الشرق الاوسط وقال إن المستقبل غير معلوم والنظام العالمى الجديد لا يعنى فقط إعادة النظر فى تركيبة مجلس الأمن ولكن فى نظرة مختلفة للأمم المتحدة ووظائفها تجاه القضايا العالمية، فالنظام القديم باق على حاله والأطراف المتسببة فى مشاكله باقية على حالها أيضا‫!‬ وقال موسى أن هناك إرثا كبير من المشاكل الدولية والمشكلة الأكبر اليوم أن الاتحاد الاوروبى بات يمثل مشكلة لمستقبله فيما تؤثر كل الأزمات الدولية على الشرق الاوسط وهو ما يستتبعه أن نفكر جديا أن كل مشاكلنا لن تحل الا من داخل العالم العربي.‬

فى كلمته، قال تركى الفيصل إن المشكلات الموجودة فى العالم فى الوقت الحاضر قد أدت إلى نشوب مخاطر ‫«‬جيوسياسية‫»‬ خطيرة بالإضافة إلى نشوب أزمات جديدة بما يصب فى المزيد من تعمق النزاعات والتوترات القائمة‫.‬ وأوضح الأمير الفيصل أن واحدا من أسباب حدوث كل هذا يعود كذلك إلى أن المنظمات والمؤسسات الدولية النافذة عاجزة عن تنفيذ مهامها كما يليق بها موضحا أن نظرة منتصرى الحرب العالمية الثانية كانت ترمى إلى إرساء السلام عبر العالم ولكن عدم اتخاذ خطوات من اجل الحيلولة دون المخاطر فى حينها وبالمستوى اللازم قد أثار مشاكل خطرة وعلى الرغم من تفاوت مستويات العولمة الحالية عما كانت عليه فى عهد الحرب العالمية الثانية تفاوتا كبيرا فإن العالم فى الوقت الحاضر تجرى إدارته إدارة سنوات «الحرب الباردة».

وعن النقاط الساخنة فى الشرق الأوسط تحدث مسئولون كبار فى جلسة خاصة عن الإرهاب من منظور تأثيره فى العلاقات

الدولية فقال زياد أبو عمرو نائب رئيس الوزراء الفلسطينى أن الفلسطينيين، رغم ما يعانونه فى قضيتهم، لم ينجروا الى مسألة مقايضة مواجهة الإرهاب مقابل وقف ارهاب الدولة، ولكن السلطة الفلسطينية تدين الإرهاب على طول الخط وهو موقف لم يقدره الكبار فى المنظومة الدولية حيث كان من السهل إستخدام الورقة السابقة ضد إسرائيل فى المحافل العالمية‫.‬ أما فرانكو فرانتينى المسئول عن ملف الهجرة والارهاب لمدة طويلة فى ايطاليا فقال يجب أن تكون هناك رؤية متسعة للحرب على الارهاب وسياسة أورو‫-‬متوسطية موحدة من اجل وقف تمويل الإرهاب وليس فقط التصرف بمنطق رد الفعل دون فعل حقيقي.

وأضاف أنه لا يوجد تبرير للإرهاب ولا مسمى لمن يقتلون باسم الرب على الاطلاق ولا يمكن نسبته الى الدين الاسلامى او غيره فهناك ضحايا من بينهم من يتم تجنيدهم للقيام باعمال الإرهاب‫.‬ وأوضح أنه فى مجال العلاقات الدولية يجب أن نفهم السياقات المختلفة للإرهاب حتى يمكن علاج الاسباب، ويجب أن تكون هناك عملية تحول من مجرد طرح قضايا ‫»‬التسامح‫»‬ الى ‫»‬الاحترام المتبادل‫»‬ و‫»‬الشراكة المتساوية‫»‬ بين الأطراف المختلفة‫ و‬تقوية الدول التى فى حالة ضعف لمواجهة خطر الإرهاب مثلما هو الحال فى ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي‫.‬ كما دعا فرانتينى إلى وقف وصول الموارد المالية الى الارهابيين بطرق غير مشروعة وكذلك الدعم النقدى المباشر ومنها الموارد المتوافرة من تجارة المخدرات وتهريب البشر . وأكد السياسى الإيطالى البارز أنه لا حوار مع من يدعمون الارهابيين او المنظمات المتورطة وهنا يجب أن تكون هناك شراكة عالمية لتبادل المعلومات‫ مشيراً إلى أن "‬الرؤية الشاملة تحتاج الى قيادة سياسية حقيقية‫».‬

والخلاصة فى منتدى باكو أن كل منطقة جغرافية لديها مشكلات معقدة والقضايا الإقليمية تحولت إلى حلقات متداخلة وتشد كل منطقة المناطق المجاورة مهما سعت إلى البقاء بعيدا عنها‫..‬ المنظمات الدولية لم تقم بدورها بعد فى خلق فضاءات جديدة لتعميق العمل المشترك لمواجهة قضايا ملحة مثل الإرهاب والهجرة غير الشرعية والأهم إنعدام التكافؤ فى دول العالم المختلفة بين من يملكون ومن لا يملكون‫.‬ رؤية باكو تقوم على بناء نظام جديد يقوم على المصارحة ومواجهة المشكلات المتفاقمة بعيدا عن أجواء الحرب الباردة التى عادت تطل برأسها فى ظل فوضى عالمية تهدد السلم والأمن الدوليين وتضرب فى مقتل مستقبل التعايش بين الشعوب ‫..‬ فمتى يصغى الساسة فى الدول الكبرى إلى تلك الرؤي؟‫!‬

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق