رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

حكايات ما بعد الرحيل «2» شباب.. مهمته العطاء
قوافل طبية من «الداخلية» والهلال الأحمر لتقديم الخدمات

تحقيق : هبة حسن ــ نرمين قطب ــ هبة جمال الدين (تصوير ــ محمد عبده)
أبناء الوافدين من سيناء يمرحون مع المتطوعين ببيت شباب الإسماعيلية
175 فردا هو عدد الذين تم تسكينهم بنزل الشباب بالإسماعيلية فحينما بدأ توافد الأسر المصرية على المدينة تم فتح أبواب بعض الأماكن الحكومية لاستقبالهم وهى نزل القرش التابع لوزارة الشباب والرياضة ومبنى التأهيل الاجتماعى التابع لوزارة التضامن.

هنا الوضع يختلف كثيرا… فربما هو الأفضل من حيث الظروف الحياتية، حيث تقيم الأسر فى غرف النزل وتتحمل وزارة الشباب إقامتهم الكاملة، كما تم توفير قافلة طبية من وزارة الصحة ووزع وزير الصحة كروتا على المواطنين ليدخلوا للمستشفيات للعلاج.
التقينا أحد الشباب المتطوعين من الإسماعيلية ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ شارك فى استقبال الوافدين داخل الكنائس منذ اللحظات الأولى، وأوضح أنه منذ بداية الأزمة شرع فى جمع بيانات الوافدين وتنظيمها لتكوين قاعدة بيانات تسهل عملية التسكين وتقديم الاحتياجات المطلوبة وهو بالفعل ما سأل عنه المسئولون حينما بدأوا بالتوافد على الإسماعيلية فى الأيام التالية للأزمة, كانت البيانات الوحيدة المتوافرة تلك التى جمعها هذا المتطوع !! تم الاعتماد عليها فى التسكين وكذلك مساعدة الأطفال للالتحاق بالمدارس
ويقول: بدأ التسكين بنزل الشباب فى اليوم التالى لوفود الأسر ووصل عدد الأفراد فى النزل الى 175 فردا يضمون 33 طفلا فى المرحلة الابتدائية و16 طالبا فى المرحلة الإعدادية و18 طالبا فى الثانوية العامة والفنية.
ويوميا يوجد تحديث للبيانات لاستمرار توافد الأسر وأعتقد أن النزل أصبح الآن مكتمل العدد ولكنه مازال أفضل فى الإقامة من نزل القرش الذى تم افتتاحه خصيصا بعد أن كان مغلقا لعدة سنوات.
وقد أمضى20 طفلا من الوافدين يومهم الدراسى الأول بمدارس الإسماعيلية، منهم «نجاة» التى أبدت إعجابها بالمدرسة واستقبال المدرسين والطلبة لها، وقالت:استلمت الكتب كلها وأنتظر كتاب الدين المسيحى ولا أرغب فى استكمال العام الدراسى هنا، أريد العودة لمدرستى وأصدقائى.. قطع حديثنا زميلها بالصف الثانى الإعدادى «جرجس» الذى أخبرها عن إعلان النزل عن درس رياضيات بعد قليل.
وتقول ريهام عبد المطلب متطوعة من فريق الدعم النفسى إن أكثرهم تأثرا بالأزمة هم الأطفال ثم الشباب لأن الأطفال بطبيعة الحال لديهم حساسية مفرطة تجاه الناس والبيئة فهناك الكثيرون منهم يرفضون الذهاب إلى المدرسة لأنها مختلفة وهم يفتقدون أصدقاءهم لذلك كان علينا أن نساندهم بتقديم الدعم النفسى حتى يمروا من الأزمة بخير وسلام.

أمام البحر
فى ساحة واسعة أمام البحر جلست عشرات الأسر تراقب المياه الجارية فى صمت لعل البحر يغسل همومهم التى أنهكت أجسادهم.
نجوى فوزى التى قتل ابن أختها ووالده فى ليلة واحدة أمام أعين شقيقتها تروى ما حدث بمرارة قائلة: فى الساعة العاشرة والنصف مساء قامت مجموعة من المسلحين بالطرق على باب شقة أختى بعنف وبالرغم من تحذيرات شقيقتى لابنها مدحت ألا يستجيب للطارق إلا أنه فور أن فتح الباب قيدته جماعة مسلحة ملثمة، وأجبروه على السير أمامهم داخل منزله وبدون أى كلام أطلقوا الرصاص على رأسه أمام والدته ، وعندما صرخت شقيقتى كمموا فمها، وكان زوج شقيقتى بداخل غرفته وما إن سمعها تصرخ ، خرج ليجد ابنه ملقى على الأرض غارقا فى دمائه ولم تفلح توسلات ودموع الزوج المسن الذى تخطى 66 عاما فى منع الإرهابيين من قتله.

ليست المرة الأولى
التقينا شابا ثلاثينيا وزوجته من الذين فروا مع أسرهم من العريش ورفض معظمهم التصوير أو ذكر أسمائهم فهم يأملون فى العودة ولا يرغبون فى المزيد من المشاكل أو ربما الانتقام من العناصر الإرهابية.
قالت الزوجة: انتقلت أسرتنا من المحلة للعريش منذ عشرين عاما حينما كانت مدينة السياحة، ووجد أبى فيها فرص عمل وكون أسرته والآن نخرج منها خائفين ومطرودين، لم تكن المرة الأولى التى نخرج فيها من العريش ففى عيد الفطر عام 2015 تم اختطاف رجل مسيحى وطالبوه بتوصيل رسالة لكافة مسيحيى العريش «أن يرحلوا» فهم لا يرغبون فى وجود أى مسيحى أثناء العيد فخرجنا وعدنا بعدها بعدة أيام، ولكن الوضع مؤخرا كان مختلفا فالهجوم على المنازل وقتل الرجال أصابنا بالرعب حتى من الرحيل بعد أن وزعوا منشورات على السائقين تمنعهم من نقل المسيحيين وتهددهم بالقتل، ولكن فى الكمائن تم تسهيل مرورنا وكذلك على المعدية»
وبذعر شديد يصف ماهر ابو الخير المشاهد الأخيرة والذكريات غير البعيدة التى حدثت قبل نزوحهم من العريش بـ 4 أيام عندما وجد أحد جيرانه قتل وهو جالس أمام محله يتصفح التليفون المحمول الخاص به وآخر قتل وسط صخب الحياة بالسوق فيقول تخيلت احد ابنى مكان هذا الشاب أو ذاك الرجل، ولدى اللذين أفنيت عمرى فى تربيتهما ويساعداننى على المعيشة فأنا رجل تخطيت الـ 56 عاما ومريض بالكبد وحاليا أحمد الله أننى انتهيت من الجرعة الاولى من دواء السوفالدى وباقى لى مرحلتان وكان أبنائى وزوجتى يساعدوننى فى العمل نظرا لظروف مرضى قبل الحصول على العلاج وعلى الرغم أننى بائع متجول لبعض الخضراوات بعربة كارو فإن ظروفى المادية كانت معقولة وأمتلك منزلا كبيرا وأرضا وأضاف لقد منعت إبنى الأصغر وعمره 20 عاما من العمل فى أى مشاريع للجيش فالإرهابيون لديهم معلومات عن جميع أهل العريش وعندما يعرفون أن اى شخص يعمل لدى الجيش أو الشرطة سواء بالمشاركة فى مشاريع أو بالإدلاء بأى معلومات يقومون بتصفيته على الفور سواء مسلما أو مسيحيا.

القوافل الطبية
لم تدخر الدولة جهدا بجميع وزاراتها لتقديم الدعم الكامل لأهل العريش الوافدين للإسماعيلية فأمام أبواب نزل الشباب كانت هناك سيارتان تابعتان لوزارة الداخلية قطاع الصحة بقيادة اللواء دكتور حسين عبد الحميد نائب مدير قطاع مستشفيات الشرطة بمدينة نصر الذى أفادنا بأن سيارات القوافل الطبية موجودة منذ بداية الأزمة لتقديم المساعدات الطبية من أدوية أو الكشف على المرضى ونقل من يحتاج لرعاية طبية متقدمة إلى المستشفى لتلقى العلاج اللازم أو إجراء اى جراحة.
وبجانب القوافل الطبية شارك فريق من الهلال الأحمر المصرى الذى يحرص على الوجود فى جميع الأزمات بشكل سريع وفعال، يقول الدكتور «أحمد سلواوى» مسئول فرق الطوارئ والإسعافات إننا فور علمنا بحضور الأسر القبطية من العريش إلى هنا توجهنا إلى نزل الشباب لإجراء الفحوصات الطبية ولاحتوائهم فى الأزمة واحتضانهم وتقديم الدعم النفسى لهم من كبار أو شباب أو حتى أطفال ومشاركتهم الأزمة وتوضيح ما يجب أن يفعلوا فى المرحلة المقبلة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق