فى اجتماعه مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل اكد الرئيس عبد الفتاح السيسى ان مصر تقف بجانب الجيوش الوطنية فى المنطقة، وذلك لاستعادة الدول مرة اخرى واخراجها من الازمات وحالة الاقتتال الداخلي، ولم تكن تلك المرة الاولى التى قالها الرئيس السيسى ولكن صرح بذلك اكثر من مرة وطالب العالم بدعم الجيوش الوطنية، وبخاصة فى ليبيا وسوريا والعراق .
وفى البداية اذا نظرنا الى تعريف مفهوم الجيش الوطني، فهو مجموعة من الافراد هدفهم حماية حدود الدولة وامنها القومى ومقدساتها، والمساهمة فى التنمية الشاملة للدولة، ومواجهة الكوارث الطبيعية والبيئية، وصد اى عدوان خارجي، كما ان هؤلاء الافراد ليس لهم توجه سياسى أو دينى أو اثني، وتجمعهم فقط راية الوطن .
و ينطبق هذا المفهوم على بعض الجيوش العربية التى لها عقيدة قتالية، وكان اكبر دليل على توحد الجيوش العربية فى فكرها وعقيدتها خلال حرب اكتوبر المجيدة، عندما ارسلت بعض الدول عناصر من قواتها للقتال بجانب الجيش المصرى على الجبهة، لمحاربة اسرائيل، واستعادة الارض والكرامة.
لقد ايقنت القوى الغربية انه لايمكن اختراق الدول العربية فى ظل وجود جيوش عربية متحدة مع بعضها البعض، أو على الاقل هناك رابط يربط فيما بينهم، كما انه لا يمكن الضمان الكامل لأمن اسرائيل فى ظل وجود تلك القوات العربية، فوضع الهدف الاول،بتدمير الجيوش العربية الواحد تلو الآخر، وبدأت الخطة تنفذ عندما اقنعت الولايات المتحدة الامريكية صدام حسين الرئيس العراقى الاسبق باحتلال دولة الكويت- عن طريق السفيرة الامريكية فى بغداد- فما كان من صدام الا ان بلع الطعم وهاجم واحتل دولة الكويت وكانت تلك البداية فى تنفيذ المخطط والبدء فى تدمير اول جيش عربى وطنى بالمفهوم الشامل.
فبعد معركة عاصفة الصحراء فى يناير 1991، وانسحاب القوات العراقية الى حدودها، تم البدء فى تنفيذ حرب استنزافية على الجيش العراقى لتدمير قدراته بالكامل واستمرت تلك الحرب 12 عاما حتى عام 2003 واحتلال العراق من قبل القوات الامريكية والبريطانية، وجاءت الصدمة من بول بريمر او حاكم امريكى للعراق بعد احتلالها وقراره بحل الجيش الوطنى العراقى فى سابقة لم تحدث فى التاريخ ان يتم استبعاد المدافعين عن أرض الوطن وترابه وحمايته، والبدء فى تأسيس جيش جديد بعقيدة جديدة يتم تدريبه على أيدى عناصر الاحتلال، الامر الذى هز بقوة اركان الدولة العراقية وافقدها السيطرة على الاوضاع المتردية ومواجهة الجماعات الارهابية حتى وقتنا هذا.
وعندما تأكدت الولايات المتحدة ان المواجهات العسكرية مع الجيوش النظامية الوطنية وتدميرها تأخذ عشرات السنين فتم وضع خطة مشروع الشرق الاوسط الموسع، والذى يهدف فى المقام الاول لتدمير الجيوش الوطنية العربية عن طريق خلخلة الجبهة الداخلية للدول وادخال الجيوش فى صراع مع الشعب، ومن ثم البدء فى تكوين ميليشيات مسلحة لخوض حرب بالوكالة ضد الجيوش الوطنية.
واذا اخذنا فى البداية الجيش الليبى فخلال ثورات الربيع العربى سارعت بعض الدول العربية الموالية للولايات المتحدة والغرب والمشاركة فى تدمير بعض الدول بالضغط على جامعة الدول العربية فى اصدار قرار للمطالبة بتدخل حلف الناتو بشن هجماته على الجيش الليبى وتدميره وتسليح عناصر المعارضة، وكانت قطر الدولة العربية قد شاركت فى الطلعات الجوية الاولى لتدمير الجيش الليبي، وكانت تلك القرارات هى البداية لتشكيل ميليشيات عسكرية فى ليبيا لمواجهة الجيش الذى يسعى فى المقام الاول لحماية ارض بلاده، كما فتحت المجال لتكون ليبيا ارضا خصبة للجماعات الارهابية التى اتخذت من ليبيا ملاذا آمنا لتنفيذ اهدافها.
وايضا بالنسبة لسوريا فقد تم دعم الجماعات الارهابية المسلحة من الخارج بالسلاح والعتاد، وادخال عناصر ارهابية عبر حدود الدول المجاورة حتى وصل عدد الجنسيات التى تقاتل الجيش السورى على الاراضى السورية اكثر من 80 جنسية لا يعلم احد اسباب وجودهم، الا انه وبعد 6 سنوات كاملة من الحرب الضروس التى يخوضها الجيش السورى الا انه متماسك لانه يقاتل من اجل عقيدة فهو جيش وطنى يدافع عن تراب وطنه.
وبالنسبة لمصر وبعد ثورة يناير حاولت بعض القوى الداخلية وبخاصة جماعة الاخوان الارهابيةوبعض التيارات الاخرى ذات التوجهات الغربية ادخال الجيش فى صراع مسلح مع ابناء الشعب المصري، الا ان القيادة العسكرية وقتها كانت تعلم جيدا حجم المؤامرة على الدولة المصرية، واستطاعت ان تفوت الفرصة على تلك العناصر اكثر من مرة، وتم خلال عملية الفراغ الامنى ادخال عناصر ارهابية الى ارض سيناء تحت مسمى تنظيم انصار بيت المقدس ليكون هذا التنظيم الشوكة فى ظهر الجيش المصري، واعتباره جيشا موازيا لعناصر الاخوان المسلمين، الا ان الجيش المصرى بعد ثورة 30 يونيو استطاع ان يحاصر تلك العناصر فى سيناء وتكبيدهم خسائر فادحة فى المعدات والارواح، وفى نفس الوقت حقق الامن للدولة المصرية دون الدخول فى صراعات او وجود ميليشيات مسلحة داخل الدولة.
لقد حاول الغرب بمساندة دول عربية واقليمية تدمير الجيوش العربية، وذلك من خلال دعم تنظيمات اجرامية مثل تنظيم داعش الذى بدأ نشاطه فى العراق وسوريا للبدء فى خوض حرب بالوكالة ضد جيوش المنطقة كما تم نقل عناصر منه الى ليبيا معتقدين ان بتلك الجماعات يمكن ان تتحقق النتائج المطلوبة ضد الجيوش الوطنية، الا انه على مر التاريخ لم يحدث ان استطاعت ميليشيات مسلحة التغلب على الجيوش الوطنية، لاننا كما ذكرنا ان الجيوش الوطنية تمتلك عقيدة واضحة لا يمكن ان تحيد عنها بدليل الدور الذى يلعبه الجيش الليبى الآن فى خوضه معارك ضارية ضد العناصر الارهابية ومحاولاته تطهير ليبيا وايضا الجيش السورى والعراقي.
ان تدعيم الجيوش العربية التى تقاتل الآن واجب قومى من اجل استعادة الاستقرار الى المنطقة، وايضا لدحر الارهاب الذى صنعته الولايات المتحدة ومعاونوها من الدول العربية لتفكيك المنطقة.
[email protected]
رابط دائم: