رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

السلام المفقود فى شرق آسيا!

> طارق الشيخ
تجربة صاروخية جديدة وأخرى نووية متوقعة ومناورة عسكرية كانت كفيلة بإحداث رجة قوية فى منطقة شرق وجنوب شرق آسيا القابعة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 على شفير بركان نشط من الخلافات السياسية والحدودية والعسكرية.

لقد قامت كوريا الشمالية فى الأسبوع الأول من مارس 2017 بتجربة صاروخية بينما أعلنت وسائل الإعلام الغربية عن تجربة نووية متوقعة حدث ذلك فى وقت تزامن مع بداية مناورات عسكرية خاصة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة فى المنطقة.

وكانت كوريا الشمالية قد أعلنت أن هذه التجربة الصاروخية كانت تدريبا على ضرب القواعد الأمريكية فى اليابان. وقطعت ثلاثة من الصواريخ الأربعة مسافة نحو ألف كيلومتر قبل أن تسقط فى بحر اليابان، داخل المنطقة الاقتصادية الخاصة باليابان.وأكدت التجربة للخبراء أن كوريا الشمالية تطور عقيدة هجومية واسعة النطاق لاستخدام الأسلحة النووية فى مراحل مبكرة من الصراع».

ونشرت الولايات المتحدة، غداة هذه التجربة، عناصر منظومة صواريخ «ثاد» المتطورة للدفاع الجوى فى كوريا الجنوبية.

وجاءت ردود الأفعال معبرة عن القلق. فقد أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عملية إطلاق الصواريخ الباليستية التى قامت بها كوريا الشمالية. وجدد دعوته إلى القيادة فى كوريا الشمالية بالامتثال التام لالتزاماتها الدولية. وأعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو أن إطلاق بيونج يانج للصواريخ يعتبر انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولى ويشكل تهديدا للأمن فى المنطقة.

وكان مجلس الأمن الدولى قد تبنى فى مارس 2016، القرار رقم 2270، الذى نص على فرض أشد العقوبات، ضد بيونج يانج، وتضمن القرار حظر توريد الوقود الصاروخى وكل أنواع الأسلحة التقليدية، بالإضافة لفرضه قيوداً على تصدير الفحم والحديد والذهب والتيتانيوم وبعض الخامات الطبيعية النادرة، وفرض عقوبات مالية ضد مصارف كوريا الشمالية، كما حظر مجلس الأمن الدولى على كوريا الشمالية المشاركة فى تطوير واختبار الصواريخ الباليستية على الرغم من تأكيدات بيونج يانج بأن أفعالها وتجاربها تلك، تقوم على حاجة البلاد لحماية نفسها من التهديدات العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية.وبالنظر إلى الموقف المتأزم فى شرق آسيا بوجه عام وفى شبه الجزيرة الكورية على وجه التحديد يمكن ملاحظة:

1ـ غياب الرغبة الحقيقية لدى الولايات المتحدة والصين فى فتح أبواب المحادثات المباشرة بين طرفى الصراع لتحقيق السلام.

2ـ وجود رغبة لدى الصين ـ الدولة الأكبر حجما وتسليحا فى المنطقة ـ فى القيام بدور المهيمن الإقليمى على كل من إقليمى شرق وجنوب شرق آسيا منذ خروج الإتحاد السوفيتى من المنطقة عقب نهاية الحرب الباردة.

وتستفيد الصين بشكل مباشر من التوتر فى الكوريتين لتحقيق مصالحها على المستوى الإقليمى من خلال القيام بدور عنصر التهدئة وضبط النفس بين كوريا الشمالية من جانب وكل من اليابان وكوريا الجنوبية من جانب آخر.

كما تستفيد الصين، عبر تبنى الإستراتيجية غير المباشرة لحماية مصالحها فى مواجهة الولايات المتحدة، من القيام بدور الوسيط المؤثر فى العلاقة المتوترة بين الولايات المتحدة وحلفائها فى الإقليم من جانب وكوريا الشمالية من جانب أخر، خاصة بعد وصول رسائل «تحذيرية» محددة إلى واشنطن مفادها أن أى تجاوز تقوم به واشنطن للخطوط الحمراء فى العلاقات على المستوى التجارى والعسكرى مع الصين سيعنى تحمل واشنطن تبعات ذلك التهور.

وبالفعل عبرت الولايات المتحدة الخطوط الحمراء الصينية بالتزامن مع التجارب الكورية الشمالية عندما أعلنت القيادة الأمريكية فى المحيط الهادئ فى السابع من مارس بدء نشر منظومة «ثاد» المضادة للصواريخ فى كوريا الجنوبية، لردع بيونج يانج وهو الأمر الذى يزعج كوريا الشمالية وسبق أن حذرت منه الصين بشكل مباشر لما لمسته من تهديد لقدراتها غير التقليدية وتأثير على توازن القوى فى الإقليم. كما عبرت وزارة الخارجية الروسية عن قلق موسكو إزاء بداية نشر أنظمة الدفاع الصاروخية الأمريكية فى كوريا الجنوبية.

وقد بدا الموقف الصينى بوضوح عندما قدمت إقتراحا للحد من التوتر فى شبه الجزيرة الكورية يتضمن وقف كوريا الشمالية نشاطها النووى والصاروخى مقابل تعليق الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مناوراتهما العسكرية. وقال وزير الخارجية الصينى وانج يي : «تقترح الصين كخطوة أولى فى نزع فتيل التوتر فى شبه الجزيرة الكورية، وقف كوريا الشمالية تجاربها النووية والصاروخية مقابل وقف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مناوراتهما العسكرية فى المنطقة، بما يعنى تعليقا مقابل تعليق» وهو تصريح يلوح بامتلاك الصين القدرة على تحقيق التوازن والإستقرار الإقليمى. ولكن رفضت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكى هالى، مقترح الصين!

3 ـ تستغل الولايات المتحدة «إطالة» أمد الصراع الكورى ـ الكورى فى المنطقة لفرض تواجدها العسكرى على مجموعة من الدول ـ كوريا الجنوبية واليابان ـ والإقليم بأسره. فالنزاع الكورى ـ الكورى فى حالة حرب لم تنته منذ خمسينيات القرن الماضى، وهى فترة زمنية طويلة الأمد لصراع عسكرى مستمر لما يمثله ذلك من إستنزاف مستمر لطاقات وقدرات المنطقة وعامل طويل الأمد من عوامل عدم الإستقرار فى العلاقات البينية بين دول الإقليم. وقد بدت ملامح الموقف الأمريكى المتزامنة مع التجارب الكورية الشمالية من خلال مايلى:

نشر منظومة صواريخ «ثاد» فى كوريا الجنوبية، ما أزعج الصين وروسيا قبل كوريا الشمالية. كما أعلنت وسائل الإعلام ما ورد فى بيان عن البيت الأبيض عقب مكالمتين هاتفيتين أجراهما الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى والقائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية هوانج كيو آن حيث أكد ترامب لمحادثيه اتخاذ إدارته جميع الخطوات اللازمة لتعزيز قدرات الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية على ردع بيونج يانج والوقاية من صواريخها الباليستية، باستخدام كافة الوسائل العسكرية الأمريكية المتاحة لذلك.

وهكذا تستمر كوريا الشمالية من جهتها فى تطوير قدراتها العسكرية غير التقليدية المتمثلة فى برنامجها النووى والصاروخى متجاهلة قرارات مجلس الأمن، بينما تستمر الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية فى إجراء المناورات العسكرية واسعة النطاق وممارسة الضغط على بيونج يانج. ولكن من المؤكد أن مصلحة شعوب المنطقة ككل والشعب الكورى فى الشمال والجنوب تقول بأهمية التخلى عن الصراع وتحريك قطار السلام الذى تأخر عن موعده لأكثر من 64سنة!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق